أفكار كثيرة تصلح للكتابة كذكرى ضرب برجي التجارة في نيويورك ومبنى البنتاغون في الحادي عشر من أيلول 2001 التي تزامنت هذا العام مع إعصار إيرما الذي ضرب ولاية فلوريدا، وهناك إعصار آخر يفتك بفئة من شعوب العالم هم مسلمو الروهينجا، وقضيتهم الغامضة مع البوذيين والجيش النظامي البورمي. نحن ضد قتل الإنسان في أي مكان ومن أي طائفة، لا سيما المدنيون الأبرياء ممن لا يتخذون العنف ديناً ومنهجاً، كما في الذهن تساؤلات عن كل الحروب التي تسيطر على مشهدنا الإسلامي العربي، ما الذي يغذيها ويديم عجلتها وإلى متى ستستمر ولمصلحة من؟ لكن في غمرة ذلك وجدت نفسي منحازاً لقضية عراقية صميمية تخصنا وهي أولى من غيرها. وجهت رسالة سابقة لاخوتي الكرد من هنا، واليوم أعدل صيغة المخاطبة لأوجه مثلها لأصدقائي الكرد، ففي إحدى المناسبات قامت شاعرة كردية بمخاطبة أدباء كرد حضروا مهرجانا في السليمانية من إيران وتركيا وسوريا باخواننا الكرد، وخاطبتنا بأصدقائنا من بغداد، فقمت بالرد عليها على صفحات جريدة المهرجان بمقال عنوانه (لسنا أصدقاء) ومضمونه بأننا اخوة لأننا أبناء وطن واحد، وتلك ربما كانت رومانسية زائدة، بعدها توقفوا عن دعوتي لذلك المهرجان السنوي بعد أن كنت مستشاراً ثقافياً لإدارته، فإذا كانت رسالتي السابقة لاخوتي الكرد فرسالتي اليوم لأصدقائي، للحالمين بالانفصال والعيش في دولة كردية مستقلة، على أن يحسنوا الحفاظ على تلك الدولة واستقلالها وحمايتها لا أن يكرروا مأساة مهاباد. لنحسبها أيها الأصدقاء ببساطة: لكم 17 بالمئة من ميزانية الدولة وهي أكثر مما تستحقون مقارنة بالنسبة السكانية، ولديكم في الحكومة الاتحادية علاوة على رئاسة الجمهورية عدد من الوزارات وفي البرلمان عدد من النواب وفي السفارات ومؤسسات الدولة ووزاراتها وكلاء وزارة ومدراء عامون ورؤساء هيئات وأعضاء مجالس محافظات ووحدات إدارية وهذه بحد ذاتها ميزانية، ومع ذلك يا أصدقائي لديكم أزمة مالية خانقة، تطالبون بدولة ديموقراطية وتتحدثون عن الشرعية والدستور ومحرككم الأساسي في ذلك السيد مسعود بارزاني فلا تندفعوا وراء أحلامه التوسعية وأنتم تعلمون علم اليقين بأن الوقت ليس مناسباً. كل دول الجوار معارضة لمشروعكم ولن تسمح لكم بالاستقرار، أما المناطق المشتركة التي تسعون لضمها فهي قنابل موقوتة تحيط بإقليمكم ومندلي خير مثال على ذلك، ولا تتصوروا بأن العراقيين الذين دفعوا أنهاراً من الدماء ليحرروا نينوى سيتنازلون عن شبر من سهلها، وليس من المعقول أن نحرر الحويجة ونقدمها لكم هدية في يوم الاستفتاء، أما كركوك التي عبثت بها الأيادي لتغيير طابعها السكاني فهي ليست قدسكم وإنما قدس أهلها من العرب والتركمان والكرد ولا يمكن تكريدها مهما حلمتم، أتكلم من منطق الصداقة وأدعوكم للتفكير بالمستقبل لا بسورة الانفعال التي أنتجت بعض علامات الكراهية بيننا.

د. كريم شغيدل