عندما تصحو المدينة على خلل في نظام حياتها الذي تعودته على مدى عقود طويلة، فان هذا يعني ان ثمة عطبا في مفصل من مفاصلها المهمة، وان هناك قصورا في سياق معالجتها للمشكلات التي تطفو على السطح كلما تصاعد الحراك الاجتماعي او حدثت مشكلة ما من المشكلات السياسية او الاقتصادية، وان نظاما يضطرب في الخدمات العامة ما هو إلا دليل على عدم التناغم وضعف في الشعور بالمسؤولية.
هذه المقدمة اسوقها بسبب ازمة اقفال العيادات الطبية في محافظة ميسان وتصاعد احتجاج الاطباء بمعية نقابتهم على تعليمات المحافظ.. وهي ازمة لم تكن لتتفاعل بهذه الطريقة غير المسؤولة لو تضافرت الجهود على بناء مؤسسات صحية تخضع لضوابط ومحددات الدولة وأنظمتها النافذة، وتنطلق في كل اعمالها وإجراءاتها من الشعور بمسؤوليتها تجاه المواطن.
تبدأ هذه الازمة كما يعرف ابناء محافظة ميسان من تعليمات اصدرها المحافظ، تهدف الى التخفيف عن كاهل المواطن في الخدمات الطبية (اجور الفحص في العيادات الخاصة) والتي باتت مرهونة بمزاج هذا او ذاك من الاطباء، فبعضهم يخفّضها وبعضهم يرفعها دون ضوابط ولا محددات قانونية اسوة بما يشيع في بلدان العالم، الامر الذي جعل المواطن يتذمّر ويعترض ويشعر بالغبن والاستغلال، طبعا هو لا يعترض امام ذوي الشأن، اعني الاطباء والجراحين وأصحاب المختبرات والصيدليات وغيرهم، انما يتحدث كمغلوب امام اقرانه المغلوبين الذين لا يملكون حولا ولا قوة امام جبروت الفوضى التي تعم المؤسسات والأسواق دونما رادع حقيقي يؤكد ان للدولة اجهزة رقابية تحميها وان السلطات التنفيذية بمقدورها حماية مصالحه وأمواله وبالتالي حياته الشخصية. يحدث ذلك وسط سوء تقديم الخدمات العامة ورداءة المنتج المستورد الذي لا يخضع هو الآخر لمحددات صارمة تكفل وصوله الى المواطن بثمنه الحقيقي، ولا بجودة ما ينشده هذا المغلوب!.
وعلى اية حال، فان موقف اطباء محافظة ميسان من تعلميات تقضي بتخفيض اجور المعاينة الطبية والالتزام بخفارات الاطباء في المستشفيات الحكومية امر ينبغي ان نتوقف عنده طويلا، ذلك انه جزء من متطلبات نهضة المدينة وإصلاحاتها، باعتبار هذه المؤسسات والعيادات ذات صلة وثيقة بحياة المواطن، لما تتمتع به من اهمية كبيرة وخطيرة في آن واحد، وان الخلل فيها قد يؤدي الى ما يحمد عقباه، وقد شهدت المستشفيات العراقية حالات اهمال متعددة راح ضحيتها العديد من المواطنين الذين يرزحون تحت وطأة ارهاب كافر ومقيت يطال كل شيء في حياتهم، مثلما يرزحون تحت وطأة الارهاصات السياسية والاقتصادية التي تفسد حاضرهم ومستقبلهم.
ان موقف الاطباء من هذا الامر يشير الى نوع من عدم الشعور بالمسؤولية وينذر بخرابٍ واضح لهذه المؤسسات التي يبدو انها تتصرف كما لو انها اقطاعية جديدة يتصرف بها هؤلاء بعيدا عن الغرض الذي اسستها الدولة من اجله، وهو المواطن الذي لا يملك اموالا فائضة عن حاجته لينفقها امام شراهة الطبقة الارستقراطية الجديدة. وإلا ماذا يعني ان تراجع هذه المؤسسات ليلا لتتوسل وصول طبيب واحد من مجموعة اطباء لا يراعون مصلحة عامة بالقدر الذي يراعون فيه مصالحهم الشخصية، فيما سيتعرضون بقوة لافتة تصل حد الاضراب والاحتجاج اذا ما طالبتهم الدولة بالالتزام بواجباتهم الحكومية؟!. انه امر غريب حقا من مجموعة من الكفاءات التي ينظر لها الناس بعين التقدير والاحترام، ولا اعمم هنا، فبعضهم لا يغادر موقع عمله إلا بعد ان يطمئن على مرضاه ليخفف عنهم ويقوم بواجبه على اكمل وجه، فضلا عن الاجور المخفضة التي يصر بعضهم على استقرارها شعورا منه بالتعاطف والقناعة في الرزق المعقول. هنا اتحدث عن الظاهرة بشكلها العام بسبب تردي الخدمات الطبية في عموم العراق وارتفاع مناسيب تكاليفها الباهظة وليست ميسان وحدها بطبيعة الحال.
يتناسى هؤلاء الاطباء ان معظمهم قد تعلم مستفيدا من مجانية التعليم التي تغطيها اموال الدولة (الدولة بوصفها الملكية العامة التي هي الشعب في نهاية المطاف) وبالتالي فعلينا جميعا ان نرى بعين الواجب مثلما ننظر على الدوام بعين الحقوق والمنافع، والإثراء غير الطبيعي على حساب المواطن المغلوب و»المكرود» والمستلب من الطبقات التي صارت اقسى عليه من اهوال كان يعد العدة لمجابهتها على الدوام، اهوال العوز والفاقة وشحة الرزق والإرهاب في بلد يغفو على خيرات الله الواسعة والكبيرة، ولم يدر في خلده انه سينشغل على الدوام بصراعه مع الطبقات البورجوازية الناشئة، حيث ان هذه الازمة قد كشفت ان المشكلة معقدة وتستحق تدخل الدولة بكل ثقلها وقوة قوانينها النافذة التي لا بد ان تصب في مصلحة المواطن..
اقول هذا ولست حانقا على الاطباء ومؤسساتهم الصحية، كما لا اطمع في مناصرة محافظ او غيره من اصحاب القرار، جنبنا الله وإياكم قرابتهم ومناصرتهم في هذا الظرف العصيب!!.
هذه المقدمة اسوقها بسبب ازمة اقفال العيادات الطبية في محافظة ميسان وتصاعد احتجاج الاطباء بمعية نقابتهم على تعليمات المحافظ.. وهي ازمة لم تكن لتتفاعل بهذه الطريقة غير المسؤولة لو تضافرت الجهود على بناء مؤسسات صحية تخضع لضوابط ومحددات الدولة وأنظمتها النافذة، وتنطلق في كل اعمالها وإجراءاتها من الشعور بمسؤوليتها تجاه المواطن.
تبدأ هذه الازمة كما يعرف ابناء محافظة ميسان من تعليمات اصدرها المحافظ، تهدف الى التخفيف عن كاهل المواطن في الخدمات الطبية (اجور الفحص في العيادات الخاصة) والتي باتت مرهونة بمزاج هذا او ذاك من الاطباء، فبعضهم يخفّضها وبعضهم يرفعها دون ضوابط ولا محددات قانونية اسوة بما يشيع في بلدان العالم، الامر الذي جعل المواطن يتذمّر ويعترض ويشعر بالغبن والاستغلال، طبعا هو لا يعترض امام ذوي الشأن، اعني الاطباء والجراحين وأصحاب المختبرات والصيدليات وغيرهم، انما يتحدث كمغلوب امام اقرانه المغلوبين الذين لا يملكون حولا ولا قوة امام جبروت الفوضى التي تعم المؤسسات والأسواق دونما رادع حقيقي يؤكد ان للدولة اجهزة رقابية تحميها وان السلطات التنفيذية بمقدورها حماية مصالحه وأمواله وبالتالي حياته الشخصية. يحدث ذلك وسط سوء تقديم الخدمات العامة ورداءة المنتج المستورد الذي لا يخضع هو الآخر لمحددات صارمة تكفل وصوله الى المواطن بثمنه الحقيقي، ولا بجودة ما ينشده هذا المغلوب!.
وعلى اية حال، فان موقف اطباء محافظة ميسان من تعلميات تقضي بتخفيض اجور المعاينة الطبية والالتزام بخفارات الاطباء في المستشفيات الحكومية امر ينبغي ان نتوقف عنده طويلا، ذلك انه جزء من متطلبات نهضة المدينة وإصلاحاتها، باعتبار هذه المؤسسات والعيادات ذات صلة وثيقة بحياة المواطن، لما تتمتع به من اهمية كبيرة وخطيرة في آن واحد، وان الخلل فيها قد يؤدي الى ما يحمد عقباه، وقد شهدت المستشفيات العراقية حالات اهمال متعددة راح ضحيتها العديد من المواطنين الذين يرزحون تحت وطأة ارهاب كافر ومقيت يطال كل شيء في حياتهم، مثلما يرزحون تحت وطأة الارهاصات السياسية والاقتصادية التي تفسد حاضرهم ومستقبلهم.
ان موقف الاطباء من هذا الامر يشير الى نوع من عدم الشعور بالمسؤولية وينذر بخرابٍ واضح لهذه المؤسسات التي يبدو انها تتصرف كما لو انها اقطاعية جديدة يتصرف بها هؤلاء بعيدا عن الغرض الذي اسستها الدولة من اجله، وهو المواطن الذي لا يملك اموالا فائضة عن حاجته لينفقها امام شراهة الطبقة الارستقراطية الجديدة. وإلا ماذا يعني ان تراجع هذه المؤسسات ليلا لتتوسل وصول طبيب واحد من مجموعة اطباء لا يراعون مصلحة عامة بالقدر الذي يراعون فيه مصالحهم الشخصية، فيما سيتعرضون بقوة لافتة تصل حد الاضراب والاحتجاج اذا ما طالبتهم الدولة بالالتزام بواجباتهم الحكومية؟!. انه امر غريب حقا من مجموعة من الكفاءات التي ينظر لها الناس بعين التقدير والاحترام، ولا اعمم هنا، فبعضهم لا يغادر موقع عمله إلا بعد ان يطمئن على مرضاه ليخفف عنهم ويقوم بواجبه على اكمل وجه، فضلا عن الاجور المخفضة التي يصر بعضهم على استقرارها شعورا منه بالتعاطف والقناعة في الرزق المعقول. هنا اتحدث عن الظاهرة بشكلها العام بسبب تردي الخدمات الطبية في عموم العراق وارتفاع مناسيب تكاليفها الباهظة وليست ميسان وحدها بطبيعة الحال.
يتناسى هؤلاء الاطباء ان معظمهم قد تعلم مستفيدا من مجانية التعليم التي تغطيها اموال الدولة (الدولة بوصفها الملكية العامة التي هي الشعب في نهاية المطاف) وبالتالي فعلينا جميعا ان نرى بعين الواجب مثلما ننظر على الدوام بعين الحقوق والمنافع، والإثراء غير الطبيعي على حساب المواطن المغلوب و»المكرود» والمستلب من الطبقات التي صارت اقسى عليه من اهوال كان يعد العدة لمجابهتها على الدوام، اهوال العوز والفاقة وشحة الرزق والإرهاب في بلد يغفو على خيرات الله الواسعة والكبيرة، ولم يدر في خلده انه سينشغل على الدوام بصراعه مع الطبقات البورجوازية الناشئة، حيث ان هذه الازمة قد كشفت ان المشكلة معقدة وتستحق تدخل الدولة بكل ثقلها وقوة قوانينها النافذة التي لا بد ان تصب في مصلحة المواطن..
اقول هذا ولست حانقا على الاطباء ومؤسساتهم الصحية، كما لا اطمع في مناصرة محافظ او غيره من اصحاب القرار، جنبنا الله وإياكم قرابتهم ومناصرتهم في هذا الظرف العصيب!!.