عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

أوباما.. معلّم شطرنج أم بيدقاً؟ بقلم: جيمس فالوس/ ترجمة- مي اسماعيل

المقالات 19 ديسمبر 2015 0 222
أوباما.. معلّم شطرنج أم بيدقاً؟  بقلم: جيمس فالوس/ ترجمة- مي اسماعيل
+ = -

 يخشى العديد من مناصري اوباما انه لم يعرف فعلا كيف يتصرف احيانا؛ ويقلق العديد من منتقديه لامتلاكه مهارة عالية للحصول على غايته في نهاية الامر. وهناك ادلة متزايدة على ان منتقديه كانوا على حق.
قبل اربعة اعوام كتبت مقالا عنوانه «تفسير (سياسة) أوباما»؛ حاولت فيه ان افهم اسلوب الاشواط الطويلة الذي ينتهجه الرئيس (ذو الولاية الواحدة حينها) الساعي لاعادة الترشيح، والذي اعتبره نقاده ساذجا بعض الشيء، يقود المسيرة من موقع خلفي. بينما اعتبره العديد من حلفائه قائدا متحفظا لا يفضل الاشتباك (مع الخصوم). كنت احاول وقتها ان اقرر ما اذا كان علينا اعتبار اوباما معلما في الشطرنج أم مجرد بيدق على الرقعة.. هل كان اوباما يتفوق بذكائه فعلا على الجمهوريين والصينيين والكونغرس (الذي قد يوافق على جهوده او يرفضها؛ في وقت خسر حزبه 63 مقعدا في مجلس النواب)، وعلى العديد من جماعات الضغط التي تعارضه؟ ام كان فقط يُدفَع جانبا؟
من الواضح ان الاجابة الوافية على هذا السؤال ستستغرق سنوات عديدة، وقراءة الكثير من الكتب. لقد وقعت الكثير من الخطوب الفادحة في العالم وفي اميركا على عهده، كما حصل الكثير من الامور الجيدة بهدوء. في عهد اوباما تسارع الفوران في العالم العربي (الذي كانت حرب العراق في عهد بوش من اهم مسبباته). وبالمصطلحات السياسية البحتة؛ وعلى جميع الاصعدة (ما عدا الرئاسية)؛ يمكن القول ان حزب اوباما الديمقراطي في حالة اكثر ضعفا مما كان عليه حينما تولى السلطة.. وهكذا…
ولكن اليوم؛ وبعد اتفاقية المناخ في باريس؛ سيكون من الخطأ عدم ملاحظة ثلاث فقرات كبيرة وقعت خلال فترة رئاسته، لم تكن على الارجح لتحدث دون وجوده:
• اتفاقية المناخ بحد ذاتها، كما فسرتها الصحف السياسية؛ كونها على النقيض من الانهيار التام الذي واجهته مباحثات كوبنهاغن في وقت مبكر من عهد اوباما.
• التقارب مع كوبا؛ مؤشرا لبداية النهاية لأغبى انحراف في السياسة الخارجية الاميركية الحديثة واصعبها تغييرا.
• الاتفاقية الدولية مع ايران التي توفر (باختصار) افضل الاحتماليات لمنع ايران من تطوير السلاح النووي. وتمتلك على المدى البعيد التوقعات ببدء نهاية الجفاء المدمر لايران عن النظام العالمي.
ليست هذه الاشياء بالسهلة ان تتفق مئتا دولة على قضية ما! خاصة عندما تكون ضمنها اثنتان من الدول المهمة هما الصين والولايات المتحدة زائدا- روسيا والهند والسعودية… واذا اضفنا لهذا تشريع قانونه للرعاية الصحية يجب علينا القول: سواء اتفقنا مع تلك الاهداف ام لم نتفق (وانا اعرف ان العديد من منتقدي اوباما يعتبرون كل واحدة منها طعنة في ظهر اميركا)؛ فان هذا ليس من انجاز بيدق على الرقعة.
هناك ايضا المبدأ الذي يقال بخشونة: «لا تقم بعمل احمق»؛ وهو مبدأ راعاه اوباما اكثر مما خرقه. وهذا افضل من القيام مرارا وتكرارا بأعمال حمقاء؛ كما فعل سلفه. ستشير السجلات هنا ان اوباما «قليل الخبرة»، «المتحفظ»، «النرجسي» سيبدو عبر منظار التاريخ قوة لا يستهان بها.
قبل اربع سنوات انهيتُ مقالتي كالتالي:
«اذا خسر باراك اوباما اعادة الترشيح هذا الخريف، فسيكون خيبة امل دائمية: شخص ذو اهمية رمزية لكنه طارئ على الموقع؛ عرض آمالا لم يستطع تحقيقها، وواجه صعوبات لم يعرف كيف يتغلب عليها. لقد قصد اظهار وحدة اميركا، فلم ينجح سوى بتأطير انقساماتها. كان مرشحا يرمز للتغيير، ولكنه في موقع السلطة طبّق المقاربات المتدرجة وكشف حدود التغيير. وستُؤخذ اكثر انجازاته اهمية: المساعدة في ايقاف الركود الاقتصادي، كمسألة مسلم بها، وقد لا تحتسب في خضم خيبة الامل المتعلقة بالمشاكل الاقتصادية التي لم ينجح في حلها. وقد تدحض قضيته التشريعية الاهم- قانون الرعاية الصحية، وقد يمر تأثيره على موقف اميركا الدولي مرور الكرام؛ وسيبدو حديثه عن مد الجسور على مهاوي التفرقة مجرد دليل اخر على سذاجته القاتلة. لكن لو اعيد انتخابه؛ فسيحظى بفرصة لتعزيز ما انجزه بالفعل. والاهم- ان يبني على ما تعلمه (خلال الفترة السابقة). كل ما سبق ذكره حوافز اضافية (كما لو انه بحاجة لاي حوافز) ليسعى لاعادة الانتخاب؛ وليس منها ما يجعله مستساغا اكثر لمن يعارضه ويعارض اهدافه. وماذا عن الذين أيدوه في المرة الاولى؛ وانا منهم؟ اظن ان الادلة تشير انه لو فاز بفترة ثانية فسيمتلك فرصة افضل ليصبح الشخص الذي تصوره الكثيرون».
اظن انها مقولة صائبة؛ ستخبرنا (بعد دراسة وجهات نظر الديمقراطيين) ان اكثر ما قد يوجه لاوباما من نقد لن يكون وصفه بأنه فارغ وضعيف، بل انه كان ماكرا وقويا؛ بحيث تمكن من التفوق كليا وبدهاء على الاغلبية الجمهورية في مجلسي الشيوخ والنواب، التي بدت عاجزة عن ايقافه:
«في حين يتساءل بعض الناخبين، وحتى بعض الديمقراطيين، ما اذا كان اوباما سينجح في تطبيق برنامجه؛ يعتقد الجمهوريون انه نجح بالفعل. قد يعتقد البلد ان الجمود هو الذي نجح؛ خاصة مع التعقيدات خلال فترة حكومة يقودها الجمهوريون. لكن الجمهوريين يرون رئيسا خدع الرأي العام وتلاعب به، وكذب وحقق برنامجه الماركسي- الاشتراكي. ان الجمهوريين وامثالهم من الاميركان قد باتوا خاسرين».

 

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار