عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

نتظاهر بحذر.. لنحيا بقلم: سالم مشكور

المقالات 10 أغسطس 2015 0 192
نتظاهر بحذر.. لنحيا  بقلم: سالم مشكور
+ = -
نتظاهر بحذر.. لنحيا

 

بقلم: سالم مشكور
 بطش الدكتاتوريات يدفع الناس الى التذمر والمعارضة سرّاً، فتحفل المجالس الخاصة بالشكوى من تقصير الحكومة وتتبع أخبار المسؤولين الفاسدين، أما في ظل النظام الديمقراطي كالذي ندّعي وجوده عندنا، فإن التعبير عن الشكوى والاعتراض على سياسة أو المطالبة بحقوق يتم بوسائل علنية بينها التظاهر والاعتصام السلميين. لا أحد ينكر هذا الحق الدستوري، ولا يحق لأحد التشكيك بنوايا المتظاهرين السلميين ما لم يبدر منهم ما يشير الى انحراف عن هدف التظاهرة وغايتها.
في تظاهرات المنطقة الغربية، لم يكن أحد ينكر على المتظاهرين أحقية مطالبهم المعيشية، لكن المشكلة أن تدخل بعض السياسيين ومَنْ وراءهم من أطراف خارجية، وما نتج عن ذلك من رفع شعارات وإطلاق هتافات طائفية، أخذ التظاهرات باتجاه آخر، وجعل من المتظاهرين المطالبين بالعمل والخدمات، أداة لقوى إقليمية طائفية تريد زعزعة الوضع تمهيدا لاسقاط النظام. لا النتيجة كانت أن تلك المناطق باتت مرتعا لعصابات داعش وتدريجيا تحول سكانها الى نازحين في مخيمات تفتقر الى أبسط شروط الحياة.
اليوم، تعم التظاهرات محافظات الوسط والجنوب، وهي محافظات بغالبية شيعية، مقابل المحافظات الغربية ذات الغالبية السنيّة. هي أيضا قامت على خلفية مطالب معيشية، بعدما ضاق أبناؤها ذرعاً بغياب الخدمات الاساسية وفرص العمل، مقابل ما يرونه من فساد مالي لا حدود له، وتكدّس للثروات لدى الاحزاب وحيتان المال. قرروا الخروج والصراخ والضغط السلمي لاخذ حقهم، ولاجبار السلطة على محاربة واسعة وحقيقية للفساد الذي بلغ مرحلة لم يعد السياسيي فيها يستحي شعباً أو يخاف عقاباً من سلطة. ربما ساعد في خروج هذه التظاهرات الاحتجاجية، تراجع أكذوبة أن الحكم شيعي وأن الاحتجاج ضده يؤدي الى اضعافه وتقوية الاطراف التي تستهدف وجود الشيعة في الحكم. كان هذا يفعل مفعول المخدر للناس للسكوت على الفساد والتقصير والابتعاد عن أوجاع الناس وهمومهم. فالفساد لا هوية له، وسارق المال العام لابد أن يحاسب بقسوة سواء كان شيعيا أم سنيّاً أم كرديّاً، ورد الفعل عن السكوت السابق يجب ألّا يكون خاصا بسياسي طائفة واحدة من دون غيرها. التعاطي الاحتجاجي الشعبي يجب ان يكون مع السلطة بغض النظر عن انتماءات أفرادها الايديولوجية أو الطائفية، فالفاسد هو الانسان وليس العقيدة السياسية أو الدينية.
لكن هذه الاحتجاجات ليست معصومة هي ايضا من الانحراف والتجيير لمصلحة طرف خارجي أو داخلي كما جرى لاحتجاجات الغربية. الاحتمال قائم وكبير، والحذر من جانب المتظاهرين يجب أن يكون بالحجم نفسه، ولا يتأتى ذلك إلّا من خلال قيادة موحدة للحركة الاحتجاجية، تضمن وضوح الشعارات والاهداف ومركزيتها، ومنع تحوّلها الى ساحات لتصفية الحسابات بين الاحزاب والسياسيين، وتعالج – وبسرعة – أي دخول استغلالي على التظاهرات. علينا ان نعتبر مما إنتهت اليه تظاهرات الغربية من دمار لمدن وقرى لا تعود الى الحياة الا بعد عقود، لئلا نكرر المأساة، ولا نضيف الى مخيمات النازحين، مخيمات جديدة والى المدن المدمرة مُدناً أخرى.
نحتج ونطالب لنحيا لا لننتحر.

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار