تلازم محاربة الفساد والإرهاب
بقلم: محمد محبوب
لا يختلف إثنان على حاجة الأمة العراقية الى الإصلاح، الجميع يطالب بالإصلاح، والمفارقة هي ان بعض الفاسدين المدانين الهاربين يطالبون بالإصلاح ايضاً، كما أن أصحاب الأجندات المشبوهة هم الأعلى صوتاً في فضح الفساد، أما بعض زعماء الكتل والأحزاب السياسية المتنفذة فقد أربكتهم التظاهرات الشعبية، فتارة يؤيدونها وتارة أخرى يقللون من أهميتها أو يشيرون الى أولوية المعركة مع داعش بزعم ان التظاهرات تشغل الأمة وتشتت جهدها عن اولوية القتال ضد داعش وهو كلام حق يُراد به باطل، وتاريخ الأمم يؤكد هذه الحقيقة، لان الأمم التي ينخرها وباء الفساد المالي والإداري لا تستطيع تحقيق النصر في الحرب إذا ما دخلتها، والعكس صحيح، فالهزيمة كانت دائما هي حصاد الأمم التي تعاني من الفساد والفشل، لأن الجندي والمتطوع لا يدافعان عن وطن أسير بيد قادة فاسدين.
وخلال السنوات الماضية تابعنا الكثير من الصفقات ذات العلاقة المباشرة بالجانب العسكري والأمني والتي أُثيرت حولها شبهات فساد او سوء إدارة، لا مجال لاستعراضها هنا لكني أشير الى ما اعلنه وزير الداخلية محمد سالم الغبان في الآونة الاخيرة من اكتشافه لـ (درع مزيف) يُفترض انه مضاد للرصاص والشظايا ليلبسه منتسبو الأجهزة الأمنية لحمايتهم حيث تم استيراد كميات كبيرة منه بأموال طائلة وبأسعار مبالغ بها، وهذه ليست جريمة فساد فحسب، وإنما تآمر على حياة عناصر الاجهزة الأمنية وبالتالي اضعاف قدرتها على مواجهة الإرهاب، ولا أبالغ اذا قلت إن الفساد هو سبب سقوط الموصل، إذن فان مكافحة الفساد والإرهاب مسألتان متلازمتان لاانفكاك بينهما، هناك تخادم بين الفساد والإرهاب بل هناك في بعض الأحيان علاقة مباشرة بينهما، والذي يريد مكافحة الإرهاب، عليه أن يكافح الفساد. ما دعت اليه المرجعية الدينية الرشيدة خلال خطبة الجمعة الماضية بأن تكون لمكافحة الارهاب اولوية قصوى، يكون من خلال اعادة النظر في بعض القيادات الامنية، ومتابعة ملفات التسليح التي تعتمد عليها القوات الامنية في محاربتها للارهاب، وبالرغم من الاموال الطائلة التي تم إنفاقها على التسليح، لاحظنا ان القوات العسكرية والأمنية تشكو من نقص في الاسلحة والمعدات وإن وجدت فهي غير كافية او لا تتلاءم مع حجم الارهاب في العراق.
لعلَ المشكلة (الأكثر إشغالاً للناس) هي الفساد بكل تفاصيله ومظاهره وأشكاله. واستمرار الفساد، يعود الى أنه أخذ طابعاً سياسياً، أي أن للفساد مظلات سياسية، لعلها لا تحميه فقط، وإنما تتسابق على حمايته وتتفانى، وبذلك تضرب مصالح الوطن والناس عرض الحائط، وبحسب تقرير لهيئة النزاهة فان عدد المحالين الى المحاكم في عام 2010 بلغ 2844، في 2322 دعوى تنطوي على فساد تصل قيمته الاجمالية الى 31 مليار دولار، انظر كيف يمكن أن ينخر الفساد أكبر الميزانيات للدول والمجتمعات.
ان مشكلة العراق هي ان الفساد تعقد بدرجة كبيرة متواكبا مع الارهاب وعلينا مواجهة الاثنين معا بنفس الروح والآلية والعقلية. ان ما ادى الى شيوع ظاهرة الفساد بشكل كبير في المجتمع العراقي هو الخوف من تصدي الناس للمسؤولية العامة في السنوات الأولى لسقوط الديكتاتورية ثم مجيء الارهاب، وهذا الامر فيما بعد اصبح فساداً داخل الفساد أي حتى في محاربة الفساد، هناك فساد وهناك من يرى الفساد بعين واحدة لأنه لا يرى الفساد في الجماعة التي تنتمي الى نفس رؤيته الفكرية او السياسية او حتى المكوناتية ويرى فساد الآخرين فقط. ان هذه المشكلة بحاجة الى مراجعة ولا بد من ان يكون هناك تدقيق على الفساد اينما كان وان يجري العمل بآلية حضارية وليست حزبية او كتلية حول موضوعة الفساد، اليوم هناك تخويف بالفساد ادى الى فساد آخر بمعنى ان الكثير من دوائر الدولة لم تنجز بناها خوفا من ان تتعاقد وتصبح في العقد شبهة فساد ما ادى الى تأخر الدولة في انجاز مشاريع كبيرة بحجة ان المسؤولين الكبار يخافون
الفساد.
ان الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة، والعراقيون اليوم مصممون على طي هذه الصفحة ومحاربة الارهاب والمفسدين معا. وبالتالي وجوب بناء اجهزة رصينة والاهتمام بالعمل المؤسساتي والابتعاد عن المحاصصة والتسقيط السياسي في هذه الفترة بالذات فجميع المراحل الانتقالية للدول جربت هذ الحالة وليس العراق وحده من مرّ بهذه التجربة، واعتقد ان تصنيف العراق برقم متقدم في الفساد بين دول العالم امر لا يليق لا بالعراق ولا بحضارته ولا بشعبه، ويجب ان يكون استهداف الفساد لأجل استئصال الفساد من المجتمع العراقي فالجميع ملزمون بايقاف الاستهداف لغرض الاسقاط السياسي على اساس الفساد ويجب ان تكون هناك مهنية في التعامل، وللاسف كثير من الاتهامات تهدف الى اسقاط سياسي ما ومع اقتراب الانتخابات نلاحظ تزايد هذه الحمى، ولدينا كل الثقة بالمؤسسات العراقية اذا مارست دورها كديوان الرقابة المالية الذي يعد من الدواوين الرصينة وهيئة النزاهة البرلمانية والدوائر الرقابية الاخرى.
وأخيراً اريد ان اؤكد تلازم محاربة الفساد ومحاربة الإرهاب، وهذا ما تسعى اليه المرجعية الدينية العليا عبر خطب الجمعة في التأكيد على اعادة النظر ببعض القيادات الامنية ومتابعة سير العمليات العسكرية والاعتماد على الجيش للشرطة، فضلاً عن مطالبات المتظاهرين الإصلاحية ومنها إصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية.
لا يختلف إثنان على حاجة الأمة العراقية الى الإصلاح، الجميع يطالب بالإصلاح، والمفارقة هي ان بعض الفاسدين المدانين الهاربين يطالبون بالإصلاح ايضاً، كما أن أصحاب الأجندات المشبوهة هم الأعلى صوتاً في فضح الفساد، أما بعض زعماء الكتل والأحزاب السياسية المتنفذة فقد أربكتهم التظاهرات الشعبية، فتارة يؤيدونها وتارة أخرى يقللون من أهميتها أو يشيرون الى أولوية المعركة مع داعش بزعم ان التظاهرات تشغل الأمة وتشتت جهدها عن اولوية القتال ضد داعش وهو كلام حق يُراد به باطل، وتاريخ الأمم يؤكد هذه الحقيقة، لان الأمم التي ينخرها وباء الفساد المالي والإداري لا تستطيع تحقيق النصر في الحرب إذا ما دخلتها، والعكس صحيح، فالهزيمة كانت دائما هي حصاد الأمم التي تعاني من الفساد والفشل، لأن الجندي والمتطوع لا يدافعان عن وطن أسير بيد قادة فاسدين.
وخلال السنوات الماضية تابعنا الكثير من الصفقات ذات العلاقة المباشرة بالجانب العسكري والأمني والتي أُثيرت حولها شبهات فساد او سوء إدارة، لا مجال لاستعراضها هنا لكني أشير الى ما اعلنه وزير الداخلية محمد سالم الغبان في الآونة الاخيرة من اكتشافه لـ (درع مزيف) يُفترض انه مضاد للرصاص والشظايا ليلبسه منتسبو الأجهزة الأمنية لحمايتهم حيث تم استيراد كميات كبيرة منه بأموال طائلة وبأسعار مبالغ بها، وهذه ليست جريمة فساد فحسب، وإنما تآمر على حياة عناصر الاجهزة الأمنية وبالتالي اضعاف قدرتها على مواجهة الإرهاب، ولا أبالغ اذا قلت إن الفساد هو سبب سقوط الموصل، إذن فان مكافحة الفساد والإرهاب مسألتان متلازمتان لاانفكاك بينهما، هناك تخادم بين الفساد والإرهاب بل هناك في بعض الأحيان علاقة مباشرة بينهما، والذي يريد مكافحة الإرهاب، عليه أن يكافح الفساد. ما دعت اليه المرجعية الدينية الرشيدة خلال خطبة الجمعة الماضية بأن تكون لمكافحة الارهاب اولوية قصوى، يكون من خلال اعادة النظر في بعض القيادات الامنية، ومتابعة ملفات التسليح التي تعتمد عليها القوات الامنية في محاربتها للارهاب، وبالرغم من الاموال الطائلة التي تم إنفاقها على التسليح، لاحظنا ان القوات العسكرية والأمنية تشكو من نقص في الاسلحة والمعدات وإن وجدت فهي غير كافية او لا تتلاءم مع حجم الارهاب في العراق.
لعلَ المشكلة (الأكثر إشغالاً للناس) هي الفساد بكل تفاصيله ومظاهره وأشكاله. واستمرار الفساد، يعود الى أنه أخذ طابعاً سياسياً، أي أن للفساد مظلات سياسية، لعلها لا تحميه فقط، وإنما تتسابق على حمايته وتتفانى، وبذلك تضرب مصالح الوطن والناس عرض الحائط، وبحسب تقرير لهيئة النزاهة فان عدد المحالين الى المحاكم في عام 2010 بلغ 2844، في 2322 دعوى تنطوي على فساد تصل قيمته الاجمالية الى 31 مليار دولار، انظر كيف يمكن أن ينخر الفساد أكبر الميزانيات للدول والمجتمعات.
ان مشكلة العراق هي ان الفساد تعقد بدرجة كبيرة متواكبا مع الارهاب وعلينا مواجهة الاثنين معا بنفس الروح والآلية والعقلية. ان ما ادى الى شيوع ظاهرة الفساد بشكل كبير في المجتمع العراقي هو الخوف من تصدي الناس للمسؤولية العامة في السنوات الأولى لسقوط الديكتاتورية ثم مجيء الارهاب، وهذا الامر فيما بعد اصبح فساداً داخل الفساد أي حتى في محاربة الفساد، هناك فساد وهناك من يرى الفساد بعين واحدة لأنه لا يرى الفساد في الجماعة التي تنتمي الى نفس رؤيته الفكرية او السياسية او حتى المكوناتية ويرى فساد الآخرين فقط. ان هذه المشكلة بحاجة الى مراجعة ولا بد من ان يكون هناك تدقيق على الفساد اينما كان وان يجري العمل بآلية حضارية وليست حزبية او كتلية حول موضوعة الفساد، اليوم هناك تخويف بالفساد ادى الى فساد آخر بمعنى ان الكثير من دوائر الدولة لم تنجز بناها خوفا من ان تتعاقد وتصبح في العقد شبهة فساد ما ادى الى تأخر الدولة في انجاز مشاريع كبيرة بحجة ان المسؤولين الكبار يخافون
الفساد.
ان الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة، والعراقيون اليوم مصممون على طي هذه الصفحة ومحاربة الارهاب والمفسدين معا. وبالتالي وجوب بناء اجهزة رصينة والاهتمام بالعمل المؤسساتي والابتعاد عن المحاصصة والتسقيط السياسي في هذه الفترة بالذات فجميع المراحل الانتقالية للدول جربت هذ الحالة وليس العراق وحده من مرّ بهذه التجربة، واعتقد ان تصنيف العراق برقم متقدم في الفساد بين دول العالم امر لا يليق لا بالعراق ولا بحضارته ولا بشعبه، ويجب ان يكون استهداف الفساد لأجل استئصال الفساد من المجتمع العراقي فالجميع ملزمون بايقاف الاستهداف لغرض الاسقاط السياسي على اساس الفساد ويجب ان تكون هناك مهنية في التعامل، وللاسف كثير من الاتهامات تهدف الى اسقاط سياسي ما ومع اقتراب الانتخابات نلاحظ تزايد هذه الحمى، ولدينا كل الثقة بالمؤسسات العراقية اذا مارست دورها كديوان الرقابة المالية الذي يعد من الدواوين الرصينة وهيئة النزاهة البرلمانية والدوائر الرقابية الاخرى.
وأخيراً اريد ان اؤكد تلازم محاربة الفساد ومحاربة الإرهاب، وهذا ما تسعى اليه المرجعية الدينية العليا عبر خطب الجمعة في التأكيد على اعادة النظر ببعض القيادات الامنية ومتابعة سير العمليات العسكرية والاعتماد على الجيش للشرطة، فضلاً عن مطالبات المتظاهرين الإصلاحية ومنها إصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية.