كي لا يتوه القارئ في العنوان اود ان اقول ان خاني او احمد خاني هو احد اكبر الآباء المؤسسيين للروح القومية للاكراد. هو شاعر ومتصوف فذ استطاع ان يعطي الاكراد وجودا وعشقا من خلال ملحمته الشهيرة “مم وزين”. وكان هذا المتصوف يعيش في زمن صعب وخطير حيث الحرب الدائرة بين ايران وتركيا كانت تكلف كردستان ثمنا باهظا. ومع ذلك فكر احمد خاني بأن يكتب ملحمة شعرية قال فيها كل ما كان يشتعل في روحه المتألمة. وقد وصفت هذا المتصوف بأنه شكسبير الكرد الاول لانه اراد ان يجعل من ملحمته الشعرية رسالة الى الاكراد خصوصا والى الانسانية عموما. في تلك الملحمة يتساءل احمد خاني عن الوقت الذي يحكم الاكراد فيه حاكما قويا شهما. لماذا؟ كي يخلصهم من الخراب الذي تثيره حروب ايران وتركيا المتكررة. وجه خاني في شعره رسالة الى العالم اراد ان يقول له فيها ان الاكراد يعرفون ما هو العشق, والاهم من هذه الرسالة هو بحثه عن زعيم له شهامة وحنكة يخلص الشعب الكردي من محنته وضياعه بلا هدف او وطن. بعد اكثر من قرنين وصلت الرسالة الى مسعود بارزاني, ويبدو ان رئيس الاقليم كان يخفي رغبته عن الاعلان عن تلك الرسالة التي ظلت مسافرة في التاريخ كل هذا الوقت ليحدد موعد اعلانها وهو يوم 25 ايلول. سيقال هذا موعد الاستفتاء, واحمد خاني تحدث عن بطل يعيد للامة الكردية كرامتها, واجيب ان هذه خطوة هي ارضاء لروح ذلك المتصوف مانح الاكراد الوجود القومي والعشق ايضا. اذن السيد مسعود بارزاني هو حامل وصية قومية لا يمكنه التفريط بها ارسلها اليه الاب الروحي للاكراد جميعا, وعليه ان يلتزم حرفيا بتطبيقها. لكن من يشك بحق الاكراد في ان يكون لهم وطن؟, ومن يستطيع ان يتجاهل رسالة متصوف من طراز احمد خاني.؟ بكل تأكيد لا احد يشك في ذلك لكن الوقت والظرف لا يسمحان لرئيس الاقليم ان يمضي في خطوة الاستفتاء. لو اردت ان اكون واقعيا فان افضل ما يمكن ان اقوله عن استفتاء يوم 25 انه نذر يريد السيد بارزاني الوفاء به امام شعبه والعالم كله. لكن حتى النذور قد لا يجوز تنفيذها اذا كانت تحمل اذى او مبالغة غير منطقية. وعلى هذا الاساس سيكون نذر السيد بارزاني في غير وقته وعليه ان يؤجله الى وقت اخر. ولعل ما اقوله الآن, وما اكتبه في هذه اللحظة لا يكون الا كلمات كاتب لا يعرف شيئا من حدود اللعبة السياسية. لكني على الاقل اعرف حدود الالم الانساني الذي يمكن ان تتسبب به فكرة الاستفتاء، فبعد كل هذه السنوات من الالم لا استطيع ان ارى ابناء عمومتي يدفعون ضريبة جديدة من تضحيات هم في غنى عنها الآن.
نــــوزاد حـــســــن