لم تتوقف عجلة السياسة الدولية اثناء عطلة العيد الطويلة. بل على العكس تحركت بسرعة موحية بان منطقة الشرق الأوسط وصراعاتها المختلفة قد تكون على أعتاب مرحلة او تحولات نوعية كبيرة. ولا يبعد ان تجري هذه التحولات على قاعدة وخلفية الاتفاق النووي الإيراني. تبدو الان روسيا اللاعب الاكبر في ساحة التحولات الجارية. ففضلا عن تصعيد دورها المباشر على الارض السورية، اتضح انها عضو مهم في «ترتيبات استخبارية» جديدة بين العراق وسوريا وإيران؛ وهي الدول غير الأعضاء في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، باستثناء العراق الذي يحظى بالعضوية المزدوجة وهو الموقع الذي يتيح له لعب دور الجسر الرابط بين التشكيلين. ميزة اللاعب الروسي انه اكثر سرعة من اللاعب الاميركي. ربما تعلق الامر باختلاف آلية اتخاذ القرار لدى الدولتين. لكن قد يكون السبب مرتبطا بستراتيجيات كل لاعب منهما. ثمة شعور شبه سائد الان ان التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بطيء وربما لا يقوم بالجهد الكافي في الحرب ضد داعش. لكن قيام التنسيق الرباعي قد يحفز التحالف الدولي على تسريع وتيرة حركته. سيؤثر التحرك الروسي في مصير الرئيس السوري حافظ الأسد. روسيا ترى ان الأسد هو الجهة الشرعية الوحيدة في سوريا وان جيشه هو القوة العسكرية الشرعية الوحيدة. وتعد ان تسليح اي مجموعة عسكرية اخرى يشكل انتهاكا لميثاق الامم المتحدة. كما ترى ان الهدف الملح هو القضاء على داعش والجماعات المسلحة المتطرفة الاخرى وليس الاطاحة بالأسد. الدول الغربية بدأت تغير موقفها من مسألة رحيل الأسد. فبعد ان كان ذلك يمثل أولوية فورية بالنسبة لهذه الدول وبخاصة الولايات المتحدة، يدور الحديث الان عن امكانية بقاء الأسد لفترة ما لنقترب اكثر من موقف النمسا وإسبانيا اللتين لا تريان ان رحيل الأسد مطروح للبحث. الان غير رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون موقفه وصار يقبل ببقاء الأسد على المدى المنظور. المستشارة الألمانية إنجيلا ميركيل تدعو الى الحديث مع كل الأطراف بما فيها الأسد للوصول الى تسوية سلمية. اما الموقف الاميركي الجديد فقد عبر عنه وزير الخارجية كيري بقوله انه ليس من الضروري ان يرحل الأسد في اليوم الاول او الشهر الثاني للتسوية السلمية. الأحداث تتطور بسرعة باتجاه توحيد الموقف الدولي من الأزمة العراقية السورية والشعور باعتبار داعش خطرا عالميا يزداد. والتقارب الإيراني الاميركي الروسي من شأنه ان يؤدي الى مزيد من السرعة. القضاء على داعش قبل فوات الآوان سوف يجنب العالم نازية جديدة بلباس إسلامي منحرف.