الحكمة المشتركة للحكومة والشعب
بقلم: علي حسين عبيد
قيل سابقاً أن الحرائق الكبيرة غالبا ما تبدأ بشرارة صغيرة، لا تسترعي انتباه من سيتضرر بها من النار، ولكن مع مرور الوقت، ومع انتشار هذه النار في الهشيم، سوف يتنبّه المعنيون والمتضررون من الحريق الى خطورة الوضع، وقد حدث شيء كهذا في الاحتجاجات التي حدثت مؤخرا في العراق، اذ بدأت شرارتها الصغيرة في منطقة صغيرة تابعة للبصرة، عندما خرج عدد من الأهالي والشبان محتجين على قلة تزويدهم بالكهرباء، مع الارتفاع العالي لدرجات الحرارة.ولم تتوقف المطالبات عند حدود الكهرباء، او الخدمات، بل بدأت الجماهير تعلن عن مطالب ذات طابع سياسي، وتم التركيز بشكل كبير على كشف الفاسدين، الأمر الذي حدا برئيس الوزراء حيدر العبادي الى اتخاذ ما سمّيَ بـ (حزمة الإصلاحات الأولى)، التي تضمنت إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، كذلك إلغاء المخصصات المالية وتخفيض الرواتب للرئاسات الثلاث والوزراء والمدراء العامين وذوي المناصب الخاصة.كذلك أطلق العبادي حزمة ثانية، تحت ضغط المظاهرات وتوصيات المرجعية، فضلا عن تعهدات رئيس الوزراء للشعب العراقي من أن طريق الإصلاح بدأ ولن يتوقف، كما أعلن ذلك العبادي لمسؤولين في الاتحاد الأوروبي وأميركا وغيرهما، وقد ابدوا استعدادهم لمساعدة العراق والحكومة في تطبيق الخطوات الإصلاحية الكبيرة، أما تفاصيل الحزمة الثانية فهي تتمثل بالاعلان عن تقليص الوزارات وأعضاء مجلس الوزراء من 33 الى 22 ودمج بعض الوزارات مع بعضها وإلغاء البعض الآخر.
وهذا بدوره انعكس على الإصلاحات التي أعلنها رئيس البرلمان سليم الجبوري، وتتعلق بتخفيض الرواتب والمخصصات والحمايات وبدل الطعام وما شابه، كذلك بدأت الحكومات المحلية باتخاذ إجراءات مقاربة مثل حل المجالس البلدية في الاقضية والنواحي وإقالة نواب المحافظين ورؤساء المجالس وما شابه، وهي قرارات حدثت تحت ضغط المظاهرات التي بدأت تتصاعد في كل جمعة، مع تصاعد سقف المطالب!.ومن المفارقات التي رافقت قرارات الإصلاح المتزامنة من استمرار المظاهرات، ظهور تيارين متناقضين بخصوص حزمة الإصلاحات الأولى والثانية، فهناك فريق يرى أنها تصب في الاتجاه الصحيح ويقف معها، ويطالب بقرارات أكثر قوة مثل (حل البرلمان، والعمل على إقامة انتخابات تشريعية وما شابه)، وهذا التيار يمثله المتظاهرون، أما التيار الثاني فهو وإن أعلن تأييده للإصلاحات، إلا انه يرى أنها ينبغي أن لا تتعارض مع الدستور، بل أعلن بعض المقالين من مناصبهم أن هذا الإجراء غير قانوني.
وقد أعلن رئيس الوزراء نفسه، ردا على المطالبين بحل البرلمان وتهديم العملية السياسية (أنه لا توجد مصلحة في تدمير البنية السياسية والتشريعية للدولة، لأن الفوضى سوف تعم كل شيء)، فيما يطالب المتظاهرون بإجراء تغييرات جوهرية في النظام السياسي والتشريعي القائم، فضلا عن أهمية التغيير في بنية النظام القضائي.
وبخصوص إقالة رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود من منصبه ضمن تنظيف القضاء، فقد رفض أعضاء هذا المجلس بالإجماع استقالة رئيسه التي قدمها للمجلس طوعيا، علما أن إصلاح القضاء بات مطلبا رئيساً للمتظاهرين، كذلك هو مطلب للمرجعية الدينية التي أكدت أن إصلاح القضاء أساس لجميع الإصلاحات في الميادين الأخرى.
وهكذا بات الأمر واضحا للجميع، أن هناك مشكلات إدارية ودستورية، تشكِّل عقبات واضحة أمام الإصلاحات، وأن رئيس الوزراء حيدر العبادي، بات في منطقة حرجة بل صعبة للغاية، حيث تتداخل العقبات الإدارية مع الدستورية لإجراء الإصلاحات، في ظرف عصيب يمر به العراق، يتمثَّل بالتهديد الأمني الخطير الذي يتهدد وجوده بالكامل، متمثِّلا بالحرب الكبيرة التي يخوضها العراقيون ضد تنظيم (داعش) الإرهابي.إن هذا الوضع المعقد الذي يعيشه العراق اليوم، يستدعي الحكمة في أقصى درجاتها من الجميع، وأولهم الحكومة العراقية، ومن ثم الكتل السياسية كافة وأحزابها، والشخصيات المستقلة الداخلة في العملية السياسية، وكذلك الشعب، فهو مسؤول عن التصرف بحكمة قصوى إزاء المظاهرات وتداعياتها على الوضع الأمني، في هذا الظرف العصيب الذي يحاول أن يجتازه العراق بسلام، وكذلك فإن الحكومة العراقية مطالبة بالاستمرار في الإصلاحات، وملاحقة الفساد والمفسدين، والقضاء على الترهل، ومواصلة عملية (الترشيق الوزاري) والإداري وسواه.ولا بدَّ أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم بحزم وحكمة، لاسيما التيار المتضرر من الإصلاحات، والتيار المؤيد لها، فلا ينبغي تغليب مصلحة على أخرى .
قيل سابقاً أن الحرائق الكبيرة غالبا ما تبدأ بشرارة صغيرة، لا تسترعي انتباه من سيتضرر بها من النار، ولكن مع مرور الوقت، ومع انتشار هذه النار في الهشيم، سوف يتنبّه المعنيون والمتضررون من الحريق الى خطورة الوضع، وقد حدث شيء كهذا في الاحتجاجات التي حدثت مؤخرا في العراق، اذ بدأت شرارتها الصغيرة في منطقة صغيرة تابعة للبصرة، عندما خرج عدد من الأهالي والشبان محتجين على قلة تزويدهم بالكهرباء، مع الارتفاع العالي لدرجات الحرارة.ولم تتوقف المطالبات عند حدود الكهرباء، او الخدمات، بل بدأت الجماهير تعلن عن مطالب ذات طابع سياسي، وتم التركيز بشكل كبير على كشف الفاسدين، الأمر الذي حدا برئيس الوزراء حيدر العبادي الى اتخاذ ما سمّيَ بـ (حزمة الإصلاحات الأولى)، التي تضمنت إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، كذلك إلغاء المخصصات المالية وتخفيض الرواتب للرئاسات الثلاث والوزراء والمدراء العامين وذوي المناصب الخاصة.كذلك أطلق العبادي حزمة ثانية، تحت ضغط المظاهرات وتوصيات المرجعية، فضلا عن تعهدات رئيس الوزراء للشعب العراقي من أن طريق الإصلاح بدأ ولن يتوقف، كما أعلن ذلك العبادي لمسؤولين في الاتحاد الأوروبي وأميركا وغيرهما، وقد ابدوا استعدادهم لمساعدة العراق والحكومة في تطبيق الخطوات الإصلاحية الكبيرة، أما تفاصيل الحزمة الثانية فهي تتمثل بالاعلان عن تقليص الوزارات وأعضاء مجلس الوزراء من 33 الى 22 ودمج بعض الوزارات مع بعضها وإلغاء البعض الآخر.
وهذا بدوره انعكس على الإصلاحات التي أعلنها رئيس البرلمان سليم الجبوري، وتتعلق بتخفيض الرواتب والمخصصات والحمايات وبدل الطعام وما شابه، كذلك بدأت الحكومات المحلية باتخاذ إجراءات مقاربة مثل حل المجالس البلدية في الاقضية والنواحي وإقالة نواب المحافظين ورؤساء المجالس وما شابه، وهي قرارات حدثت تحت ضغط المظاهرات التي بدأت تتصاعد في كل جمعة، مع تصاعد سقف المطالب!.ومن المفارقات التي رافقت قرارات الإصلاح المتزامنة من استمرار المظاهرات، ظهور تيارين متناقضين بخصوص حزمة الإصلاحات الأولى والثانية، فهناك فريق يرى أنها تصب في الاتجاه الصحيح ويقف معها، ويطالب بقرارات أكثر قوة مثل (حل البرلمان، والعمل على إقامة انتخابات تشريعية وما شابه)، وهذا التيار يمثله المتظاهرون، أما التيار الثاني فهو وإن أعلن تأييده للإصلاحات، إلا انه يرى أنها ينبغي أن لا تتعارض مع الدستور، بل أعلن بعض المقالين من مناصبهم أن هذا الإجراء غير قانوني.
وقد أعلن رئيس الوزراء نفسه، ردا على المطالبين بحل البرلمان وتهديم العملية السياسية (أنه لا توجد مصلحة في تدمير البنية السياسية والتشريعية للدولة، لأن الفوضى سوف تعم كل شيء)، فيما يطالب المتظاهرون بإجراء تغييرات جوهرية في النظام السياسي والتشريعي القائم، فضلا عن أهمية التغيير في بنية النظام القضائي.
وبخصوص إقالة رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود من منصبه ضمن تنظيف القضاء، فقد رفض أعضاء هذا المجلس بالإجماع استقالة رئيسه التي قدمها للمجلس طوعيا، علما أن إصلاح القضاء بات مطلبا رئيساً للمتظاهرين، كذلك هو مطلب للمرجعية الدينية التي أكدت أن إصلاح القضاء أساس لجميع الإصلاحات في الميادين الأخرى.
وهكذا بات الأمر واضحا للجميع، أن هناك مشكلات إدارية ودستورية، تشكِّل عقبات واضحة أمام الإصلاحات، وأن رئيس الوزراء حيدر العبادي، بات في منطقة حرجة بل صعبة للغاية، حيث تتداخل العقبات الإدارية مع الدستورية لإجراء الإصلاحات، في ظرف عصيب يمر به العراق، يتمثَّل بالتهديد الأمني الخطير الذي يتهدد وجوده بالكامل، متمثِّلا بالحرب الكبيرة التي يخوضها العراقيون ضد تنظيم (داعش) الإرهابي.إن هذا الوضع المعقد الذي يعيشه العراق اليوم، يستدعي الحكمة في أقصى درجاتها من الجميع، وأولهم الحكومة العراقية، ومن ثم الكتل السياسية كافة وأحزابها، والشخصيات المستقلة الداخلة في العملية السياسية، وكذلك الشعب، فهو مسؤول عن التصرف بحكمة قصوى إزاء المظاهرات وتداعياتها على الوضع الأمني، في هذا الظرف العصيب الذي يحاول أن يجتازه العراق بسلام، وكذلك فإن الحكومة العراقية مطالبة بالاستمرار في الإصلاحات، وملاحقة الفساد والمفسدين، والقضاء على الترهل، ومواصلة عملية (الترشيق الوزاري) والإداري وسواه.ولا بدَّ أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم بحزم وحكمة، لاسيما التيار المتضرر من الإصلاحات، والتيار المؤيد لها، فلا ينبغي تغليب مصلحة على أخرى .