وسط حالة من الذهول والاستغراب سقطت الرمادي بيد داعش بعد ان كانت الابواق الاعلامية العراقية التابعة لايران تطبل وتزمر بأن داعش تم دحره وانه يتراجع وانه يلفظ انفاسه الاخيرة امام تقدم الميليشيات الطائفية التي لايمكن ان يُنتج النظام الطائفي في بغداد غيرها وبمباركة من سيدتهم ايران التي تتنفس الطائفية بدل الاوكسجين. عندما سقطت الموصل بدأت القيادات العراقنية بمعنى “العراق ايرانية” تتبادل الاتهامات عن اسباب هذا الاندحار الكبير في الموصل ونحن المتابعون من الخارج لم نعرف حقيقة الامور فتارة يقولون ان المالكي تآمر على الموصل لاغراض انتخابية وتارة يقولون حصلت خيانات، وتارة يقولون انها لعبة امريكية وخاصة لاتباع مذهب المؤامرة الكونية ومناصريه، لكن الحقيقة الوحيدة الماثلة امام اعيننا هي واحدة فقط، الا وهي ان داعش يتقدم على الارض. السؤال الان هو ماذا بعد الرمادي؟ جوابي لهذا السؤال هو ان التسريبات الاعلامية تؤكد تحشد الحشد الطائفي العراق ايراني في مدينة الحبانية والكثير منا شاهد هذا الحشد الطائفي او مجموعة منهم على اليوتيوب وهم يدخلون تكريت ويسبون ويشتمون الخليفة العادل عمر بن الخطاب قاهر الفرس والروم وفاتح القدس الذي دمر جبروت الطغيان الفارسي المجوسي يوم القادسية بفضل الله ونصره، ثم سبابهم لامهات المؤمنين مع انه لم يُعرف ان علياً سبّها او سب عُمر يوما وحاشا لله ان تكون اخلاق ال البيت بهذا الشكل المثير للشفقة والاشمئزاز، وانا متأكد ان هذا الحشد الطائفي لن يصمد حتى لو وقفت معه امريكا وكل العالم لسبب واحد وهو ان داعش هي غضب الله على الطائفيين والظَلَمة الذين ظلموا وسرقوا وعاثوا في الارض الفساد منذ سقوط بغداد على يد المعتوه بوش والى الان، فأنظروا الى هذه المجموعة من المتاجرين بدماء العراقيين حاضرهم ومستقبلهم وكيف انهم فشلوا في بناء جيش عراقي غير طائفي يمثل كل العراقيين فهذه الشلة من الطائفيين لايمكن ان تأتي بخير لا للعراق ولا لجيرانه وسأذكر امثلة بسيطة على ذلك: عندما قررت امريكا اعطاء طائرات الاف ستة عشر للعراق تهافت الطائفيون على مذهب الطيارين اذ اشترطوا ان يكون الطيارون شيعة والكوادر الارضية المساندة ايضاً بالرغم من ان الامريكان قالوا لانثق بالشيعة بصراحة لانكم ستبيعون هذه الاسرار العسكرية لايران، الا ان امريكا رضخت في النهاية لارادة ايران واعطت الطائرات لهم كما ارادوا، وهذا ليس غريباً على امريكا فأمريكا تعاني من اقسى انواع انفصام الشخصية “الشيزفرينيا”، وتخبطها الواضح منذ تدميرها للعراق والى الان خير مثال على هذا الانفصام والتخبط. المثال الثاني عندما اعطت امريكا ملف الصحوات وكان عددهم ثمانون الفاً حرسوا المناطق السنية وكانوا قوة تبسط الامن والاستقرار في هذه المناطق الا ان السيد الايراني وجوقته الموسيقية في بغداد وعلى رأسها المالكي قرروا ان يشطبوا الصحوات من سجلاتهم بمجرد ان انسحبت امريكا وحولت ملفهم للحكومة العراقينية، ووعد المالكي هذه الالوف المؤلفة بالرواتب وتحويلهم للسلك المدني الا انه اخلف وعده وهذا حاله في كل مرة، يعد ويخلف وهذه هي احد صفات المنافقين، اضافة للصفات الاخرى للمنافقين التي ذكرها الحديث وهي اذا وعد اخلف واذا اؤتمن خان واذاعاهد غدر ومنهم من يضيف صفة اذا خاصم فجر. والسؤال الان للسيد المالكي هو اين الصحوات يا فخامة الدوق، فربما سيقال قتلتهم داعش او انهم “تابوا” وانظموا الى داعش فهل منكم احد سيلومهم على ذلك، بل نقول هنيئاً لنوري المالكي نضرته الثاقبة في فهم الامور وسياساته “العادلة” التي دمرت العراق اكثر مما هو مدمر. المثال الثالث وحصل قبل ايام والامثلة كثيرة حول بطولات هذه الحكومة على الصعيد الطائفي بل ان العراقينين نجحوا ايما نجاح على المستوى الطائفي، ولم يسبقهم الى ذلك احد قط، واقول قبل ايام شاهدت على احد شاشات الفضائيات العراقية حديثا فيه لوم بين منتسب لاحد اجهزة الامن الشيعة ومقدم برنامج يعرفه العراقيون جيدا ولن اذكر اسمه، فقال المنتسب ان هناك خيانات من اطراف سنية كانت مع الحشد واتهم ضباطاً سنّة بأنهم كانوا على اتصال مع داعش، بل ووصلت الاتهامات الى وزير الدفاع شخصيا الذي ينتمي للطائفة السنية، بالطبع كل فشل الحكومات المتعاقبة منذ سقوط بغداد والى الان يحاول الطائفيون القائه على العرب السنّة وتحميلهم الذنب كاملا، فقال مقدم البرنامج “عزيزي هذه افعى بيت يجب ان نراعيها” ويقصد هذا العديم الاخلاق موظفاً حكوميا شريفا هو وزير الدفاع خالد العبيدي الذي يعتبر من انزه الوزراء في العراق حالياً، اضف الى ذلك تفاهات احد البرلمانيات التي لاتستحق ذكر اسمها اذ دائما تتحدث بنفَس طائفي بل واتهمت اخيراً السيد السيستاني بالتساهل مع اهل السنّة، ولا ادري حقيقة ماذا تريد هذه المسكينة، هل تريد السيستاني ان يطلق فتوى لقتل اهل السنة في العراق؟! ربما هذا سيكون احد الحلول التي تريدها هذه النائبة، وتخيل بلد سياسيوه انغمسوا لهذا العمق بالطائفية، فماذا سيكون مصيره يا ترى؟! كلنا يعلم ان المعركة القادمة بين داعش والقوى التي جمعتها الحكومة الحالية تعتبر معركة مصيرية للعراق كله، ففشل هذه القوات بمختلف مسمياتها تعني سقوط بغداد بلا شك، وقد حذر رئيس حركة بدر، العامري، من هذا قبل ايام عندما قال لحشد من الناس في النجف “انكم اذا لم تدعموا الحشد الشعبي فأن العراق كله في خطر”، وهذا الامر نعرفه جيدا ويعرفه الجميع، لكن ربما نسأل الاخوة في الحكومة لماذا اطلقتم اسم “لبيك يا حسين” على عملية تحرير المناطق السنية، عفوا اقصد مناطق اتباع يزيد او النواصب كما يسميهم علماء ايران ومن تبعهم من علماء العراق من الشيعة، ولا اريد ان اخوض في مواضيع قديمة حول الخلاف بين الامام علي بن ابي طالب رحمه الله الذي انحدر من نسبه الشريف وبين معاوية رحمه الله والذي قال علي نفسه عن تلك المعركة ” ربنا واحد وديننا واحد ولانستزيدهم بأيمان ولايستزيدوننا بأيمان، الا ما اختلفنا فيه من دم عثمان” واقول للبسطاء المغرر بهم، نعم ايها الاخوة ان علياً قال هذا واعتبر نفسه من نفس الدين والمنهج الذي ينتمي اليه معاوية، بل وازيدكم علماً، ان يزيد والحسين كانا مسلمين على تفس المذهب والذي هو الكتاب والسنة المحمدية والخلاف لم يكن مذهبيا بل كان سياسيا بحتا، ولذلك لاتجد اسماء الائمة وتسلسلهم في نهج البلاغة ولاتجد اسم المهدي في نهج البلاغة، كما ان علياً كان يدفع الزكاة بل لم يُعرف انه امر احداً بدفع الخمس بل كان يأخذها من الغنائم فقط، وكانت مساجد الكوفة تصلي التراويح ايام علي، ولا اريد ان ازيدكم لتعلموا اننا الاحناف والشوافع والمالكية والحنابلة على منهج الرسول وعلي والصحابة والاية التي تقول “والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم بأحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه، وأعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها ابداً، ذلك الفوز العظيم”، ولا اعتقد ان عاقلا يحتاج لتفسير من هم المهاجرين والانصار، لانهم معلومون للجميع وعلى رأسهم ابو بكر صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام في الغار “اذ يقول لصاحبه لاتحزن ان الله معنا”، وعمر حبيب ووزير ونسيب رسول الله وزوج ام كلثوم بنت علي بن ابي طالب والخليفة الثاني وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة رحمهم الله جميعا، واخيرا فمتشدديكم يعلمون اننا نتبرأ من يزيد وممن قتل الحسين كل يوم وكل ليلة ونصلي على ال البيت في كل صلاة ليس تملقاً لكم بل لانه ديننا الحنيف الذي امرنا بحب ال البيت، كما وعدم الغلو فيهم. هذا تذكير فقط لاولي الالباب لان الشحن الطائفي الان في العراق على اوجه ويريدون التفضل علينا بانهم يقبلوننا في “وطنهم العراق” واننا عالة عليهم او سكّان من الدرجة العاشرة يتفضلون علينا بالوزارة او المناصب، وهذا امر غير مقبول اطلاقاً. اذن القول ان العراق واحد لا اساس له حقيقة ونحن نعتز بالشيعة العرب غير الطائفيين وهم كُثر، ولكن الغلبة والاعلام والاموال ليست بيد المعتدلين بل بيد المتشددين ولذلك اصبح الحديث عن عراق واحد اسطوانة مشروخة حقيقة، وقلتها من زمن واقولها الان ان المطلوب ليس اقاليم وحسب بل تقسيم كما حصل مع يوغوسلافيا لكي يعيش الجميع بسلام كما يوغوسلافيا الان تعيش بسلام، الا ان التمسك بالمحافظات السنية ورائه ماورائه، واهم ذلك هو خوف ايران وتوابعها من ان تقوى شوكة اهل السنة ويستولون على العراق، مع ان هذه اكذوبة لا اصل لها، ولذلك لم يبنوا ولم ولن يسمحوا لبناء قوة عسكرية واستخبارات وشرطة محلية في المناطق السنيّة، وستظل هذه المناطق فريسة للتهجير والقتل وعدم الاستقرار مادام المجتمع الدولي يتفرج ومادام العرب يتفرجون ومادامت الثقة معدومة بأهل السنّة، ولم يبق للمضلومين والمهمشين في العراق من مختلف الطوائف الا ان يقولوا “ربي اني مغلوب فأنتصر”.