عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

بقلم: ناظم محمد العبيدي البناء الحضاري

المقالات 22 يوليو 2015 0 173
بقلم: ناظم محمد العبيدي البناء الحضاري
+ = -

 

 

 يمتلك الوعي بمفهومه الواسع سلطته كونه انعكاساً لمعطيات الفكر، ولكونه يمنح الوجود الإنساني أفقاً رحباً لتحقيق ذاته في مجالات الحياة المختلفة، وكل ما نراه في الحياة من إنجازات إنما هو تجسيد للرؤية البشرية تجاه هذا العالم، ومحاولات دؤوبة خاضها الفكر البشري للوصول الى مانطلق عليه إجمالاً بـ(الحضارة)، والتي لا يمكن أن تنشأ أو تنهض في أية بقعة من العالم إذا غابت سلطة العقل، والمقياس الحقيقي لتقدم أي بلد لا بد أن يرتبط بالضرورة بارتفاع المستوى الثقافي أولاً ، لأن الوعي بالأشياء وأهميتها لابد أن يسبق عملية إنجازها.
ولهذا فمن غير المعقول أن تنهض أمة دون إدراك لذلك النهوض وحاجتها له، وليس من الغرابة بعد هذا أن الشعوب المتخلفة تظل تراوح في مكانها لعقود طويلة وإن امتلكت المقومات المادية، لأن قصارى ما ستقدمه الثروات المادية لهذه الشعوب هو إدامة متطلبات الحياة وتزويدها بالتقنيات الحديثة، ولن يمس ذلك بطبيعة الحال طرائق التفكير المتخلفة البعيدة عن المؤثرات الثقافية، وما لم لم يتخذ القائمون على أمور هذه الشعوب المسألة الثقافية على محمل الجد، فإن وجود الطائرة أو الكومبيوتر لن يجعل من الناس أبناء لحضارتنا الحديثة، وما يجري من أحداث مأساوية يمارسها أهل التطرف والجهالة إشارة واضحة لمن يريد الشواهد على
ما ذكرنا.
إن الإحصائيات التي نطالعها حول نشر الكتب ووسائل الثقافة في العالم فضلاً عن البحوث ذات الطابع الأكاديمي والتقني تؤكد لنا أهمية نشر المعرفة في مجتمعاتنا، فنحن للأسف وفق هذه الإحصائيات نحتاج الى مضاعفة الجهود للحاق ولو متأخرين بما بلغته تلك الشعوب التي صارت تجد في الكتاب ووسائل المعرفة اسلوب حياة، وهذا ما نصبو اليه فنخلق بذلك مجتمعات تدرك أهمية المعرفة والانفتاح، وتسهم في خلق مناخ مهيأ لنمو حضاري وليس العكس، لأن الحقيقة العلمية التي اصبحت من المسلمات هي أن الشعوب التي تمارس الديمقراطية سوف تصنع حكوماتها وتعمل على تشكيل هوية المجتمع والدول، فهل يمكننا الحديث عن هكذا دور بلا وعي حضاري ومعرفي راسخ؟.
إن انتشار الكتاب العربي واتساع مصادر النشر خطوات تبعث على الأمل وتشجع الكاتب والباحث على ديمومة العطاء الفكري والإبداعي، ويضم الى قائمة القراء العرب الكثير من الشباب والمهتمين بالشأن الثقافي والعلمي، وليس أدعى الى التفاؤل من رؤية أجيال كبيرة من الشباب وهي ترتاد المكتبات ومعارض الكتاب للبحث عن الجديد، لأننا بالتأكيد سنحصد لاحقاً ثمرة هذه الجهود النبيلة التي تضع بشكل عملي الأساس لعملية البناء الحضاري لمجتمعاتنا الطامحة لمستقبل افضل، وهل يمكن بلوغ ذلك بغير قاعدة عريضة من المجتمع الذي يعي دوره الحضاري والمعرفي؟.

 

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار