هل فقدت بعض وسائل الاعلام العربي موضوعيتها أم ان الأصل في وجود هذا الاعلام هو المال السياسي الذي يحركه يمينا وشمالا بحسب ميول الراعي؟ أربعة عشر عاما مرت على العراق بعد التغيير وبعض وسائل الاعلام العربي تتفنن بمعطيات الحدث العراقي ليرسم من خلالها ما يشاء من صور يتجاهل فيها الدم العراقيوتقطيع أوصال الأبرياء في الأسواق والشوارع والساحات والمدارس، ثم يخرج علينا هذا الاعلام بحقائق وتقارير واقاويل تزيد في الموت ألما حين يصور الارهابي مقاوما وقتل المدنيين بطولة وتدمير البنية التحتية جهادا وذبح الحياة ارادة وصمودا. أربعة عشر عاما اختلط فيها الكذب والتدليس والتدوير ولي عنق الحقائق بقواعد العمل الإعلامي والمهنية والموضوعية تحت سقف حرية الرأي، وكانت تجمع على أن قتل الابرياء يوميا محض خبر عابر، وتصور الفتنة والاقتتال الداخلي استحقاقا لشعب ظل متشبثا بوحدته الوطنية. كنا نقول ان هذا الاعلام وسيلة للفتنة في تعاطيه مع المشهد العراقي وأداة للتعبئة والتحشيد والشحن الطائفي بين ابناء البلد الواحد وان ما يطرحه لم يكن اعلاما مهنيا محايدا، فهو توظيف لمهارات المرتزقة والمعتاشين على المال السياسي لصالح مواقف أصحاب القنوات الفضائية وهو ليس أكثر من تجميع لكبار السحرة الاعلاميين والمتلاعبين على الحقائق والمفردات ليقدموا عروضهم اليومية لصالح الممولين على حساب الحقيقة. اليوم، وبعد تصاعد التراشق الاعلامي بين الاطراف التي كانت تناصب العداء للعراق والعراقيين، سقطت ورقة التوت وظهرت عورة السحرة الاعلاميين وهم يلوون عنق الحقائق كل لصالح من يموله بعد هذا الكم الهائل من المعلومات التي لم يتم الاعلان عنها من قبل بشأن تمويل الارهاب وحواضنه المالية والفكرية والمؤامرات الاقليمية التي كشفتها الحرب الاعلامية وراحت المعلومات التي لم يتم الكشف عنها سابقا تنزل دفعة واحدة على الرأي العام العربي بوصفه سوقا تحتكرها هذه القنوات والمواقع الالكترونية، ولم يتردد طرفا النزاع في الكشف عن الكثير من الفضائح المتعلقة باستخدام المال لشراء الابحاث والدراسات والأصوات حتى من قلب العاصمة الاميركية وبدأ طرفا النزاع الاعلامي المتورطان بالدم العراقي يكشفان عن تقارير ومعلومات لاثبات تورط الطرف الآخر في دعم الارهاب الذي ضرب العالم وكان العراق وما زال من بين ضحاياها، وعلى هذا تثبت حقيقة ان بعض وسائل الاعلام العربي تابعة للمال السياسي وغير مستقلة وليست لها صلة بالحياد والموضوعية لا بل متورطة في التسويق للارهاب، وهذا ما أشارت له قناة الحرة الممولة من الكونغرس الاميركي بشكل مباشر أو غير مباشر في تقرير متخم بالفضائح في هذا الشأن. فهل انتهى دور وسائل الاعلام العربية بعد ان فقدت مصداقيتها لتكون الحاجة ماسة لنسخ عربية من الـ CNN وABC وCBS وNBC الأميركية للعمل بالمنطقة بالتزامن مع دخول مشروع الشرق الأوسط الكبير حيز التطبيق؟.
مــحــمــد شــريــف أبــو مــيــســم