تتميز في جميع المجتمعات، على اختلاف طبيعتها ومكوناتها، مجموعة صغيرة من الأفراد عن باقي عناصر المجتمع بمستوى تأثيرها في قرارات ذلك المجتمع ونفوذها داخله. وتُعرف هذه المجموعة او الطبقة بالنخبة.
تختلف مقوّمات طبقة النخبة وصفات عناصرها أو ما يؤهلها لجعلها الطبقة الاكثر تأثيراً ونفوذاً باختلاف المجتمعات وطبيعة الافراد وتتأثر بالبيئة والظروف المحيطة فيها.
منذ ظهور مبدأ الملكية الشخصية، اصبح المال والثراء، أحد اهم المقومات للانضمام الى طبقة النخبة وأحد اهم عوامل التأثير والنفوذ، ومع تطور المجتمعات تطورت مقومات تلك الطبقة وأضيفت اليها خصائص اخرى كالمعرفة في مجالات الادب والعلوم المختلفة، بدلاًمن مقومات القوة والشدة التي كانت سائدة في المجتمعات البدائية، ومع توسع العقائد والاديان، اصبحت أحد اهم المؤثرات في المجتمع ومن ثم يصنف رجال الدين في العديد من المجتمعات من ضمن اهم عناصر النخبة. وفي العصر الحديث اضحت السياسة عاملاً آخر وجديدا من عوامل التأثير والنفوذ في المجتمع مما جعلها أحد مقومات طبقة النخبة التي يسعى اليها اصحاب الثراء واصحاب النفوذ العشائري والافراد من ذوي الخلفيات الاجتماعية المرموقة.
تعد طبقة النخبة في عالم اليوم أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، فهي متنوعة وتقترن مع عدة مجالات كالعسكرية والسياسية والمالية والنقابية والثقافية والاجتماعية والأكاديمية ورؤوس اموال القطاع الخاص والاعلام وغيرها من مكونات المجتمع، واصبح البعض يصنفها على اساس المجموعات الصغيرة التي تؤثر في صنع القرار، او على اساس المؤسسات (الحكومية والخاصة) ذات التأثير في مراكز صنع القرار.
النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة مثلا تتكون في الدرجة الاولى من ثلاثة مكونات رئيسة، القيادة السياسية، رؤساء الشركات الاقتصادية والرتب الرفيعة في الجيش.، معظم افرادها من الذكور الذين يشكلون نسبة 80 بالمئة منها، اغلبهم من العنصر الابيض ذي الاصول الانجلو سكسون، جُلهم من حملة الشهادات الجامعية ونصفهم حاصل على شهادات عليا. ومن الملفت للنظر ان أكثرمن نصف الشهادات التي يحملها افراد النخبة الاميركية الحاكمة، قد حصلواعليها من حوالي ١٢ جامعة اميركية فقط، ولكنها جامعات بميزانيات ضخمة جداًوقد تعادل ميزانيات دول صغيرة. ان مايميز طبقة النخبة في الولايات المتحدة هو تداخل عناصرها وتنقلهم بين المؤسسات الأربعة المتنفذة (السياسية والعسكرية والبحثية والمالية) ما يزيد متانة الاواصر بين تلك العناصر ويعزز من اتساع نطاق تأثيرها ونفوذها.
يُلاحظ في اغلب الدول المتقدمة امكانية تنقل افراد النخب بين مؤسسات الدولة من دون عناء،مثل التنقل بين المؤسسات العسكرية والبحثية والأكاديمية والوزارات السيادية مثل الخارجية والامنية والمالية، وبالتالي يتحقق تمازج في الخبرات بحيث يتم في المحصلة تعشيقها بالقطاعات المهمة للدولة.وفي هذه الحالة نرى وجود مؤسسات او دوائر صغيرة من ضمن هذه النخب تسعى لأهداف مشتركة وتؤدي وحدة قرارها الى إحداث تأثيرات إيجابية كبيرة في مسار بلدانهم.
طبيعة الاتجاه الفكري لطبقة النخبة كثيراً ما يحمل تبعات وتأثيرات كبيرة في المجتمع، وهذا مايحدث في المجتمعات الحضارية عند نشوء طبقة نخبة ذات الخلفيات الدينية والحزبية غير المؤهلة التي تسعى الى الحصول على الامتيازات غير عاكسة لعطاءاتها وتحاول التأثير في صناعة القرار، حيث تبدأ النخبة بالاعتقاد بأنها اعلى مرتبة وافضل من الشعب وان فِكر المجتمع لايرقى الى مستوى التواصل معه. ان مثل هذا السلوك سوف يتقاطع حتماً مع اهداف ومصالح المجتمع، وبهذا يتولد الشعور لدى العامة بأن النخبة اصبحت بعيدة تماماً عن فهم احتياجات وتطلعات الشارع لتتسع بذلك الفجوة بين الطبقتين (النخبة والشعب)، وتضمر قنوات الحوار البناء بينهما وتضمحل لتنشأ بذلك دكتاتورية تؤمن بأنها اعلم بمصلحة الشعب من نفسه لتقود البلاد الى مالا يحمد
عقباه.
ومن الظواهر التي تشهدها المجتمعات المعاصرة ايضاً ظاهرة زراعة النخبة او الوصولية، وهي ظاهرة توفير الموارد والامكانيات الكفيلة بدمج اشخاص محددين ضمن طبقة النخبة عن طريق استغلال ظروف غيرطبيعية يمربها المجتمع والسماح للدخلاء بشغل مكانةعليا، واستخدام المال اوالاعلام كوسيلة أساسية لكسب النفوذ والتأثيرفي القرارلتحقيق أغراض ذات ابعاد مسيئة ومدمرة،ولكن مهما اختلفت تعاريف النخبة ومقوماتها وطبيعتها، فهي متشابهة في اهم خصالها، وهي ان المجتمع هو المحدد الأول والأخير لنوع النخبة الذي تقوده ودرجة تأثيرها فيه .حيث ان النخبة هي جزء من المجتمع وتستمد قوتها منه، وان اي من الطبقتين تكمل احداهما الاخرى، ولايمكن للنخبة العمل بمعزل عن المجتمع، وانما من المفروض انها وجدت لتلبية احتياجاته لا استغلال موارد الشعب لتحقيق مصالحها الضيقة.
فيما يتعلق بالحالة العراقية، فان الخلل في معادلة النخبة وكيفية نشوئها واضح جداً. والأسباب ايضاً واضحة. فقد سمحت الظروف الصعبة التي عاشها المجتمع العراقي بنمو طبقات يعدها الكثيرون على انها من النخبة كأحد انعكاسات ظروف الصراعات السياسية والحالة الاجتماعية والأمنية المضطربة التي تعيشها البلاد وكيفية تعاطي مكونات المجتمع مع بعضها البعض، فالنخبة اولاً واخيراً هي نتاج افرازات الواقع الذي يعيشه المجتمع والظروف المحيطة به كما ذكرنا سابقاً.
ان علينا نحن العراقيين مراجعة كيفية اختيار ممن تتوفر فيهم المقوّمات الاساسية اللازمة لمنحهم صفة النخبة لصناعة القرار العراقي التشريعي والتنفيذي والسياسي والاقتصادي والثقافي والاعلامي والاجتماعي. نحن بحاجة بالعودة الى قيم الفكر والعلم وتحديد المنهجية الصحيحة للقرارات والابتعاد عن المادّية والطائفية والعرقية. ان من الضروري جداً ان نأخذ بعين الاعتبار مراحل البناء التي يمر بها مجتمعنا ونوع النخب المطلوبة في كل مرحلة. فلا توجد معادلة واحدة في الامم تحدد طبيعة ونوع النخب، لكن بالإمكان تحديد دور النخبة من قبل المجتمع بشكل واضح لكي تشارك في بناء عراقنا الذي نصبو اليه، اذ بجودة النخبة واصالتها وتلاحمها مع الشعب يمكن ان نبني امتنا على اسس صحيحة.
تختلف مقوّمات طبقة النخبة وصفات عناصرها أو ما يؤهلها لجعلها الطبقة الاكثر تأثيراً ونفوذاً باختلاف المجتمعات وطبيعة الافراد وتتأثر بالبيئة والظروف المحيطة فيها.
منذ ظهور مبدأ الملكية الشخصية، اصبح المال والثراء، أحد اهم المقومات للانضمام الى طبقة النخبة وأحد اهم عوامل التأثير والنفوذ، ومع تطور المجتمعات تطورت مقومات تلك الطبقة وأضيفت اليها خصائص اخرى كالمعرفة في مجالات الادب والعلوم المختلفة، بدلاًمن مقومات القوة والشدة التي كانت سائدة في المجتمعات البدائية، ومع توسع العقائد والاديان، اصبحت أحد اهم المؤثرات في المجتمع ومن ثم يصنف رجال الدين في العديد من المجتمعات من ضمن اهم عناصر النخبة. وفي العصر الحديث اضحت السياسة عاملاً آخر وجديدا من عوامل التأثير والنفوذ في المجتمع مما جعلها أحد مقومات طبقة النخبة التي يسعى اليها اصحاب الثراء واصحاب النفوذ العشائري والافراد من ذوي الخلفيات الاجتماعية المرموقة.
تعد طبقة النخبة في عالم اليوم أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، فهي متنوعة وتقترن مع عدة مجالات كالعسكرية والسياسية والمالية والنقابية والثقافية والاجتماعية والأكاديمية ورؤوس اموال القطاع الخاص والاعلام وغيرها من مكونات المجتمع، واصبح البعض يصنفها على اساس المجموعات الصغيرة التي تؤثر في صنع القرار، او على اساس المؤسسات (الحكومية والخاصة) ذات التأثير في مراكز صنع القرار.
النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة مثلا تتكون في الدرجة الاولى من ثلاثة مكونات رئيسة، القيادة السياسية، رؤساء الشركات الاقتصادية والرتب الرفيعة في الجيش.، معظم افرادها من الذكور الذين يشكلون نسبة 80 بالمئة منها، اغلبهم من العنصر الابيض ذي الاصول الانجلو سكسون، جُلهم من حملة الشهادات الجامعية ونصفهم حاصل على شهادات عليا. ومن الملفت للنظر ان أكثرمن نصف الشهادات التي يحملها افراد النخبة الاميركية الحاكمة، قد حصلواعليها من حوالي ١٢ جامعة اميركية فقط، ولكنها جامعات بميزانيات ضخمة جداًوقد تعادل ميزانيات دول صغيرة. ان مايميز طبقة النخبة في الولايات المتحدة هو تداخل عناصرها وتنقلهم بين المؤسسات الأربعة المتنفذة (السياسية والعسكرية والبحثية والمالية) ما يزيد متانة الاواصر بين تلك العناصر ويعزز من اتساع نطاق تأثيرها ونفوذها.
يُلاحظ في اغلب الدول المتقدمة امكانية تنقل افراد النخب بين مؤسسات الدولة من دون عناء،مثل التنقل بين المؤسسات العسكرية والبحثية والأكاديمية والوزارات السيادية مثل الخارجية والامنية والمالية، وبالتالي يتحقق تمازج في الخبرات بحيث يتم في المحصلة تعشيقها بالقطاعات المهمة للدولة.وفي هذه الحالة نرى وجود مؤسسات او دوائر صغيرة من ضمن هذه النخب تسعى لأهداف مشتركة وتؤدي وحدة قرارها الى إحداث تأثيرات إيجابية كبيرة في مسار بلدانهم.
طبيعة الاتجاه الفكري لطبقة النخبة كثيراً ما يحمل تبعات وتأثيرات كبيرة في المجتمع، وهذا مايحدث في المجتمعات الحضارية عند نشوء طبقة نخبة ذات الخلفيات الدينية والحزبية غير المؤهلة التي تسعى الى الحصول على الامتيازات غير عاكسة لعطاءاتها وتحاول التأثير في صناعة القرار، حيث تبدأ النخبة بالاعتقاد بأنها اعلى مرتبة وافضل من الشعب وان فِكر المجتمع لايرقى الى مستوى التواصل معه. ان مثل هذا السلوك سوف يتقاطع حتماً مع اهداف ومصالح المجتمع، وبهذا يتولد الشعور لدى العامة بأن النخبة اصبحت بعيدة تماماً عن فهم احتياجات وتطلعات الشارع لتتسع بذلك الفجوة بين الطبقتين (النخبة والشعب)، وتضمر قنوات الحوار البناء بينهما وتضمحل لتنشأ بذلك دكتاتورية تؤمن بأنها اعلم بمصلحة الشعب من نفسه لتقود البلاد الى مالا يحمد
عقباه.
ومن الظواهر التي تشهدها المجتمعات المعاصرة ايضاً ظاهرة زراعة النخبة او الوصولية، وهي ظاهرة توفير الموارد والامكانيات الكفيلة بدمج اشخاص محددين ضمن طبقة النخبة عن طريق استغلال ظروف غيرطبيعية يمربها المجتمع والسماح للدخلاء بشغل مكانةعليا، واستخدام المال اوالاعلام كوسيلة أساسية لكسب النفوذ والتأثيرفي القرارلتحقيق أغراض ذات ابعاد مسيئة ومدمرة،ولكن مهما اختلفت تعاريف النخبة ومقوماتها وطبيعتها، فهي متشابهة في اهم خصالها، وهي ان المجتمع هو المحدد الأول والأخير لنوع النخبة الذي تقوده ودرجة تأثيرها فيه .حيث ان النخبة هي جزء من المجتمع وتستمد قوتها منه، وان اي من الطبقتين تكمل احداهما الاخرى، ولايمكن للنخبة العمل بمعزل عن المجتمع، وانما من المفروض انها وجدت لتلبية احتياجاته لا استغلال موارد الشعب لتحقيق مصالحها الضيقة.
فيما يتعلق بالحالة العراقية، فان الخلل في معادلة النخبة وكيفية نشوئها واضح جداً. والأسباب ايضاً واضحة. فقد سمحت الظروف الصعبة التي عاشها المجتمع العراقي بنمو طبقات يعدها الكثيرون على انها من النخبة كأحد انعكاسات ظروف الصراعات السياسية والحالة الاجتماعية والأمنية المضطربة التي تعيشها البلاد وكيفية تعاطي مكونات المجتمع مع بعضها البعض، فالنخبة اولاً واخيراً هي نتاج افرازات الواقع الذي يعيشه المجتمع والظروف المحيطة به كما ذكرنا سابقاً.
ان علينا نحن العراقيين مراجعة كيفية اختيار ممن تتوفر فيهم المقوّمات الاساسية اللازمة لمنحهم صفة النخبة لصناعة القرار العراقي التشريعي والتنفيذي والسياسي والاقتصادي والثقافي والاعلامي والاجتماعي. نحن بحاجة بالعودة الى قيم الفكر والعلم وتحديد المنهجية الصحيحة للقرارات والابتعاد عن المادّية والطائفية والعرقية. ان من الضروري جداً ان نأخذ بعين الاعتبار مراحل البناء التي يمر بها مجتمعنا ونوع النخب المطلوبة في كل مرحلة. فلا توجد معادلة واحدة في الامم تحدد طبيعة ونوع النخب، لكن بالإمكان تحديد دور النخبة من قبل المجتمع بشكل واضح لكي تشارك في بناء عراقنا الذي نصبو اليه، اذ بجودة النخبة واصالتها وتلاحمها مع الشعب يمكن ان نبني امتنا على اسس صحيحة.