لم تسعفني الشيخوخة على معرفة السنة، ولكن الذاكرة لم تخطئ، فهو يوم صيفي، والوقت يقرب من الثالثة ظهراً و( ظهاري) بغداد تثير حاسة الغضب، وتجعل اكثر الناس حلما مدعاة للانفجار حتى من دون سبب… في مثل تلك الاجواء التي لا يحسد عليها احد، ( صعدت) بصعوبة بالغة الى حافلة نقل الركاب التي ازدحم الناس عند ابوابها وفي طبقتيها السفلية والعلوية ازدحاما شديدا الى الحد الذي لو مر سيف بينك وبين جارك، ما كنت تدري هل دمك الذي جرى ام دمه كما يقول الاخطل
الصغير.. !!
رجل – ربما كان دون الثلاثين- انيق للغاية ويتضوع عطره في ارجاء المكان، يقف في منتصف الممر، معرقلا حركة الركاب وتنقالاتهم من غير ان يبالي، وكأن المركبة ملك يمينه، قلت له بكل ما اوتيت من ادب ولطف شديدين
( اخي … رجاء اسمح لي اريد اعبر!) – اقسم بشرف خالتي التي كانت لي بمنزلة الام، ما تفوهت بغير هذه العبارة اليتيمة- ، نظر الرجل ، او الشاب، الى وجهي وطولي وعرضي باستعلاء وازدراء مفضوحين كما لو كنت من عبيد قصره، وفجأة تفتحت قريحته على انواع الشتائم، بعضها مألوف، وبعضها الآخر مبتكر، وعلى سبيل من الكلمات النابية وانا مرتبك من وقع المفاجأة، لا ادري ماذا اعمل وكيف اتصرف؟!، بقيت ساكتا، ولم يصدر عني رد فعل، ولم انطق حرفا واحد، فالدهشة او الموقف المباغت يعقد اللسان احيانا ويشل التفكير، فيما كانت العبارات المؤذية تنهال على شخصي (الكريم) من دون توقف… ولعلني حمد الله الف مرة لانني انتمي الى فصيلة الحيوانات الاليفة التي تدير خدها الايمن لمن يصفعها على
الايسر و..
واستعنت بالصبر الجميل، ورحت اتأمل هيبة الشاب الانيق وانا العن تلك الظهيرة، وما يخفيه سوء الحظ من نكد… كان يرتدي سروالا رماديا وسترة بنية وقميصا ابيض ويحمل بيده اليمنى علبة مستطيلة صغيرة الحجم ، مغلفة بجلاد ذهبي، ويعلق على صدره زهرة صغيرة حليبية اللون، اغلب الظن انها زهرة اصطناعية.. وما عدا ذلك فهو اسمر البشرة اصفر العينين نحيف الجسم الى حد ما، حليق الشعر يميل فمه الى الاتساع قليلاً مع شفتين ممتلئتين.. وعلى العموم كان الشاب على قدر من الوسامة تجعله قريبا من النفس!!
المشكلة الوحيدة وربما الغريبة ، تكمن في لسانه الحاد والسليط، فأنا لم اقل له سوى تلك العبارة، ثم عبرت الى نهاية الحافلة ولزمت الصمت، وفي سري اسأل الله ان يسكته وهو يتهمني بقلة الذوق، وانني سخرت منه!! عجيب.. عجيب والله.. ماذا فعلت حتى يظن بي هذا الظن… ولانه تمادى الى حدود غير مقبولة، فقد نفد صبري وقررت الرد عليه، ولكن رجلا وقورا كان الى جانبي، همس في اذني( استاذ .. ارجوك تسكت.. ميخالف .. لانك انت العايل!!) وكدت اصرخ في وجهه، لولا انه استدرك بسرعة واخبرني ، ان الرجل الانيق صاحب السروال والرأس الحليق امرأة كاملة الانوثة وليست رجلاً.. فكيف تقول لها:
اخي؟!
الصغير.. !!
رجل – ربما كان دون الثلاثين- انيق للغاية ويتضوع عطره في ارجاء المكان، يقف في منتصف الممر، معرقلا حركة الركاب وتنقالاتهم من غير ان يبالي، وكأن المركبة ملك يمينه، قلت له بكل ما اوتيت من ادب ولطف شديدين
( اخي … رجاء اسمح لي اريد اعبر!) – اقسم بشرف خالتي التي كانت لي بمنزلة الام، ما تفوهت بغير هذه العبارة اليتيمة- ، نظر الرجل ، او الشاب، الى وجهي وطولي وعرضي باستعلاء وازدراء مفضوحين كما لو كنت من عبيد قصره، وفجأة تفتحت قريحته على انواع الشتائم، بعضها مألوف، وبعضها الآخر مبتكر، وعلى سبيل من الكلمات النابية وانا مرتبك من وقع المفاجأة، لا ادري ماذا اعمل وكيف اتصرف؟!، بقيت ساكتا، ولم يصدر عني رد فعل، ولم انطق حرفا واحد، فالدهشة او الموقف المباغت يعقد اللسان احيانا ويشل التفكير، فيما كانت العبارات المؤذية تنهال على شخصي (الكريم) من دون توقف… ولعلني حمد الله الف مرة لانني انتمي الى فصيلة الحيوانات الاليفة التي تدير خدها الايمن لمن يصفعها على
الايسر و..
واستعنت بالصبر الجميل، ورحت اتأمل هيبة الشاب الانيق وانا العن تلك الظهيرة، وما يخفيه سوء الحظ من نكد… كان يرتدي سروالا رماديا وسترة بنية وقميصا ابيض ويحمل بيده اليمنى علبة مستطيلة صغيرة الحجم ، مغلفة بجلاد ذهبي، ويعلق على صدره زهرة صغيرة حليبية اللون، اغلب الظن انها زهرة اصطناعية.. وما عدا ذلك فهو اسمر البشرة اصفر العينين نحيف الجسم الى حد ما، حليق الشعر يميل فمه الى الاتساع قليلاً مع شفتين ممتلئتين.. وعلى العموم كان الشاب على قدر من الوسامة تجعله قريبا من النفس!!
المشكلة الوحيدة وربما الغريبة ، تكمن في لسانه الحاد والسليط، فأنا لم اقل له سوى تلك العبارة، ثم عبرت الى نهاية الحافلة ولزمت الصمت، وفي سري اسأل الله ان يسكته وهو يتهمني بقلة الذوق، وانني سخرت منه!! عجيب.. عجيب والله.. ماذا فعلت حتى يظن بي هذا الظن… ولانه تمادى الى حدود غير مقبولة، فقد نفد صبري وقررت الرد عليه، ولكن رجلا وقورا كان الى جانبي، همس في اذني( استاذ .. ارجوك تسكت.. ميخالف .. لانك انت العايل!!) وكدت اصرخ في وجهه، لولا انه استدرك بسرعة واخبرني ، ان الرجل الانيق صاحب السروال والرأس الحليق امرأة كاملة الانوثة وليست رجلاً.. فكيف تقول لها:
اخي؟!