عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

ثورة.. إلى الأبد

المقالات 12 مارس 2016 0 152
ثورة.. إلى الأبد
+ = -

 

 

19 مشاهدة آخر تحديث : السبت 12 مارس 2016 – 8:00 صباحًا

 

عمار السواد «الثورية» منذ تأسيس الدولة العراقية تشبه نفسها في كل الأزمان والتحولات. المشهد السياسي قام وتربى في حجرها، بل سادت العديد من مفاصل الحراك الثقافي خلال قرن، لدرجة أن هذه المفردة باتت تمثل إحدى سمات المشهد العراقي، بالطبع حاله حال العديد من الجمهوريات العربية، والآن نخب وعديد من شرائح الممالك الخليجية أصبحت تعتمدها حين تتحدث عن بعض بلدان الربيع العربي. ومن أجل حماية «النزعة الإيجابية» للمفردة، عمد المناهضون للواقع السياسي الى تغييرها لمفردة «ثورجي». أحد الأصدقاء مثلا، لا يرضى إطلاق وصف «ثوري» على أولئك الذين قادوا التحولات أو صفقوا لها ودعموها، يراهم مدعين. هذا الأمر صحيح، لكن ليس بالمطلق. عديد ممن سكن في ذاكرة حياتنا السياسية ركب الموجة، وهؤلاء غالبا ما تربصوا بكل انتكاساتنا، وعمدوا الى أحلام التغيير ولونوها ليلقوها في أتون المصالح الفئوية أو الخاصة. لكن الأكيد أن الروح الثورية، وأحلام التغييرات الحادة، كانت حقيقية لدى العديد من الاسماء والنخب والشرائح. حيث أصابت جلّ الجماعات السياسية والثقافية في كل المحطات. وطالما كانت غشاوة فاصلة بين الوقائع وبين ما تراه العقول. وقعنا ضحايا النيران التي تشتعل ولا نعرف كيف نطئفها، وحين تنحسر يأتي آخرون طفيليون مدعون يحرثون الأرض الخصبة بعد احتراقها، ويزرعونها بذوراً لا تشبه ما نريد، بل ما يريدون. فبدل أن تصنع الثورات، وتدفع الروح الثورية عجلة التغيير الى الأمام، أعادتها الى الخلف، لأنها كانت ولا تزال فاقدة لمرجعيات معقلنة ونقدية. بقي الأمر خاضعا للحظة، محكوماً بالحاجات المؤقتة، بل ولجأ العديد من المثقفين الى توظيف أدواتهم الثقافية لتحويل الضرورات المؤقتة الى نظريات ثابتة. لقد صُنع من الآنيات ثوابت، خنقت كل حاضرنا.. لأن المثقف ومن ورائه السياسي أرادوا أن يشرعنوا فعلهم فاقد المرجعية، بصناعة مرجعية مستعجلة تبرره، وبالنهاية تبرر الأفعال القادمة كلها بمنطق «الاستصحاب» كما يصطلح علماء أصول الفقه الديني. وهذا ما حدث في العديد من مرافق الربيع العربي. مثلا، برهان غليون المفكر الأصيل، نظّر الى حكم الإخوان باعتباره حكما لا يتعارض مع الدولة العلمانية في لقائه مع أحمد منصور في الجزيرة. وحصل هذا في تظاهراتنا الأخيرة، حين نظّر بعض الكتاب الى ما أسموه باليسار الإسلامي مبررين التحالف مع التيار الصدري، كما وظف فالح عبد الجبار المفكر الاجتماعي كل أدواته المعرفية منظرا لدور رجل الدين في عملية التنوير، ومطبقا هذه المقولة على واقع يبدو فاقدا لمثل هذه القدرة. ما يجري الآن في العراق واشباهه العرب، دليل على غياب شبه تام لوعينا بتاريخنا. إننا ننسى أن فشل الانظمة لا يبرر لنا أن نكون مستعجلين، كي لا نبدلها بمثلها، وأن فساد العملية السياسية العراقية يجب أن يواجه، لكن بمنطق تعلم جيدا من فشلنا الثوري المزمن!.

 

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار