مراكز المعرفة والخبرة
بقلم: برهان المفتي
تتميز الشعوب عن بعضها بما تمتلكه من خبرات توظفها في إيجاد حلول لمشاكلها أو في تطوير منجزاتها والإضافة عليها. تلك الخبرات هي مستودع متنامٍ يزداد غنى وثراءً كل يوم، والدول التي لها قابلية مواجهة المشاكل وخلق فرص تطور وأفكار جديدة هي تلك التي تضيف وتأخذ من مستودع خبراتها.
والخبرة هي ممارسات ومواقف وأفكار وقرارات ونتائج، لذلك، فهي مجموعة معقدة في تشابكها وتداخلها فيما بينها، وعملية التعامل مع الخبرة إنما تتطلب معرفة كيفية فك هذا الترابط، والحصول على الجزئية المعينة أو موقف مشابه بعينه الذي نبحث عنه في هذا الكم الضخم من الخيوط المتشابكة التي نضيع فيها حين نتعامل معها دون معرفة الخيط الأساس الذي علينا البدء به.
ولكي لا تضيع الخبرات مع مرور الزمن، فان إنشاء مراكز تخصصية لجمع وتصنيف الخبرات أصبح ضرورة إدارية كبرى. ونرى في واقعنا أن خبرات مهمة وثمينة تضيع دون الأخذ منها أو تطبيق بعض نتائجها ، وذلك واضح – مثلاً – في رسائل بحوث طلاب الماجستير والدكتوراه التي أصبحت مركونة في رفوف مكتبات جامعية مهملة وأصبحت مجرد أوراق رغم أنها خبرات بحوث علمية رصينة ، إلا أن عدم تصنيفها بشكل علمي قد جعل تلك الرسائل والبحوث فقط مستلزمات نيل درجة الماجستير
والدكتوراه .
والافادة من الخبرات الماضية تقلص الوقت اللازم لإنجاز الاعمال الحالية وذلك بتجنب تكرار ممارسات تكلف الجهد والمال، بل من الممكن محاكاة المشروع الحالي مع ما يشبهه من مشاريع سابقة واستخدام تلك النتائج، فنقلل من التخصيصات المالية للمشاريع الحالية التي تكون مخصصة لإجراء بحوث هي بالأساس موجودة في مستودع الخبرات ولا تتطلب عملية استدعائها غير نقرة على الكومبيوتر .
غير ان كثيراً من الممارسات والتسميات غير المناسبة جعلت موضوع الخبرة موضوعاً يتهرب منه الكثيرون. فهناك أقسام في مؤسساتنا تسمى ” الأرشيف ” ينظر إليها الكثيرون على أنها أقسام هامشية، بل ان تلك الأقسام – في فترة ما من النظم الإدارية لدينا – كانت تعتبر عقوبة إدارية ينقل إليها الموظفون المعاقبون بسبب أدائهم المتدني ، في تقييم خاطئ تماماً لموضوع الخبرات وكيفية إدارتها والنظرة للأرشيف. وكذلك القول عن تلك الخبرات أنها كانت ” تجارب” ، وهي كلمة تحمل أبعاداً نفسية قد تكون غير مريحة لما يحمله الناس عن ” التجربة” ومجال الخطأ فيها، فتدخل خزين الخبرة كله في حسابات الخطأ وليس في حسابات المعرفة والإفادة من تلك المعرفة.
نحتاج إلى استحداث قسم ” المعرفة والخبرة ” في كليات الإدارة، ، وضخ أكاديميين مؤهلين لتطوير هذا القسم الذي أصبح حاجة علمية وإدارية مهمة. وسيكون لاسم ” المعرفة والخبرة” تأثيره الإيجابي ويعمل كعامل تشجيع للمتقدمين للدراسة في هذا القسم، وذلك بعد حملة توعية وترويج تقوم بها وزارة التعليم العالي والكليات المعنية وحتى مؤسسات ووزارات الدولة، والسعي معاً لإنشاء مراكز لإدارة الخبرات السابقة وتصنيفها والإفادة منها على أسس مناهج علمية حديثة، ما يجعل هذه المراكز كبنوك معرفة ثرية بالأفكار والسيناريوهات التي تكون في حالة استدعائها والإفادة منها عملية ذات متعة علمية وفائدة اقتصادية وعملية.
إن العالم كله يتجه إلى إنشاء مراكز وطنية للمعلومات والخبرات، بل تربط تلك المراكز مع أعلى جهة قرار فيها، ما يضيف عليها مسؤولية ويعطيها قيمتها الحقيقية كمصدر معلومات لتقليص زمن الوصول إلى الأهداف المستقبلية بالافادة من خزين الماضي، ويجب هنا التفريق بين الخبرات والتاريخ من حيث النظرة والتصرف والإفادة، وتلك عملية دقيقة تكون من مسؤولية القائمين على إدارة مراكز المعرفة والخبرة في التصنيف المناسب والتفريق بين الخبرة
والتاريخ.
وقد يكون من مسؤولية مجالس المحافظات تبني ستراتيجية إنشاء مراكز تخصصية لإدارة المعرفة والخبرة ،لعدم الوقوع في أخطاء مكررة تعرقل الخدمات في محافظاتهم وتكون مجالات لهدر المال ،وان تسعى تلك المجالس إلى تجميع خبرات مهندسيها ونتائج المشاريع السابقة لجعلها مرجعاً تحت إدارة المجلس الذي فيه إدارة علمية مؤهلة لمساعدة الباحثين ومدراء المشاريع واعطائهم المعلومة المفيدة عن المشاريع السابقة ونتائجها وتقييمها وأدائها. مثل هذا التوجه، سيضيف ديناميكية لأداء مجالس المحافظات ،وسيكون أي مشروع أو عقد على طاولة التقييم والتحليل لاستخراج الدروس العلمية والإدارية والنتائج منها ،ثم خزنها في مركز المعرفة والخبرة التابع لمجلس المحافظة، كما ان هذا المركز سيكون مصدراً للمقارنة على أداء مجالس المحافظات المتعاقبة، ومن الممكن كذلك جعل مثل هذه المراكز مرجعاً لتبادل الخبرات مع مجالس محافظات أخرى عن طريق الدورات وتبادل الأفكار والزيارات وحتى بيع البحوث والخبرات السابقة وبذلك تكون مصدر تمويل لبحوث جديدة.
إن الإدارة الحديثة تتطلب مبادرات وأفكارا لتقليل الوقت والجهد والمال، مع الوصول إلى الاهداف والغايات في زمن قياسي لتوفير الخدمات وإرضاء الناس، ومثل هذا الإنجاز يحتاج إلى خزين ومستودع كبير من المعلومات، ولا نجد هذا إلا في مراكز الخبرة والمعرفة التي أصبحت ضرورية وتحتاج لخطوة إدارية سليمة لإنشائها على أسس علمية ومهنية خالصة.
تتميز الشعوب عن بعضها بما تمتلكه من خبرات توظفها في إيجاد حلول لمشاكلها أو في تطوير منجزاتها والإضافة عليها. تلك الخبرات هي مستودع متنامٍ يزداد غنى وثراءً كل يوم، والدول التي لها قابلية مواجهة المشاكل وخلق فرص تطور وأفكار جديدة هي تلك التي تضيف وتأخذ من مستودع خبراتها.
والخبرة هي ممارسات ومواقف وأفكار وقرارات ونتائج، لذلك، فهي مجموعة معقدة في تشابكها وتداخلها فيما بينها، وعملية التعامل مع الخبرة إنما تتطلب معرفة كيفية فك هذا الترابط، والحصول على الجزئية المعينة أو موقف مشابه بعينه الذي نبحث عنه في هذا الكم الضخم من الخيوط المتشابكة التي نضيع فيها حين نتعامل معها دون معرفة الخيط الأساس الذي علينا البدء به.
ولكي لا تضيع الخبرات مع مرور الزمن، فان إنشاء مراكز تخصصية لجمع وتصنيف الخبرات أصبح ضرورة إدارية كبرى. ونرى في واقعنا أن خبرات مهمة وثمينة تضيع دون الأخذ منها أو تطبيق بعض نتائجها ، وذلك واضح – مثلاً – في رسائل بحوث طلاب الماجستير والدكتوراه التي أصبحت مركونة في رفوف مكتبات جامعية مهملة وأصبحت مجرد أوراق رغم أنها خبرات بحوث علمية رصينة ، إلا أن عدم تصنيفها بشكل علمي قد جعل تلك الرسائل والبحوث فقط مستلزمات نيل درجة الماجستير
والدكتوراه .
والافادة من الخبرات الماضية تقلص الوقت اللازم لإنجاز الاعمال الحالية وذلك بتجنب تكرار ممارسات تكلف الجهد والمال، بل من الممكن محاكاة المشروع الحالي مع ما يشبهه من مشاريع سابقة واستخدام تلك النتائج، فنقلل من التخصيصات المالية للمشاريع الحالية التي تكون مخصصة لإجراء بحوث هي بالأساس موجودة في مستودع الخبرات ولا تتطلب عملية استدعائها غير نقرة على الكومبيوتر .
غير ان كثيراً من الممارسات والتسميات غير المناسبة جعلت موضوع الخبرة موضوعاً يتهرب منه الكثيرون. فهناك أقسام في مؤسساتنا تسمى ” الأرشيف ” ينظر إليها الكثيرون على أنها أقسام هامشية، بل ان تلك الأقسام – في فترة ما من النظم الإدارية لدينا – كانت تعتبر عقوبة إدارية ينقل إليها الموظفون المعاقبون بسبب أدائهم المتدني ، في تقييم خاطئ تماماً لموضوع الخبرات وكيفية إدارتها والنظرة للأرشيف. وكذلك القول عن تلك الخبرات أنها كانت ” تجارب” ، وهي كلمة تحمل أبعاداً نفسية قد تكون غير مريحة لما يحمله الناس عن ” التجربة” ومجال الخطأ فيها، فتدخل خزين الخبرة كله في حسابات الخطأ وليس في حسابات المعرفة والإفادة من تلك المعرفة.
نحتاج إلى استحداث قسم ” المعرفة والخبرة ” في كليات الإدارة، ، وضخ أكاديميين مؤهلين لتطوير هذا القسم الذي أصبح حاجة علمية وإدارية مهمة. وسيكون لاسم ” المعرفة والخبرة” تأثيره الإيجابي ويعمل كعامل تشجيع للمتقدمين للدراسة في هذا القسم، وذلك بعد حملة توعية وترويج تقوم بها وزارة التعليم العالي والكليات المعنية وحتى مؤسسات ووزارات الدولة، والسعي معاً لإنشاء مراكز لإدارة الخبرات السابقة وتصنيفها والإفادة منها على أسس مناهج علمية حديثة، ما يجعل هذه المراكز كبنوك معرفة ثرية بالأفكار والسيناريوهات التي تكون في حالة استدعائها والإفادة منها عملية ذات متعة علمية وفائدة اقتصادية وعملية.
إن العالم كله يتجه إلى إنشاء مراكز وطنية للمعلومات والخبرات، بل تربط تلك المراكز مع أعلى جهة قرار فيها، ما يضيف عليها مسؤولية ويعطيها قيمتها الحقيقية كمصدر معلومات لتقليص زمن الوصول إلى الأهداف المستقبلية بالافادة من خزين الماضي، ويجب هنا التفريق بين الخبرات والتاريخ من حيث النظرة والتصرف والإفادة، وتلك عملية دقيقة تكون من مسؤولية القائمين على إدارة مراكز المعرفة والخبرة في التصنيف المناسب والتفريق بين الخبرة
والتاريخ.
وقد يكون من مسؤولية مجالس المحافظات تبني ستراتيجية إنشاء مراكز تخصصية لإدارة المعرفة والخبرة ،لعدم الوقوع في أخطاء مكررة تعرقل الخدمات في محافظاتهم وتكون مجالات لهدر المال ،وان تسعى تلك المجالس إلى تجميع خبرات مهندسيها ونتائج المشاريع السابقة لجعلها مرجعاً تحت إدارة المجلس الذي فيه إدارة علمية مؤهلة لمساعدة الباحثين ومدراء المشاريع واعطائهم المعلومة المفيدة عن المشاريع السابقة ونتائجها وتقييمها وأدائها. مثل هذا التوجه، سيضيف ديناميكية لأداء مجالس المحافظات ،وسيكون أي مشروع أو عقد على طاولة التقييم والتحليل لاستخراج الدروس العلمية والإدارية والنتائج منها ،ثم خزنها في مركز المعرفة والخبرة التابع لمجلس المحافظة، كما ان هذا المركز سيكون مصدراً للمقارنة على أداء مجالس المحافظات المتعاقبة، ومن الممكن كذلك جعل مثل هذه المراكز مرجعاً لتبادل الخبرات مع مجالس محافظات أخرى عن طريق الدورات وتبادل الأفكار والزيارات وحتى بيع البحوث والخبرات السابقة وبذلك تكون مصدر تمويل لبحوث جديدة.
إن الإدارة الحديثة تتطلب مبادرات وأفكارا لتقليل الوقت والجهد والمال، مع الوصول إلى الاهداف والغايات في زمن قياسي لتوفير الخدمات وإرضاء الناس، ومثل هذا الإنجاز يحتاج إلى خزين ومستودع كبير من المعلومات، ولا نجد هذا إلا في مراكز الخبرة والمعرفة التي أصبحت ضرورية وتحتاج لخطوة إدارية سليمة لإنشائها على أسس علمية ومهنية خالصة.