تحول عسكري ياباني
بقلم: نهاد حشيشو
أقرت لجنة برلمانية يابانية مختصة مشاريع قوانين طرحها رئيس الوزراء المحافظ سينزو آبي تهدف الى تغيير جذري في سياسة الدفاع اليابانية. وشهد البرلمان، جراء هذا الإقرار، فوضى وشغب من جانب النواب ممثلي المعارضة الذين كانوا رفعوا، أيضاً شعارات احتجاج لهذه القوانين التي اعدوها تمريرا قسريا لتغييرات سوف تحول الدور العسكري السلمي المعروف لليابان الذي إختطته إثر هزيمتها في الحرب العالمية الثانية.
وكان هؤلاء دخلوا الغرفة، بعد دقائق على دعوة رئيس اللجنة ياسو كازو هامادا، وهو عضو في “الحزب الليبرالي الديمقراطي” الحاكم الى التصويت.
ورفع النواب لافتات كتب عليها “لا لسياسات آبي” ولا لقرار قسري”، فيما سارع زملاؤهم المحافظون الى التصويت على النص الذي مر بسهولة.
وقال كاتسويا أوكادا، رئيس “الحزب الديمقراطي لليابان” أبرز حزب معارض: “هذا الأمر سيغير جذرياً سياساتنا الدفاعية وهو غير دستوري. أحتج بشدة على تمرير هذه القوانين قسراً عبر اللجان”.
وستعرض مشاريع القوانين على مجلس النواب، علماً أنها تقلق اليابانيين الذين يعتمدون دستوراً سلمياً منذ 70 سنة. وقد عارض هذا الأمر، نحو 20 ألف متظاهر في طوكيو، حيث رفعوا لافتات كتب عليها “لا للحرب”.
رئيس الوزراء آبي أسف لما حصل من احتجاجات واعد أن “اليابانيين ما زالوا لا يملكون الفهم الكافي” لهذه المشاريع، مؤكداً أنه “سيبذل جهداً أكبر ليفهم الجمهور في شكل أعمق” وعلى رغم معارضة مراجعة القانون الأساسي السلمي، والتي يعدها خبراء “مخالفة للدستور”، يبدو آبي وحزبه قادرين على تمرير النصوص بسرعة داخل البرلمان، مستفيدين من غالبية ساحقة لهم فيه، ولضمان تبني هذه القوانين، مددت الدورة البرلمانية 95 يوماً، في سابقة في البلاد.
يذكر أن إعادة تفسير الدستور التي نصت عليها مشاريع القوانين، ستتيح إرسال قوات الدفاع الذاتي اليابانية، وهو الاسم الرسمي للجيش الياباني، الى الخارج لمساعدة دولة حليفة، لا سيما الولايات المتحدة، ولا يستطيع الجيش الياباني حالياً التحرك، إلا في حال وقوع هجوم خارجي على الأراضي اليابانية.
حظي تغيير السياسة الدفاعية بتأييد 26 بالمئة من اليابانيين، في مقابل 56 بالمئة يرفضونه، كما تراجعت شعبية رئيس الوزراء آبي الى 39 في المئة.
هذا التراجع في شعبيته يذكر بما حدث لجده نوبوسكي كيشي الذي إضطر للاستقالة، حين كان يشغل المنصب ذاته، بسبب تراجع شعبيته إثر دعمه اتفاقاً أمنياً أبرمته طوكيو مع واشنطن العام 1960.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن رئيس مجلس الأمن القومي الياباني شوتارو ياتشي سيزور بكين، ما أثار تكهنات بعقد قمة بين زعيمي البلدين قريباً.
وأشارت الى أن الزيارة التي تتم بدعوة من يانغ جيشي، مستشار مجلس الدولة الصيني، “ستشهد حواراً سياسياً صينياً – يابانياً على مستوى عال، وتبادلاً لوجهات النظر في شأن العلاقات الصينية – اليابانية وقضايا ذات اهتمام مشترك”.
ماذا يعني هذا التحول في السياسة الدفاعية اليابانية وما هي خلفيته؟
في أعقاب الحرب العالمية الثانية التي خرجت بعدها اليابان مهزومة وشبه مدمرة، إنتهجت بتوجيهات وضغوطات مباشرة من قوات الحلفاء وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية، سياسة سلمية اجتماعية واقتصادية وعسكرية حرم جراءها جيشها من التسلح بأسلحة هجومية، كما منع من الخروج الى خارج حدود
البلاد.
وقد أصبحت اليابان قاعدة عسكرية للقوات الأميركية والأطلسية يأتمرون بأوامر القيادة العسكرية العليا للولايات المتحدة والأطلسي.
هذه السياسة التي تكرست طوال مرحلة الحرب الباردة بين الشرق والغرب، استتبعت على الصعيد الداخلي الياباني اعتراضات سياسية وأخرى شعبية، من جانب القوى المعارضة داخل وخارج السلطة الحاكمة، استلزمت في بعض الأحيان قمعاً من جانبها اعتراضاً على السماح بوجود هذه القواعد العسكرية وتجاوزها في عدد من المنعطفات الدولية مهامها ودورها.
وقد استفادت القوى المعارضة من جراء هذه الحرب الباردة بتوسيع قاعدتها الشعبية وتجيير التواجد العسكري الأجنبي في البلاد لصالح دورها السياسي ونهجها
المعارض.
وكانت الصين كما كوريا الشمالية المدعومة منها يؤججان العداء لهذا التواجد معتمدين على القوى المناوئة له، ولطالما استعملت الخلافات حول بعض الجزر والاتفاقات سبيلاً لتحريك الاعتراض العسكري، كما فعلت كوريا الشمالية عندما أطلقت صواريخها لتعبر فوق الأجواء اليابانية أثناء الحرب الباردة وبعدها.
حالياً، جددت كوريا الشمالية من اعتراضاتها، كما زادت الصين من تحرش سفنها ودورياتها العسكرية بزوارق وسفن الصيد اليابانية. وأصبحت تنفق ثلاثة أضعاف ما تنفقه الهند على الدفاع، وأكثر من الدول المجاروة، كاليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وفيتنام مجتمعة.
هذا الأمر أجبر هؤلاء على زيادة إنفاقهم العسكري على مسائل
الدفاع.
يذكر أن القوات المسلحة اليابانية تتشكل على النحو التالي: القوات الأرضية 140 ألف، القوات البحرية 50 ألف، والقوات الجوية 48 ألف. وقد زادت اليابان من ميزانية إنفاقها على المسائل العسكرية وعديد
جيشها.
إن التحول الدفاعي العسكري الياباني الحاصل، راهناً، جاء بتأثير من الولايات المتحدة وبناء على توجهاتها، حيث أقرت ستراتيجية عسكرية مستجدة، حفاظاً على مصالحها الأمنية ودرءاً لأي تهديد قد تواجهه. وقد رأى الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في هذا التوجه نهجاً صدامياً لن يسهم في محاولات توجيه العلاقات الثنائية في اتجاه التطبيع “بين موسكو وواشنطن”.
وكان ورد في وثيقة الستراتيجية الجديدة التي نشرتها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الدول الأربع وهي روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، “تسعى الى تهديد المظاهر الرئيسة للنظام الدولي” واعدت أن “أياً من هذه الدول لا يسعى الى نزاع مسلح مباشر مع الولايات المتحدة وحلفائها. مع ذلك تطرح كل واحدة منها مشكلات أمنية جديدة”.
يبقى القول ان مشاريع القوانين اليابانية الجديدة جاءت إنسجاماً مع رغبة أميركية بأن تكون اليابان مستعدة لإشراك جيشها في مهمات عسكرية تريد الولايات المتحدة أن تكون في عدادها.
ولا شك أن هذا الإجراء سيلقى معارضة داخلية يابانية قد تتنامى في حال أرادت واشنطن مستقبلاً توسيع تحركها الخارجي، انسجاماً مع أي تطورات قد تبرز مستقبلاً تستدعي مثل هذا التحرك المدعوم بقرارات دولية تلتزم اليابان بتنفيذها والمشاركة فيها.
