عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

شبح عراقي بقلم: نوزاد حسن

المقالات 16 ديسمبر 2015 0 221
شبح عراقي  بقلم: نوزاد حسن
+ = -

قبل ايام أنهيت قراءة مجلد ضخم هو سيرة كولن ولسن الكاتب الانكليزي الذي قرأته وانا في الاعدادية, وكنت معجبا به جدا, وما زلت اعيد قراءة كتبه برغبة مريد لا يستطيع نسيان كاتب حاول تعليمنا قيمة الوضوح, وايضا اراد ان ينبهنا الى قصة تطور الوعي البشري, والارتقاء به الى درجات اعلى.
في الحقيقة حين اغلقت الكتاب استرخيت لدقائق وأنا لا افكر بشيء محدد. كنت اريد ان اعرف ما الذي حصلت عليه بعد كل هذه الساعات الطويلة من قراءة مذكرات كاتب لا ينظر اليه الانكليز بوقار يستحقه.
فكرت بالفائدة التي جنيتها وانا اتصفح مئات الاوراق الشخصية؟. في النهاية اكتشفت ان الانسان يعيش ايامه احيانا دون ان يعرف انه لا يملك صورة حقيقية امام الآخرين, وانهم – اي الآخرون – يعاملونه بلا مبالاة واضحة.
اتذكر في احدى المرات – حدث هذا في العام الماضي- اني كنت ذاهبا الى مدينة دهوك مع زوجتي وولدي. وعند آخر نقطة تفتيش منعني ضابط شاب في سيطرة «باعدرة» من دخول دهوك. كانت الساعة الرابعة عصرا وسخونة آب اللهاب لم تكن تحتمل.
وبأمر حازم طلب الضابط من سائق التاكسي ان يعود مئة متر وينزل اغراضي بعيدا عن مكان عرينه وسلطته، وهدد السائق بأنه سيسحب إجازته ان لم يفعل.
هذا التصرف الشاذ تجاهل اني املك اوراقا ثبوتية كاملة، فبطاقتي التموينية كانت صادرة من دهوك, وكذلك بطاقة الناخب, وبطاقة السكن.
ما اثار رعب ذلك الضابط القليل الخبرة والتجربة هو انه قرأ اسم بغداد في هوية الاحوال المدنية. وانتهت القصة عند التاسعة مساء، اي بعد خمس ساعات من الانتظار.
قبل ايام – وربما بتأثير من كولن ولسن – تذكرت ذلك الحادث, وقصتي مع ذلك الضابط الذي تعامل معي وكأنه يتعامل مع شبح بكل معنى الكلمة.
كان يريد ابعادي والتخلص مني بأية وسيلة. انا اتساءل الآن: هل يفقد الانسان صورته الحقيقية اذا كانت الدولة التي تحكمه والتي يحمل جنسيتها ضعيفة وغير مستقرة امنيا؟.
نعم هذه هي الحقيقة المؤكدة فالفرد يفقد ملامحه وصفته الانسانية اذا لم تمنحه الدولة والسلطة صورة واقعية وبالألوان.
وسيعيش الانسان دائما تحت تأثير احساس قوي بالضياع, وبفقدان الرغبة في عمل اي شيء خلاق.
كل المتعة التي قدمها لي كولن ولسن انتهت بعد حفنة اخبار عاصفة عن اشخاص ماتوا بردا..
اين في روسيا؟ لا في جبال»حمرين».
خبر عاصف آخر عن رصد المفوضية الاوروبية لسلامة الطيران لأكثر من مئة مخالفة من ضمنها سبع مخالفات مميتة..
وقد صدر هذا التنبيه بحق الطائرات العراقية، اما اذا تم اتخاذ اجراء عملي بمنع الطائرات العراقية من التحليق في سماء اوروبا فان هذه مشكلة جديدة ستزيد من تفاقم الوضع المالي المتردي.
حقا انا بلا صورة واقعية لأن الانسان، أي انسان في العالم، له صورتان، الاولى صورته امام حكومته والقانون الذي تطبقه عليه. والاخرى صورته امام العالم.
ودون هاتين الصورتين سأكون شبحا ليس إلا.  

 

 

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار