وأنا خارج من الفندق في اسطنبول سمعت صراخا أشبه بالخطاب من شرفة إحدى شقق بناية رثة مقابلة .
كان رجلاخمسينياً يقف على الشرفة وهو يصرخ بصوت يمتزج بأصوات السيارات وضجيج الشارع .لم يكن أحد من أصحاب المحال ينظر اليه ، فيما كان بعضهم يحرك رأسه ويديه بطريقة توحي بأن هذا الرجل ليس طبيعي السلوك.
عندما عدت في وقت متأخر من الليل وجدت الرجل ما زال واقفا في الشرفة بخطابه نفسه . وفي هدوء الليل تمكنت من سماع ما يقول ، وليتني لم أسمع. كانت لهجته عراقية من المنطقة الغربية وكان يكرر عبارات محددة لا يمل من تكرارها وهي:” والله يابه احنا العراقيين خوش أوادم. ما نستاهل اللي صار بينا . بس دمرونا . الله يلعنهم .
الله يلعن اللي جابلنا (داعش). الله يلعن اللي ضحك علينا ووصلنا لهذا اليوم”.
كان واضحا انه يعاني من مشكلة نفسية ، لكن كلامه كان كلام عقلاء . هو لسان حال مئات الآلاف من المناطق التي أُدخلت اليها داعش ليتحول أهلها الى نازحين في مخيمات لا تحفظ حياة ولا كرامة ، وآخرين اضطروا الى البقاء تحت
وطأة الهمجية والقسوة اللامتناهية لهذه العصابة ، وقليل منهم تمكن من الذهاب الى بلدان اخرى ليقاسي الذلّ والقلق من المستقبل المجهول .
أين هم الذين كانوا يملأون ساحات الاعتصام بصراخهم وشعاراتهم التحريضية كل يوم ؟. لماذا لم نعد نرىَ وجهاً منهم يزور مخيمات أهلهم الذين كانوا يحتشدون ويهتفون لهم في الساحات؟. توزعوا بين فنادق وبيوتٍ فارهة في أربيل
وعمان واسطنبول وبيروت وتركوا أهالي مدنهم في العراء .الا يرون من على الشاشات معاناة النازحين ؟
ألم يروا مخيماتهم تغرق بالمياه ؟ أين ذهبت الاموال التي كانت تغدق عليهم من دول خليجية ؟ تقاسموها وسكتوا؟ الا تتحرك ضمائرهم لانفاق جزء منها على الاهالي الذين
ورّطوهم وتركوهم ضحية النزوح والتشرد؟ أين ذهبت الاموال التي خصصتها الحكومة للنازحين ؟.
الادهى من كل هذا ان هؤلاء السياسيين لا يكتفون بترك أهلهم في العراء بل تثور ثائرتهم كلما تصاعد الحديث عن استعداد الجيش والحشد لتحرير مناطقهم؟ هنا يرتفع الصراخ وتعود المعزوفة القديمة الجديدة : “ميليشيات وجيش طائفي”.”
مناطقنا تتحرر على ايدي أبنائها”، ومعها هرولة الى واشنطن طلبا للسلاح والمال .
كأنَّ هؤلاء لا يريدون اخراج (داعش) ولا عودة النازحين ، ليظلوا مادة لاستجداء السلاح والمال . السلاح يباع الى (داعش) ليتقاسموا ثمنه مع المال فيما بينهم .
لا يتوقف الاستجداء عند هذا الحد ، فالمكسب الاساس الذي يريده هؤلاء السياسيون هو إقامة كيان خاص بهم
مستقل عمليا وباقٍ ضمن العراق رسميا كما هو حال إقليم كردستان اليوم .
يشجعهم في ذلك شيوخ مشروع تعمل على تنفيذه أجهزة في دول اقليمية وكبرى تريد خريطة جديدة للمنطقة بدءاً من العراق وسوريا .
باتوا يقولونها علناً: “العراق السابق لن يعود”.
“سايكس بيكو انتهت”. هذه هي مهمة (داعش) التي لم تنته حتى الان .أما نحن فما زلنا نتغنى بالعراق الواحد وكأنه
قائم .
كان رجلاخمسينياً يقف على الشرفة وهو يصرخ بصوت يمتزج بأصوات السيارات وضجيج الشارع .لم يكن أحد من أصحاب المحال ينظر اليه ، فيما كان بعضهم يحرك رأسه ويديه بطريقة توحي بأن هذا الرجل ليس طبيعي السلوك.
عندما عدت في وقت متأخر من الليل وجدت الرجل ما زال واقفا في الشرفة بخطابه نفسه . وفي هدوء الليل تمكنت من سماع ما يقول ، وليتني لم أسمع. كانت لهجته عراقية من المنطقة الغربية وكان يكرر عبارات محددة لا يمل من تكرارها وهي:” والله يابه احنا العراقيين خوش أوادم. ما نستاهل اللي صار بينا . بس دمرونا . الله يلعنهم .
الله يلعن اللي جابلنا (داعش). الله يلعن اللي ضحك علينا ووصلنا لهذا اليوم”.
كان واضحا انه يعاني من مشكلة نفسية ، لكن كلامه كان كلام عقلاء . هو لسان حال مئات الآلاف من المناطق التي أُدخلت اليها داعش ليتحول أهلها الى نازحين في مخيمات لا تحفظ حياة ولا كرامة ، وآخرين اضطروا الى البقاء تحت
وطأة الهمجية والقسوة اللامتناهية لهذه العصابة ، وقليل منهم تمكن من الذهاب الى بلدان اخرى ليقاسي الذلّ والقلق من المستقبل المجهول .
أين هم الذين كانوا يملأون ساحات الاعتصام بصراخهم وشعاراتهم التحريضية كل يوم ؟. لماذا لم نعد نرىَ وجهاً منهم يزور مخيمات أهلهم الذين كانوا يحتشدون ويهتفون لهم في الساحات؟. توزعوا بين فنادق وبيوتٍ فارهة في أربيل
وعمان واسطنبول وبيروت وتركوا أهالي مدنهم في العراء .الا يرون من على الشاشات معاناة النازحين ؟
ألم يروا مخيماتهم تغرق بالمياه ؟ أين ذهبت الاموال التي كانت تغدق عليهم من دول خليجية ؟ تقاسموها وسكتوا؟ الا تتحرك ضمائرهم لانفاق جزء منها على الاهالي الذين
ورّطوهم وتركوهم ضحية النزوح والتشرد؟ أين ذهبت الاموال التي خصصتها الحكومة للنازحين ؟.
الادهى من كل هذا ان هؤلاء السياسيين لا يكتفون بترك أهلهم في العراء بل تثور ثائرتهم كلما تصاعد الحديث عن استعداد الجيش والحشد لتحرير مناطقهم؟ هنا يرتفع الصراخ وتعود المعزوفة القديمة الجديدة : “ميليشيات وجيش طائفي”.”
مناطقنا تتحرر على ايدي أبنائها”، ومعها هرولة الى واشنطن طلبا للسلاح والمال .
كأنَّ هؤلاء لا يريدون اخراج (داعش) ولا عودة النازحين ، ليظلوا مادة لاستجداء السلاح والمال . السلاح يباع الى (داعش) ليتقاسموا ثمنه مع المال فيما بينهم .
لا يتوقف الاستجداء عند هذا الحد ، فالمكسب الاساس الذي يريده هؤلاء السياسيون هو إقامة كيان خاص بهم
مستقل عمليا وباقٍ ضمن العراق رسميا كما هو حال إقليم كردستان اليوم .
يشجعهم في ذلك شيوخ مشروع تعمل على تنفيذه أجهزة في دول اقليمية وكبرى تريد خريطة جديدة للمنطقة بدءاً من العراق وسوريا .
باتوا يقولونها علناً: “العراق السابق لن يعود”.
“سايكس بيكو انتهت”. هذه هي مهمة (داعش) التي لم تنته حتى الان .أما نحن فما زلنا نتغنى بالعراق الواحد وكأنه
قائم .