أقرت لجنة برلمانية يابانية مختصة مشاريع قوانين طرحها رئيس الوزراء المحافظ سينزو آبي تهدف الى تغيير جذري في سياسة الدفاع اليابانية. وشهد البرلمان، جراء هذا الإقرار، فوضى وشغب من جانب النواب ممثلي المعارضة الذين كانوا رفعوا، أيضاً شعارات احتجاج لهذه القوانين التي اعدوها تمريرا قسريا لتغييرات سوف تحول الدور العسكري السلمي المعروف لليابان الذي إختطته إثر هزيمتها في الحرب العالمية الثانية.
وكان هؤلاء دخلوا الغرفة، بعد دقائق على دعوة رئيس اللجنة ياسو كازو هامادا، وهو عضو في “الحزب الليبرالي الديمقراطي” الحاكم الى التصويت.
ورفع النواب لافتات كتب عليها “لا لسياسات آبي” ولا لقرار قسري”، فيما سارع زملاؤهم المحافظون الى التصويت على النص الذي مر بسهولة.
وقال كاتسويا أوكادا، رئيس “الحزب الديمقراطي لليابان” أبرز حزب معارض: “هذا الأمر سيغير جذرياً سياساتنا الدفاعية وهو غير دستوري. أحتج بشدة على تمرير هذه القوانين قسراً عبر اللجان”.
وستعرض مشاريع القوانين على مجلس النواب، علماً أنها تقلق اليابانيين الذين يعتمدون دستوراً سلمياً منذ 70 سنة. وقد عارض هذا الأمر، نحو 20 ألف متظاهر في طوكيو، حيث رفعوا لافتات كتب عليها “لا للحرب”.
رئيس الوزراء آبي أسف لما حصل من احتجاجات واعد أن “اليابانيين ما زالوا لا يملكون الفهم الكافي” لهذه المشاريع، مؤكداً أنه “سيبذل جهداً أكبر ليفهم الجمهور في شكل أعمق” وعلى رغم معارضة مراجعة القانون الأساسي السلمي، والتي يعدها خبراء “مخالفة للدستور”، يبدو آبي وحزبه قادرين على تمرير النصوص بسرعة داخل البرلمان، مستفيدين من غالبية ساحقة لهم فيه، ولضمان تبني هذه القوانين، مددت الدورة البرلمانية 95 يوماً، في سابقة في البلاد.
يذكر أن إعادة تفسير الدستور التي نصت عليها مشاريع القوانين، ستتيح إرسال قوات الدفاع الذاتي اليابانية، وهو الاسم الرسمي للجيش الياباني، الى الخارج لمساعدة دولة حليفة، لا سيما الولايات المتحدة، ولا يستطيع الجيش الياباني حالياً التحرك، إلا في حال وقوع هجوم خارجي على الأراضي اليابانية.
حظي تغيير السياسة الدفاعية بتأييد 26 بالمئة من اليابانيين، في مقابل 56 بالمئة يرفضونه، كما تراجعت شعبية رئيس الوزراء آبي الى 39 في المئة.
هذا التراجع في شعبيته يذكر بما حدث لجده نوبوسكي كيشي الذي إضطر للاستقالة، حين كان يشغل المنصب ذاته، بسبب تراجع شعبيته إثر دعمه اتفاقاً أمنياً أبرمته طوكيو مع واشنطن العام 1960.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن رئيس مجلس الأمن القومي الياباني شوتارو ياتشي سيزور بكين، ما أثار تكهنات بعقد قمة بين زعيمي البلدين قريباً.
وأشارت الى أن الزيارة التي تتم بدعوة من يانغ جيشي، مستشار مجلس الدولة الصيني، “ستشهد حواراً سياسياً صينياً – يابانياً على مستوى عال، وتبادلاً لوجهات النظر في شأن العلاقات الصينية – اليابانية وقضايا ذات اهتمام مشترك”.
ماذا يعني هذا التحول في السياسة الدفاعية اليابانية وما هي خلفيته؟
في أعقاب الحرب العالمية الثانية التي خرجت بعدها اليابان مهزومة وشبه مدمرة، إنتهجت بتوجيهات وضغوطات مباشرة من قوات الحلفاء وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية، سياسة سلمية اجتماعية واقتصادية وعسكرية حرم جراءها جيشها من التسلح بأسلحة هجومية، كما منع من الخروج الى خارج حدود
البلاد.
وقد أصبحت اليابان قاعدة عسكرية للقوات الأميركية والأطلسية يأتمرون بأوامر القيادة العسكرية العليا للولايات المتحدة والأطلسي.
هذه السياسة التي تكرست طوال مرحلة الحرب الباردة بين الشرق والغرب، استتبعت على الصعيد الداخلي الياباني اعتراضات سياسية وأخرى شعبية، من جانب القوى المعارضة داخل وخارج السلطة الحاكمة، استلزمت في بعض الأحيان قمعاً من جانبها اعتراضاً على السماح بوجود هذه القواعد العسكرية وتجاوزها في عدد من المنعطفات الدولية مهامها ودورها.
وقد استفادت القوى المعارضة من جراء هذه الحرب الباردة بتوسيع قاعدتها الشعبية وتجيير التواجد العسكري الأجنبي في البلاد لصالح دورها السياسي ونهجها
المعارض.
وكانت الصين كما كوريا الشمالية المدعومة منها يؤججان العداء لهذا التواجد معتمدين على القوى المناوئة له، ولطالما استعملت الخلافات حول بعض الجزر والاتفاقات سبيلاً لتحريك الاعتراض العسكري، كما فعلت كوريا الشمالية عندما أطلقت صواريخها لتعبر فوق الأجواء اليابانية أثناء الحرب الباردة وبعدها.
حالياً، جددت كوريا الشمالية من اعتراضاتها، كما زادت الصين من تحرش سفنها ودورياتها العسكرية بزوارق وسفن الصيد اليابانية. وأصبحت تنفق ثلاثة أضعاف ما تنفقه الهند على الدفاع، وأكثر من الدول المجاروة، كاليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وفيتنام مجتمعة.
هذا الأمر أجبر هؤلاء على زيادة إنفاقهم العسكري على مسائل
الدفاع.
يذكر أن القوات المسلحة اليابانية تتشكل على النحو التالي: القوات الأرضية 140 ألف، القوات البحرية 50 ألف، والقوات الجوية 48 ألف. وقد زادت اليابان من ميزانية إنفاقها على المسائل العسكرية وعديد
جيشها.
إن التحول الدفاعي العسكري الياباني الحاصل، راهناً، جاء بتأثير من الولايات المتحدة وبناء على توجهاتها، حيث أقرت ستراتيجية عسكرية مستجدة، حفاظاً على مصالحها الأمنية ودرءاً لأي تهديد قد تواجهه. وقد رأى الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في هذا التوجه نهجاً صدامياً لن يسهم في محاولات توجيه العلاقات الثنائية في اتجاه التطبيع “بين موسكو وواشنطن”.
وكان ورد في وثيقة الستراتيجية الجديدة التي نشرتها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الدول الأربع وهي روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، “تسعى الى تهديد المظاهر الرئيسة للنظام الدولي” واعدت أن “أياً من هذه الدول لا يسعى الى نزاع مسلح مباشر مع الولايات المتحدة وحلفائها. مع ذلك تطرح كل واحدة منها مشكلات أمنية جديدة”.
يبقى القول ان مشاريع القوانين اليابانية الجديدة جاءت إنسجاماً مع رغبة أميركية بأن تكون اليابان مستعدة لإشراك جيشها في مهمات عسكرية تريد الولايات المتحدة أن تكون في عدادها.
ولا شك أن هذا الإجراء سيلقى معارضة داخلية يابانية قد تتنامى في حال أرادت واشنطن مستقبلاً توسيع تحركها الخارجي، انسجاماً مع أي تطورات قد تبرز مستقبلاً تستدعي مثل هذا التحرك المدعوم بقرارات دولية تلتزم اليابان بتنفيذها والمشاركة فيها.