عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

بطولة الحشد الشعبي بقلم: عدنان الزرفي

المقالات 13 يوليو 2015 0 245
بطولة الحشد الشعبي بقلم: عدنان الزرفي
+ = -

شكل انطلاق فصائل الحشد الشعبي واندفاعها الباهر نحو سوح القتال ضد العصابات الإرهابية انعطافة واضحة في مسار العمليات العسكرية والأمنية تستحق الدراسة والتأمل لما شكلته هذهِ الانعطافة من تغيرات ستراتيجية في الاتجاه العام للجهد العسكري والأمني, فالحشود الشعبية التي انتفضت في لحظة تاريخية حرجة ومصيرية استجابة لنداء المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف وللإرادة الداخلية في العمق الاجتماعي, هذه الحشود أعادت صياغة مسار المعارك المحتدمة, وأعادت بناء الروح المعنوية القتالية وضخها بزخم جديد وقوي انعكس على التغيرات التي شهدتها أحداث الحرب على الإرهاب من جرف النصر إلى آمرلي وبيجي وغيرها من المنازلات التي استطاعت فيها القوات العسكرية والحشد الشعبي من كسر شوكة الإرهابيين ودحرهم.
كان لفصائل الحشد الشعبي دور في تغيير موازين القوى لصالح قواتنا العسكرية والأمنية فدخولها أرض المعركة شكل فاصلة تاريخية بين حالتين من النكوص والاستجابة القوية حققت معها قواتنا والحشد الشعبي انتصارات لا يمكن إلا ان نعدها إنموذجاً للروح الحماسية الجديدة التي سادت المجتمع العراقي جميعاً, فالحشد الشعبي أصبح منقذاً لمدن استنجدت به ضمن إعادة بناء اللحمة الوطنية العراقية, فليس من الغريب أن تنطلق الأصوات من أهالي الرمادي طالبةً بتدخل قوات الحشد الشعبي إلى جانب القوات العسكرية وعشائر المدينة للذود عنها, وإيقاف الهجمة الداعشية البربرية على عشيرة البو نمر على سبيل المثال.
جاءت انتصارات الحشد الشعبي بمصاحبة قواتنا العسكرية لتدخل لأرواحنا فرحاً غامراً وشعوراً عارماً بالفخر بأبطال من مختلف الأعمار يتمتعون بإرادات صلبة, وإيمان متماسك بما يلقى عليهم من مهام فدائية وصعبة لعل أهمها الدور الاستشهادي في تقدم أفواج الحشد الشعبي لاقتحام المدن والقرى وتحريرها ومن ثم تسليمها لقوات الجيش العراقي، وهذا ما حصل على سبيل المثال في مناطق العظيم والسعدية, إذ كانت أفواج الحشد الشعبي رأس حربة في عمليات التقدم والتحرير واستعادة الأرض المغتصبة, ويمكن القول ان الدور الفاعل والمؤثر للحشد الشعبي أوجع رؤوساً وأغضب أرواحاً لم تكن تتوقع استعادة روح المبادرة بل إنها لم تكن تتمنى أن تطهر الأرض المغتصبة من قبل العصابات الإرهابية، فأخذت تثير الإشكالات والأقاويل الباطلة متهمة أبطال الحشد الشعبي الذائدين بأرواحهم عن أرض الوطن, والمقاتلين الأشداء لقوى الشر باتهامات فارغة هدفها التشويش على هذهِ الانتصارات وإيقاف التقدم المذهل للقوات العسكرية وفض الارتباط المصيري بين الجيش والحشد الشعبي, ورغم ان الحرب وفي كل مكان بالعالم وعلى مدار التأريخ لا بد أن تشهد تجاوزات هنا وهناك إلا أن قوى الحشد الشعبي – وهو ما أخبرنا به قادته الأبطال – حاولت بكل ثبات عدم ارتكاب أية أخطاء وصد أية محاولة من هذا الفرد أو ذاك, وحتى بعض الأمور البسيطة التي تتطلبها العملية الأمنية في أماكن محررة حديثاً من قبضة الإرهاب وما يستدعي ذلك من بحث وتفتيش وتأكد من هويات الأشخاص وعلاقاتهم بالإرهاب لم ترتق إلى مستوى من التجاوز، بل كان أفراد الحشد الشعبي يتعاملون بسلوكيات إنسانية أثارت إعجاب سكان المناطق المحررة, وهو ما شاهدناه عند تحرير منطقة جرف النصر من التعامل الطيب للمقاتلين مع العوائل والأشخاص الذين كانوا محاصرين بالمنطقة بسبب سيطرة عناصر “داعش”, فرأينا أفراداً من الحشد الشعبي بفصائلهم المتنوعة وهم يحملون رجلاً مسناً أو يمسحون عن وجه طفلة صغيرة مرعوبة قطرات الدمع المتساقطة, مثلما شاهدنا تقديمهم الطعام والماء لهؤلاء المحاصرين, والحقيقة لم يكن هذا مخفياً بل واضحاً وأمام شاشات التلفزة التي نقلت عمليات التحرير الكبرى للجيش والحشد الشعبي للمدن والقرى, وتعامله الإنساني مع سكان هذهِ المناطق, ورغم ذلك كله فإن الصورة البطولية المثالية التي شكلها أفراد الحشد الشعبي تزيد من إيماننا بقدرتنا على تحقيق الانتصار ولو طال الزمن بل تأكد لنا عدم الحاجة لوجود قوات أجنبية قتالية على أرضنا فما عندنا من أبطال ورجال متحمسين يمنحنا القوة الكافية, حتى أصبحنا نرى شباباً في الجامعات والمدارس وحتى الأطفال يتغنون ببطولات الحشد الشعبي ويتفاخرون بنشر صور الأبطال الذين يقاتلون ويستشهدون دفاعاً عن البلد, وما يدعو إلى الغبطة هو الانتشار الواسع النطاق لروح التحدي والعنفوان عند كل الناس بشكل مثير للإعجاب, ولا نضيف أمراً جديداً إذا تحدثنا عن سريان الروح الانتصارية عند النساء والشيوخ والقوى الاجتماعية المختلفة التوجهات وهو دليل على مدى التضامن الشعبي الوطني في مواجهة القوى الإرهابية, بل إن عائلة واحدة يتطوع أكثر من فرد من أفرادها ضمن أفواج الحشد الشعبي باندفاع عالٍ وفخرٍ شديد. أقول إن الحشد الشعبي أعاد صياغة التاريخ العراقي المعاصر وردم فجوة كانت لتتسع لولا هذهِ الانطلاقة البطولية ووجه منحنى المعركة إلى النصر والقضاء على الإرهاب.

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار