حذر رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم من الخطر الذي يشكله الإرهاب التكفيري على السلم العالمي ، داعيا للوقوف على مصادر هذا التهديد ، حاثا بكلمته في القمة الرابعة للدول العربية – اللاتينية التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض، دول أميركا الجنوبية على إسهام شركاتها في مشاريع اعمار العراق ، معربا عن رغبة العراق لبناء علاقات متينة مع دول أميركا اللاتينية.
معصوم عرج في كلمته على جرائم الإرهاب بحق الشعب العراقي بمختلف قومياتهم وانتماءاتهم وأديانهم وطوائفهم، معربا عن أسفه لتمكن الانتحاريين من إيجاد أكثر من سبيل سالك لدخول الأراضي العراقية ، مبينا إن العراقيين واجهوا الإرهاب بمزيد من الوحدة الوطنية وهبوا بمشاركة وطنية للدفاع عن وطنهم.
معصوم والصباح يبحثان مستجدات المنطقة
إلى ذلك بحث رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم مع رئيس الوزراء في دولة الكويت سمو الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين.
وذكر بيان لمكتب معصوم تلقت «الصباح» نسخة منه أن رئيس الجمهورية وعلى هامش القمة العربية – اللاتينية الرابعة المنعقدة في الرياض التقى الصباح وشدد على ضرورة تقوية العلاقات الثنائية بين العراق ودولة الكويت وأهمية توسيعها في جميع الميادين، فضلا عن التأكيد على ضرورة استمرار التنسيق والتعاون في مجالات مكافحة التصحر والمياه والبيئة وتطوير التعاون الستراتيجي الرباعي الإقليمي في إشارة إلى دول السعودية وإيران والكويت والعراق في مجال مكافحة التصحر والبيئة.
من جهته أبدى سمو الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح استعداد بلاده لتقديم كافة أشكال الدعم وبشكل متواصل للعراق لاسيما في الحرب التي يخوضها ضد الإرهاب.
فيما يلي نص كلمة رئيس الجمهورية في القمة العربية – اللاتينية الرابعة التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
من دواعي الاعتزاز أن أبدأ بتقديم وافر الشكر لأخي خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولحكومة وشعب المملكة العربية السعودية لحسن الاستقبال وللجهد الواضح من أجل إنجاح أعمال هذه القمة التي باتت علامة بارزة في إطار التفاهم والتنسيق والتعاون وتوفير إمكانات العمل المشترك بين دول منطقتينا.
ولعل مما يدعو إلى السعادة أننا نحيا الآن في عالم بات أكثر إدراكاً لقيم العيش المشترك، وباتت فرص التواصل فيه أكثر يسراً.
تقدّمُ العلوم ووسائل الاتصال ساعد في هذا كثيراً، لكن المدنية وتطور الوعي الانساني باتجاه الانفتاح والتعايش وتعاون المجتمعات هو العامل الأساس في تعزيز وتيسير فرص التعاون بين الأمم في مختلف القارات.
نعتقد أن ما يُقرّب ويوحد بين دول وشعوب منطقتينا العربية والأميركية الجنوبية هو من السعة بما يسمح بالمزيد من التعاون الذي من شأنه أن يعطي دفقاً أكبر للعلاقات بين دولنا وحيوية أكبر للصلة والمصالح بين العالمين وشعوبهما. ولعل تعزيز مساحات العمل المشترك وتنمية المصالح الاقتصادية والتجارية والنفطية والثقافية والسياسية هما مما يساعدان على تطوير الصلات بين المنطقتين ومما يجعل من القمة العربية الأميركية الجنوبية مناسبة طيبة للدفع بالعلاقات دائماً إلى أمام وبما يخدم الأهداف والمصالح المشتركة ويساعد في تعزيز التقدم والاستقرار في العالم.
واذ نستذكر عبر حضور دول اميركا الجنوبية هنا أدب بابلو نيرودا وغابريل غارسيا ماركيز وجورج أمادو، فان العراق توّاقُ ايضا الى بناء علاقات متينة مع دول اميركا الجنوبية ويدعو شركاتها للاسهام الحيوي في مشاريع اعادة اعمار العراق.
العراقيون ينتظرون فرصة تحرير مدنهم والعودة اليها
وفي هذه الأجواء الايجابية التي نرى عليها العلاقات بين دولنا في المنطقتين العربية والأميركية الجنوبية وبين الكثير من دول العالم في مختلف القارات لا بد من الوقوف على مصادر التهديد التي ما زلت تشكل خطراً على سلام العالم وأمنه واستقرار شعوبه، وفي المقدمة منها التهديد الارهابي التكفيري المتطرف.
ومن المؤسف أن كثيراً من دول المنطقة العربية تخوض الآن تحديات مصيرية وهي تواجه هذا الارهاب بمختلف تسمياته وأبشعها حالياً تنظيم داعش. ولا يتحقق السلام من دون دحر الإرهاب ومن دون تنمية عوامل السلم الأهلي والتعايش داخل كثير من دولنا.
في بلدنا العراق ما زلنا نواصل مقاومة هذا الخطر الإرهابي الذي لم يتورع في ارتكاب أبشع الجرائم ضد العراقيين بمختلف قومياتهم وأديانهم وطوائفهم وباقي مكوناتهم. وما زال القتلة الإرهابيون والانتحاريون من مختلف الدول يجدون أكثر من سبيل سالك لدخول الأراضي العراقية لإدامة زخم العنف والجريمة التي تعددت أشكالها وتباينت أهدافها من حرق الكتب والمكتبات وهدم المتاحف وآثار أقدم حضارات الإنسانية والكنائس القديمة والمساجد ودور العبادات للمسلمين والمسيحيين والإيزيديين وقبل كل هذا فقد استهدفت المواطنين المدنيين، نساء وأطفالا وشيوخاً، ممن تعرضوا للقتل والحرق والابادات الجماعية، ولم ينجُ منهم في المدن والقرى التي احتلها المجرمون الارهابيون سوى من توفرت له فرصة الهرب والنزوح حيث مئات الآلاف من العائلات الآن مشردة داخل وخارج البلاد في انتظار فرصة تحرير مدنهم والعودة إليها.
مواجهة الإرهاب بمزيد من اللحمة الوطنية
ومثلما عمد الإرهاب الداعشي المجرم الى استهداف ابناء شعبنا العراقي العزيز بكل مكوناته، فقد ردّ شعبنا على هذا العمل العدواني بتوحيد الصف الوطني والمساهمة الشجاعة برد الاعتداء بمشاركة وطنية واسعة سعة العراق كله.ويشرفني هنا أن أحيي البطولات والتضحيات التي يقدمها جنود جيشنا وقواتنا المسلحة والحشد الشعبي والبيشمركة وأبناء العشائر في مواجهة هذا المد الارهابي وفي تحقيق الانتصارات المتتالية عليه بقوة صمود أبطالنا وعزيمتهم على النصر وبالدعم الذي يلقونه من الجهد الدولي المؤازر.
نحتاج إلى أن يقف
كل أحرار العالم معنا
ان شعبنا واذ يسطر اسمى آيات الشجاعة في التصدي للارهاب رغم ما يواجهه من تحديات اقتصادية وامنية لن يألو جهدا بالمواصلة، وهو وبمثل هذا الظرف لا يطالب اي دولة من الدول الصديقة والشقيقة بان تبعث ابناءها للقتال ضد داعش بدل ابناء العراق، لكنه يهيب بهذه الدول ان تقف الى جنبه سياسيا واقتصاديا وامنيا.نحتاج إلى أن يشعر العراقيون أنهم ليسوا وحدهم في هذه الحرب التي راح ضحيتها مئات الآلاف من المدنيين وتشرد الملايين بسببها وأنفقت ثروات فيها وتعطلت الكثير من فرص البناء والتقدم تحت ضغطها.
الحوار هو السبيل الوحيد
لإزالة التوترات
لا خيار لنا وللعالم سوى أن ننتصر. وتعاوننا وتلاحمنا ووقوفنا معا يختصر وقت المواجهة ويقلل التضحيات فيها ويعجل بنهاية هذا الوباء الإرهابي الذي لا عاصم لبلد منه.هكذا تعقدَ المشهدُ في ليبيا بعد سقوط الدكتاتورية وبعد دخول الارهاب على خط المشكلة.وهكذا تعقد المشهد في سوريا بفعل عوامل كثيرة من بينها الارهاب وطالت معاناة الشعب السوري الشقيق الذي يستحق حياة آمنة وحرة ديمقراطية.وهكذا هو الحال في أكثر من مكان عربي آخر يعاني الارهاب ومن خلاياه النائمة.إن اضطراب الجو الأمني في منطقتنا أسهم في توتير الأجواء وخلق بوادر نزاعات كثيرة نعتقد أن حلّها هو بالحوار وبالتفاهم البنّاء وبالتعاون.بينما بقيت مشكلة الشعب الفلسطيني وما زالت واحدة من أخطر العوامل التي تساعد على إبقاء أجواء الأزمة والتوتر في المنطقة. إنه صراع لا بد له من نهاية، ولا نهاية من دون تفعيل قرارات الشرعية الدولية وتهيئة سبل الحوار والتفاهم وبما يضمن حق الشعب الفلسطيني كاملاً في دولته المستقلة وعلى ترابه الوطني. نعتقد أن حلاً إيجابياً وشرعياً للمشكلة الفلسطينية سيكون مفتاحاً لحل كثير من مشكلات المنطقة.كلنا أمل وثقة في أن المستقبل سيكون لصالح العدل والسلام في منطقتنا والعالم. وكلنا على استعداد لترسيخ التعاون والعمل المشترك من أجل هذه الأهداف التي تنسجم وأهداف الشعوب في الحياة والمضي في طريق التقدم.نعتقد أن هذه القمة وهذا الحرص على إدامتها وإدامة التواصل البنّاء من خلالها هما من عوامل تجسير الصلة بين شعوب ودول منطقتينا.