عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

نظام برلماني أم نظام رئاسي ؟ بقلم: علي صابر محمد

المقالات 10 أغسطس 2015 0 165
نظام برلماني أم نظام رئاسي ؟  بقلم: علي صابر محمد
+ = -
نظام برلماني أم نظام رئاسي ؟

 

بقلم: علي صابر محمد
 بين فترة وفترة أخرى تطرح موضوعات جديدة على الساحة السياسية تهدف الى تلبية الحاجات المستجدة او لأشغال الرأي العام او لممارسة ضغوط لتحقيق أهداف آنية محددة ، وتتداول الالسن في الفترة الاخيرة عن رغبة قوى سياسية معينة بتغيير النظام الذي أقره الدستورالعراقي وصادق عليه الشعب الا وهو النظام البرلماني وتحويله الى النظام الرئاسي لما له من مزايا للجهات المطالبة بالتغيير ، وهنا يتطلب تسليط الضوء على هذين النظامين ومدى ملاءمتهما للعراق الجديد ، فالنظام البرلماني يمنح الاقليات قوة في اختيار رئاسة مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية التي تنتخب من البرلمان والتي بيدها الجهاز التنفيذي للدولة وبمقدورهذه الاقليات استعمال نفوذها وأصواتها في البرلمان من تحديد مسار السلطة التنفيذية والتأثير عليها والتمكن من تحديد صلاحيات رئاسة مجلس الوزراء ويمكن ان تكون بيضة القبان عند التصويت على التشريعات وتفرض شروطها حسب التوازنات الموجودة ويمكن بموجبه للأقلية ان تعطل قرارات الأكثرية وهو معمول به منذ مصادقة الشعب عليه ولحد الآن ويستفاد من هذا النظام كل من الاخوة الكرد والمكون السني وكذلك التركمان والاقليات الاخرى ومن آثاره السلبية بطء ايقاع الاداء وتعثر تشريع القرارات والوقت الضائع لأنجاح التوافقات في كل خطوة وحضور المحاصصة في مفاصل الدولة خاصة عندما تتقاطع المصالح والاجندات للقوى المتنفذة وغياب الحس الوطني وتغليب المصالح الضيقة على مصلحة البلاد ، اما النظام الرئاسي فيمتاز بسرعة اتخاذ القرار ووجود حضور ونفس قوي للمركزية الادارية حيث يمنح رئاسة الجمهورية المنتخبة من الشعب مباشرة الصلاحيات الواسعة برغم وجود البرلمان المنتخب من الشعب ايضاً ولكن دورالبرلمان هنا سيكون أقل تأثيراً من النظام البرلماني ويضعف في هذا النظام دور المحاصصة السياسية وذلك لتركز القوة والنفوذ بيد رئاسة الجمهورية وتستفاد من هذا النظام القوى الشيعية بوصفهم يشكلون الاكثرية السكانية ومن مساويء هذا النظام كونه بيئة خصبة لولادة الديكتاتوريات وهيمنة الأكثرية على الاقلية واحتمالية ممارسة القهر والتهميش للآخرين وضعف تأثير الاقلية في اتخاذ القرارات ، ومن هذه المعطيات نجد ان الفترة السابقة شهدت اخفاقات كبيرة في قيادة الدولة من قبل اصحاب القرار وهم من الشيعة وقسم منهم يرون انهم مشلولو اليدين ومسلوبو الارادة بالرغم من تحملهم للمسؤولية ويعزون هذا الاخفاق الى النظام البرلماني الذي أنتج المحاصصة السياسية وعطل العديد من التشريعات وأبطأ من مسيرة عجلة التقدم لا بل وتسبب في التدهور والتراجع في جميع الميادين
من هذه الصورة التوضيحية لطبيعة النظامين يتبين بان المصالح التي تبحث عنها الكتل السياسية هي التي دفعت بها للمطالبة باحداث التغيير علماً بأن النظام البرلماني كان قد تم التوافق عليه منذ عام 2003 وبالضرورة تمت مناقشته من قبل المعارضة في اجتماعاتها قبل ذلك كأفضل صيغة ترضي جميع الاطراف وتخلق حالة من التوازن ولا تهضم حق أية جهة ، ولكون الدستور أجاز مراجعة مواده وتعديل بعض فقراته وحسب المستجدات وحلا للمواد الخلافية التي يتضمنها الدستور أصلا ولعدم قدرة الحكومة من حل المسائل العالقة بين ممثلي المكونات من جهة والمشكلات المستعصية بين بغداد والاقليم من جهة أخرى ، لذا فقد جاء هذا التوقيت بغية الخروج من عنق الزجاجة والانصراف نحو حل مشكلات البلد الامنية والاقتصادية ولكن السؤال الاصعب هو هل بالامكان احداث مثل هذا التغيير في الوقت الحاضر وما هو موقف ممثلي المكون السني المدعوم عربياً والموقف الكردي وما هو موقف الدول الاقليمية التي ترى في هذه الخطوة قهراً وسحقاً للأقلية التي تدعمها وأخيرا موقف راعي عملية التغيير في العراق اميريكا وما تخطط له من سيناريو للمنطقة ، هل سيقف الجميع متفرجين لتغيير المعادلة السياسية والاخلال بموازين القوى في العراق ؟ لا نعتقد ذلك ، ثم ان السير بهذا الطريق سيتطلب الكثير من الجهد والانفاق لاجراء التصويت عليه في الوقت الذي تعجز موازنة الدولة من توفير رواتب موظفيها نتيجة شحة الموارد ، ولا يقف الامر عند التكاليف بل ان المهم هو مدى قبول هذه الاطراف لمثل هذه الخطوة ونعتقد بأن التوقيت غير مناسب لطرح هذا المشروع وانها ستكون مثار تصعيد جديد للتوترات وللمزيد من التخندق الطائفي والقومي ونرى في ذلك تعجيلاً لأحداث التقسيم خاصة وانها تتزامن مع موافقة اميركية على تسليح المناطق السنية والبيشمركة مباشرة حتى ولو كان عبر بغداد ، يرافق ذلك بقاء القوات المسلحة من دون القدرة على تحقيق انتصارات تقصم ظهر داعش لتتشكل مناطق ثلاث على الارض تأخذ استقرارها بمرور الزمن وتصبح امراً واقعاً يصعب تغييره مثلما حصل في كردستان عام 1991
وامام هذه الافكار والطروحات وصراع الارادات وما تعده المطابخ السياسية للقوى المتنفذة نعتقد بأن المشكلة ليست بنوع النظام الذي أورده الدستور لأن أصل المشكلة يكمن في عدم انسجام ممثلي الكتل فيما بينهم وانعدام الثقة بين هذه القوى وخضوع معظمهم لأجندات دول الجوار والاستسلام لصراع المحاور في المنطقة وغياب الرأي والقرار الوطني وعدم المراعاة لهموم المواطن وما يعانيه من آلام وتفشي الفقر والبطالة وانعدام للأمن والامان وعدم القدرة على التنازل بعضهم للبعض الآخر وانعدام النوايا الصادقة للمصالحة الحقيقية . فمهما كان نوع النظام المراد تطبيقه سوف لن يطهر القلوب ولن يغرس روح التسامح والمحبة بين الفرقاء ، ان لب المشكلة يكمن في ان القوى المتصدرة للمشهد السياسي تدعي تمثيلها لمكوناتها الاثنية والقومية وتعمل على اثارة مثل هذه النعرات الطائفية والعرقية لكي تتمكن من ترويج بضاعتها وتضمن تربعها على كرسي المسؤولية فلا يقف في طريقها نوع النظام لأنها سوف تتأقلم مع المتغيرات وسنواجه مشكلات من نوع آخر ويبقى العراق غارقا في مستنقع الاضطرابات والفوضى ، والخطوة الصائبة اليوم هي عند تناسي الخلافات وحصر الجهود وتكاتف القوى لمواجهة خطر الارهاب وازالة وجوده وآثاره من أرض العراق.

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار