من بين أهم ما أفرزته سنوات ما بعد التغيير في الملف الاقتصادي ، تبرز اشكالية سوء الادارة المالية بوصفها علة العلل التي سحبت من خلفها العديد من الاخفاقات في الملفين الاقتصادي والخدمي، ويبدو ان معالجة هذه الاشكالية التي تكتنفها الكثير من الصعوبات لن تكون بمعزل عن معالجة الجزئيات في ملف الانفاق المالي غير المبرر الذي تشكل جزئياته حجما كبيرا من الهدر وعاملا مهما من عوامل سوء
الخدمات.
والاشكالية هنا لا تنحصر في نمط موازنات واقع الحال التي أقرت خلال السنوات الماضية وحسب ، وانما تمتد الى الدوافع والاهداف التي كانت وراء توزيع بعض التخصيصات، والتي شابتها الكثير من الغايات السياسية على حساب الخطط الاقتصادية ، بجانب آليات الصرف غير المنضبطة وطبيعة عمل المؤسسات التنفيذية التي مازالت تحكمها قوانين وتعليمات منذ مرحلة النظام السابق، علاوة على ذلك السلوكيات الفردية والمؤسسية التي تتجاوز الشكل البيروقراطي في كثير من الأحيان الى ملامح اللا ابالية في اداء الواجبات تبعا لوجود التخصيصات من عدمها أو تبعا لآلية صرف تلك التخصيصات أو عدم كفايتها في ما يتعلق بتبريرات ايقاف العمل أو ايقاف تقديم الخدمات بدعوى عدم كفاية
الأموال.
ودليلنا في ذلك أمثلة كثيرة قد يكون الاقرب منها الى الموضوعية بهدف البحث عن معالجات هو ما يشاركنا به شهود العيان ، اذ ان الكثير من سكان بغداد مثلا يشاهدون وبألم هذا الكم الهائل من النفايات وهي تتجمع وتتراكم على شاطئ نهر دجلة في قلب العاصمة بغداد في منظر محزن ومحبط وكئيب جراء الحالة التي وصلت اليها الجميلة بغداد بفعل الاداء المؤسسي الروتيني الذي تراكمت من خلاله حالات التردي بدعوى عدم وفرة التخصيصات ، والأمر في هذا المثال يتعلق باداء الواجبات ولا يحتاج الى اي تخصيصات ، اذ يكفي ان تقوم الجهة المعنية بواجبها عبر مجموعة من العمال المنتسبين لها وبأبسط الآليات، ومن ثم تشدد الاجراءات القانونية على الجهات المتسببة بهذه النفايات القريبة من الشاطئ بالتنسيق مع الجهات الامنية من دون جعجعة الانفاق.. ولكن هذا الأمر يحتاج الى الجدية وقد لايبدو ممكنا بسبب نمط الأداء المتلكئ على الانفاق الذي اعتادت عليه مؤسسات الدولة العراقية.. فما من فعالية خدمية ما لم يكون لها بالمقابل مخصص مالي وقيود صرف ، حتى تلك التي تكون في صلب طبيعة عمل تلك المؤسسة الحكومية ، لا بل ان بعض أقسام المؤسسات الحكومية لا تؤدي وظائفها التي وجدت من اجلها الا بموجب تخصيصات ، فبعض الأقسام المعنية بشان الخدمات في مؤسسات من دون غيرها لا تعالج الاشكاليات الخدمية في البنايات الا بموجب أموال تصرف لعمال خدمة من خارج المؤسسة الحكومية، وبعض المؤسسات الخدمية ما عادت تؤدي وظائفها الا بالتعاقد مع مقاولين صغار لصبغ هذا الرصيف أو ادامة ذلك المجسر، وثمة ظاهرة تتعلق بسلوك سلاطين المؤسسات الحكومية الذين يجزلون العطاء لبعض الطارئين على الوسط الاعلامي للترويج لشخوصهم عبر صحف ومجلات لم تعرف من قبل بدعوى وجود مثل هكذا تخصيصات في موازنات تلك المؤسسات في وقت يتجاهلون فيه دور المواقع الألكترونية لمؤسساتهم التي أنفق من أجل استحداثها الكثير من المال وتترك مهملة دونما تحديث على مدار أشهر ، فيما تشير بعض الوثائق التي تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي الى امبراطوريات تمارس الانفاق غير المبرر في بعض مكاتب المسؤولين بالدولة على نمط انفاق السنوات الماضية التي شهدت الكثير من الهدر في المال العام.
وبالتالي، نتساءل: ماهو الحل الذي يمكن أن يؤدي الى توجيه الانفاق في ادق تفاصيله، وتصعيد الاداء المؤسسي في آن واحد؟ في وقت تواجه فيه البلاد عجزا ماليا جراء انخفاض أسعار النفط واستمرار الحرب مع الارهاب.. وللاجابة على هذا السؤال لابد من الاقرار أولا بصعوبة الخلاص مما ورثته المنظومة المؤسسية من ثقافات دون تفعيل منهج العقاب والثواب، والا سنبقى ندور في حلقة مفرغة، اذ أثبتت سنوات ما بعد التغيير ان مفهوم (من أمن العقاب..) كان واضحا في سوء الادارة المالية في مؤسسات خضعت للولاءات أكثر من خضوعها الى ضرورات تعليمات صرف الموازنة .. وبالتالي فان من المتوقع وعلى ضوء ما تقدم أن تأتي معالجات ترشيد الانفاق التي لجأت اليها الحكومة الحالية ضمن آليات التقشف، بنتائج عكسية مالم تكون هنالك اجراءات مصاحبة ،لان خفض التخصيصات عما كانت عليه في داخل المؤسسات سيعطي مبررا لمزيد من التراجع في الأداء على ضوء ما أشرنا اليه، ما يستوجب حزمة من الاجراءات، تلزم المؤسسات بالكشف عن أدائها على المواقع الألكترونية التابعة لها، مع عرض المخصص والمصروف المالي لكل نشاط ، على أن تتم مكافأة المؤسسات التي يتصاعد فيها الأداء مقابل انخفاض معدلات الانفاق ،مثلما تتم محاسبة القائمين على تلك المؤسسات بحسب كشف البيانات بالتنسيق مع ديوان الرقابة المالية وهيئة
النزاهة .
ان ترك الحبل على الغارب للذين لا يجيدون ادارة المال العام في المؤسسات الحكومية في هذا الوقت بالذات يمكن ان يطيح بكل خطوات الاصلاح المؤسسي، في وقت تتصاعد فيه التحديات التي تواجه البلاد ، الأمر الذي سيفضي بالنتيجة الى تراكم المشاكل وزيادة نقمة الرأي العام ما سيعطي فرصة للذين يتصيدون في الماء العكر بهدف توظيف هذه المشاكل لصالح اعلام الدواعش، وعلى الحكومة أن ترتقي بمشروعها الاصلاحي الى مستوى التضحيات في ساحات القتال، فالعدو واحد وان تغيرت
الأقنعة.
الخدمات.
والاشكالية هنا لا تنحصر في نمط موازنات واقع الحال التي أقرت خلال السنوات الماضية وحسب ، وانما تمتد الى الدوافع والاهداف التي كانت وراء توزيع بعض التخصيصات، والتي شابتها الكثير من الغايات السياسية على حساب الخطط الاقتصادية ، بجانب آليات الصرف غير المنضبطة وطبيعة عمل المؤسسات التنفيذية التي مازالت تحكمها قوانين وتعليمات منذ مرحلة النظام السابق، علاوة على ذلك السلوكيات الفردية والمؤسسية التي تتجاوز الشكل البيروقراطي في كثير من الأحيان الى ملامح اللا ابالية في اداء الواجبات تبعا لوجود التخصيصات من عدمها أو تبعا لآلية صرف تلك التخصيصات أو عدم كفايتها في ما يتعلق بتبريرات ايقاف العمل أو ايقاف تقديم الخدمات بدعوى عدم كفاية
الأموال.
ودليلنا في ذلك أمثلة كثيرة قد يكون الاقرب منها الى الموضوعية بهدف البحث عن معالجات هو ما يشاركنا به شهود العيان ، اذ ان الكثير من سكان بغداد مثلا يشاهدون وبألم هذا الكم الهائل من النفايات وهي تتجمع وتتراكم على شاطئ نهر دجلة في قلب العاصمة بغداد في منظر محزن ومحبط وكئيب جراء الحالة التي وصلت اليها الجميلة بغداد بفعل الاداء المؤسسي الروتيني الذي تراكمت من خلاله حالات التردي بدعوى عدم وفرة التخصيصات ، والأمر في هذا المثال يتعلق باداء الواجبات ولا يحتاج الى اي تخصيصات ، اذ يكفي ان تقوم الجهة المعنية بواجبها عبر مجموعة من العمال المنتسبين لها وبأبسط الآليات، ومن ثم تشدد الاجراءات القانونية على الجهات المتسببة بهذه النفايات القريبة من الشاطئ بالتنسيق مع الجهات الامنية من دون جعجعة الانفاق.. ولكن هذا الأمر يحتاج الى الجدية وقد لايبدو ممكنا بسبب نمط الأداء المتلكئ على الانفاق الذي اعتادت عليه مؤسسات الدولة العراقية.. فما من فعالية خدمية ما لم يكون لها بالمقابل مخصص مالي وقيود صرف ، حتى تلك التي تكون في صلب طبيعة عمل تلك المؤسسة الحكومية ، لا بل ان بعض أقسام المؤسسات الحكومية لا تؤدي وظائفها التي وجدت من اجلها الا بموجب تخصيصات ، فبعض الأقسام المعنية بشان الخدمات في مؤسسات من دون غيرها لا تعالج الاشكاليات الخدمية في البنايات الا بموجب أموال تصرف لعمال خدمة من خارج المؤسسة الحكومية، وبعض المؤسسات الخدمية ما عادت تؤدي وظائفها الا بالتعاقد مع مقاولين صغار لصبغ هذا الرصيف أو ادامة ذلك المجسر، وثمة ظاهرة تتعلق بسلوك سلاطين المؤسسات الحكومية الذين يجزلون العطاء لبعض الطارئين على الوسط الاعلامي للترويج لشخوصهم عبر صحف ومجلات لم تعرف من قبل بدعوى وجود مثل هكذا تخصيصات في موازنات تلك المؤسسات في وقت يتجاهلون فيه دور المواقع الألكترونية لمؤسساتهم التي أنفق من أجل استحداثها الكثير من المال وتترك مهملة دونما تحديث على مدار أشهر ، فيما تشير بعض الوثائق التي تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي الى امبراطوريات تمارس الانفاق غير المبرر في بعض مكاتب المسؤولين بالدولة على نمط انفاق السنوات الماضية التي شهدت الكثير من الهدر في المال العام.
وبالتالي، نتساءل: ماهو الحل الذي يمكن أن يؤدي الى توجيه الانفاق في ادق تفاصيله، وتصعيد الاداء المؤسسي في آن واحد؟ في وقت تواجه فيه البلاد عجزا ماليا جراء انخفاض أسعار النفط واستمرار الحرب مع الارهاب.. وللاجابة على هذا السؤال لابد من الاقرار أولا بصعوبة الخلاص مما ورثته المنظومة المؤسسية من ثقافات دون تفعيل منهج العقاب والثواب، والا سنبقى ندور في حلقة مفرغة، اذ أثبتت سنوات ما بعد التغيير ان مفهوم (من أمن العقاب..) كان واضحا في سوء الادارة المالية في مؤسسات خضعت للولاءات أكثر من خضوعها الى ضرورات تعليمات صرف الموازنة .. وبالتالي فان من المتوقع وعلى ضوء ما تقدم أن تأتي معالجات ترشيد الانفاق التي لجأت اليها الحكومة الحالية ضمن آليات التقشف، بنتائج عكسية مالم تكون هنالك اجراءات مصاحبة ،لان خفض التخصيصات عما كانت عليه في داخل المؤسسات سيعطي مبررا لمزيد من التراجع في الأداء على ضوء ما أشرنا اليه، ما يستوجب حزمة من الاجراءات، تلزم المؤسسات بالكشف عن أدائها على المواقع الألكترونية التابعة لها، مع عرض المخصص والمصروف المالي لكل نشاط ، على أن تتم مكافأة المؤسسات التي يتصاعد فيها الأداء مقابل انخفاض معدلات الانفاق ،مثلما تتم محاسبة القائمين على تلك المؤسسات بحسب كشف البيانات بالتنسيق مع ديوان الرقابة المالية وهيئة
النزاهة .
ان ترك الحبل على الغارب للذين لا يجيدون ادارة المال العام في المؤسسات الحكومية في هذا الوقت بالذات يمكن ان يطيح بكل خطوات الاصلاح المؤسسي، في وقت تتصاعد فيه التحديات التي تواجه البلاد ، الأمر الذي سيفضي بالنتيجة الى تراكم المشاكل وزيادة نقمة الرأي العام ما سيعطي فرصة للذين يتصيدون في الماء العكر بهدف توظيف هذه المشاكل لصالح اعلام الدواعش، وعلى الحكومة أن ترتقي بمشروعها الاصلاحي الى مستوى التضحيات في ساحات القتال، فالعدو واحد وان تغيرت
الأقنعة.