تكتب قوارب الموت التي تحمل اللاجئين قصصا محزنة ومروعة عن اطفال ورجال ونساء يتساقطون موتى في رحلات محفوفة بالمخاطر تكون نهايتها الموت اما غرقا او برصاص خفر السواحل. موجة الهجرة الى الخارج وترك البلاد بأعداد غفيرة ومن مختلف الاختصاصات والكفاءات والمكونات امر يثير التساؤل وعلامات الاستفهام بين التشجيع السري والاهمال الحكومي, خصوصا مع توقيت بدايتها الذي تزامن مع الأزمة المالية الصعبة التي تمر بها البلاد ومع تعرضها الى هجمة إرهابية شرسة بقيادة عصابات داعش الاجرامية التي امكن تطويقها .
الحكومة تتحمل من دون شك قسطا كبيرا من التقصير عندما عجزت عن وضع برنامج نمو اقتصادي يستطيع ان ينهض بقطاعات البلاد الاقتصادية ويعمل على تطويرها حتى تستطيع ان تكافح الفقر والبطالة التي أخذت بالازدياد بمعدلات كبيرة خلال السنوات السابقة نتيجة لتراجع الاقتصاد والزراعة والصناعة, فضلا عن التدهور الامني الذي تسبب بنزوح اكثر من ثلاثة ملايين مواطن عن مناطق سكناهم الاصلية. هناك حديث عن ان تشجيعا سريا على هجرة العراقيين الى الغرب قد كان مقصودا وموجها ومتزامنا مع تسريب تقارير تحدثت عن حاجة دول الغرب وخصوصا ألمانيا الى اكثر من 150 الف فني وتقني لسد حاجة الشركات الصناعية الالمانية الكبرى من هذه الاختصاصات وهو ما يفسر ازديادها وكثافتها بعد ايام قليلة من هذه التسريبات والمعلومات التي تم ضخها بكثافة عبر صفحات التواصل الاجتماعي وغيرها, بل ان عددا كبيرا من المواطنين ممن تعتبر ظروف عيشهم داخل العراق بالمقبولة من حيث امتلاكهم لوظائف ومنازل ودخول مالية جيدة قد انخرطوا ايضا في موجات الهجرة تلك من دون سبب مقنع.
لقد تعرض العراق خلال السنوات الماضية الى ازمات امنية خطيرة, لكنها لم تتطور الى هجرات جماعية ضخمة بهذا العدد الكبير الذي يوحي بوجود مخطط مقصود يرمي الى افراغ البلاد من سكانها وشبابها واشاعة جو من الهزيمة والشعور بالاحباط والخوف وكأننا في فصل جديد من رواية «موسم الهجرة الى الشمال» للطيب صالح.
قد تكون لبعض الشباب ممن يضعون خطواتهم الاولى في الحياة مبرراتهم, حين يجدون ابواب الرزق موصدة بوجوههم وقد يدفعهم الشعور باليأس والاحباط الى اتخاذ قرارات صعبة بمغادرة اوطانهم واهلهم وذكرياتهم مرغمين بحثا عن فرص عمل وعيش كريم في بلاد الغربة, لكن ذلك ينبغي ان لا يحدث في مثل هذا الظرف الصعب والعسير الذي تحتاج فيه البلاد لأبنائها للدفاع عنها.
الفساد والنظام السياسي المشوه الذي ولد بعد التغيير اسهم في ضياع الاستقرار الذي كان يتمناه العراقيون وفي تأسيس دولة مزدهرة اقتصاديا ومستقرة امنيا, حيث اسهمت التقاطعات والخلافات والاصطفافات وتعزيز الانتماءات والهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية في اشاعة مناخ كئيب من انعدام الامن واستفحال الفساد والارهاب الذي ظل يتفاقم ويتراكم حتى ادى الى تعرض البلاد الى مخاطر امنية واقتصادية حرجة وخطيرة. ارتفاع معدلات الهجرة يؤشر ازدياد معدلات الشعور باليأس وفقدان الامل ومناخات الإحباط التي يعيشها هؤلاء, حين فضلوا المغامرة بأرواحهم وبأرواح أطفالهم الصغار والدخول في مغامرة محفوفة بالمخاطر والسفر نحو المجهول تاركين خلفهم حياة يشعرون بأنها ليست قابلة للاستمرار في بلد لا يزال ينزف ويراوح في مكانه منذ اكثر من عقد.
المؤسف حقا ان السياسيين والحكومة عندنا لم يتعاملوا مع هذه الظاهرة بشكل جدي, بل بطريقة إعلامية باهتة تدرك العجز الواضح عن معالجة الأزمة من جذورها، حيث انها لم تعد تملك ما تعد به هؤلاء المهاجرين نحو شواطئ الموت والغربة وتقنعهم بالعودة وهو أمر متوقع، فالعجز المالي وضعف الأمن وانشغال البلاد بالحرب على داعش تؤثر على إمكاناتها في إقناع من يرغب بالهجرة بالبقاء عبر استثمار الشعور بالوطنية والتمسك بوحدة البلاد والدفاع عنها وهي مسؤولية ينبغي على الجميع أن يتحملها ويشارك بها مع ايجاد برنامج وظائف ودعم حكومي جاذب.
لم يستثمر عدوان داعش على البلاد في مأسسة تحالفات وطنية حقيقية وانسجام بين الاحزاب المختلفة للشروع بعملية تعبئة وطنية وسياسية تقوم على دمج المكونات وابراز المشتركات وتنعكس ايجابيا على الواقع الميداني وحسم الصراع مع داعش تحت مظلة دعم التحالف الدولي, بل اهدرنا وقتا ثمينا اضعناه في مناوشات واختلافات نمطية عمقت من حدة الخلاف السياسي واسهمت في تعطيل عملية الحسم وأدت الى اشاعة ثقافة الاستسلام واللامبالاة بمصير البلاد واهلها. لا نحمل الآخرين من دول الغرب اوزار اخطائنا ما دامت ثقافتنا السياسية تنتج الفساد والفشل والاحباط وتجبر ابناء البلاد على الغربة والهجرة ولا نلوم الغرب على انسانيته التي تجبر ابناءنا على اللوذ بها وتجعل من السيدة انجيلا ميركل تذرف الدموع لمرأى الاطفال تقذف بهم الشواطئ من احضان امهاتهم صرعى رغم ان برلين تقع على بعد آلاف الكيلومترات عن عواصم عربية اخرى لا تجيد سوى اشعال الحروب وصناعة الخراب في منطقتنا وتوصد ابوابها بوجوهنا, بل وتتلذذ بمشهد قوارب الموت حين تغرق بأبنائنا.
الحكومة تتحمل من دون شك قسطا كبيرا من التقصير عندما عجزت عن وضع برنامج نمو اقتصادي يستطيع ان ينهض بقطاعات البلاد الاقتصادية ويعمل على تطويرها حتى تستطيع ان تكافح الفقر والبطالة التي أخذت بالازدياد بمعدلات كبيرة خلال السنوات السابقة نتيجة لتراجع الاقتصاد والزراعة والصناعة, فضلا عن التدهور الامني الذي تسبب بنزوح اكثر من ثلاثة ملايين مواطن عن مناطق سكناهم الاصلية. هناك حديث عن ان تشجيعا سريا على هجرة العراقيين الى الغرب قد كان مقصودا وموجها ومتزامنا مع تسريب تقارير تحدثت عن حاجة دول الغرب وخصوصا ألمانيا الى اكثر من 150 الف فني وتقني لسد حاجة الشركات الصناعية الالمانية الكبرى من هذه الاختصاصات وهو ما يفسر ازديادها وكثافتها بعد ايام قليلة من هذه التسريبات والمعلومات التي تم ضخها بكثافة عبر صفحات التواصل الاجتماعي وغيرها, بل ان عددا كبيرا من المواطنين ممن تعتبر ظروف عيشهم داخل العراق بالمقبولة من حيث امتلاكهم لوظائف ومنازل ودخول مالية جيدة قد انخرطوا ايضا في موجات الهجرة تلك من دون سبب مقنع.
لقد تعرض العراق خلال السنوات الماضية الى ازمات امنية خطيرة, لكنها لم تتطور الى هجرات جماعية ضخمة بهذا العدد الكبير الذي يوحي بوجود مخطط مقصود يرمي الى افراغ البلاد من سكانها وشبابها واشاعة جو من الهزيمة والشعور بالاحباط والخوف وكأننا في فصل جديد من رواية «موسم الهجرة الى الشمال» للطيب صالح.
قد تكون لبعض الشباب ممن يضعون خطواتهم الاولى في الحياة مبرراتهم, حين يجدون ابواب الرزق موصدة بوجوههم وقد يدفعهم الشعور باليأس والاحباط الى اتخاذ قرارات صعبة بمغادرة اوطانهم واهلهم وذكرياتهم مرغمين بحثا عن فرص عمل وعيش كريم في بلاد الغربة, لكن ذلك ينبغي ان لا يحدث في مثل هذا الظرف الصعب والعسير الذي تحتاج فيه البلاد لأبنائها للدفاع عنها.
الفساد والنظام السياسي المشوه الذي ولد بعد التغيير اسهم في ضياع الاستقرار الذي كان يتمناه العراقيون وفي تأسيس دولة مزدهرة اقتصاديا ومستقرة امنيا, حيث اسهمت التقاطعات والخلافات والاصطفافات وتعزيز الانتماءات والهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية في اشاعة مناخ كئيب من انعدام الامن واستفحال الفساد والارهاب الذي ظل يتفاقم ويتراكم حتى ادى الى تعرض البلاد الى مخاطر امنية واقتصادية حرجة وخطيرة. ارتفاع معدلات الهجرة يؤشر ازدياد معدلات الشعور باليأس وفقدان الامل ومناخات الإحباط التي يعيشها هؤلاء, حين فضلوا المغامرة بأرواحهم وبأرواح أطفالهم الصغار والدخول في مغامرة محفوفة بالمخاطر والسفر نحو المجهول تاركين خلفهم حياة يشعرون بأنها ليست قابلة للاستمرار في بلد لا يزال ينزف ويراوح في مكانه منذ اكثر من عقد.
المؤسف حقا ان السياسيين والحكومة عندنا لم يتعاملوا مع هذه الظاهرة بشكل جدي, بل بطريقة إعلامية باهتة تدرك العجز الواضح عن معالجة الأزمة من جذورها، حيث انها لم تعد تملك ما تعد به هؤلاء المهاجرين نحو شواطئ الموت والغربة وتقنعهم بالعودة وهو أمر متوقع، فالعجز المالي وضعف الأمن وانشغال البلاد بالحرب على داعش تؤثر على إمكاناتها في إقناع من يرغب بالهجرة بالبقاء عبر استثمار الشعور بالوطنية والتمسك بوحدة البلاد والدفاع عنها وهي مسؤولية ينبغي على الجميع أن يتحملها ويشارك بها مع ايجاد برنامج وظائف ودعم حكومي جاذب.
لم يستثمر عدوان داعش على البلاد في مأسسة تحالفات وطنية حقيقية وانسجام بين الاحزاب المختلفة للشروع بعملية تعبئة وطنية وسياسية تقوم على دمج المكونات وابراز المشتركات وتنعكس ايجابيا على الواقع الميداني وحسم الصراع مع داعش تحت مظلة دعم التحالف الدولي, بل اهدرنا وقتا ثمينا اضعناه في مناوشات واختلافات نمطية عمقت من حدة الخلاف السياسي واسهمت في تعطيل عملية الحسم وأدت الى اشاعة ثقافة الاستسلام واللامبالاة بمصير البلاد واهلها. لا نحمل الآخرين من دول الغرب اوزار اخطائنا ما دامت ثقافتنا السياسية تنتج الفساد والفشل والاحباط وتجبر ابناء البلاد على الغربة والهجرة ولا نلوم الغرب على انسانيته التي تجبر ابناءنا على اللوذ بها وتجعل من السيدة انجيلا ميركل تذرف الدموع لمرأى الاطفال تقذف بهم الشواطئ من احضان امهاتهم صرعى رغم ان برلين تقع على بعد آلاف الكيلومترات عن عواصم عربية اخرى لا تجيد سوى اشعال الحروب وصناعة الخراب في منطقتنا وتوصد ابوابها بوجوهنا, بل وتتلذذ بمشهد قوارب الموت حين تغرق بأبنائنا.