مــحــمــد شــريــف أبــو مــيــســم
لا تبدو السجالات والتراشقات الكتابية الي تكتظ بها مواقع التواصل الاجتماعي يوميا بمنأى عن الاهداف التي يريدها من يدير ويحتكر اقتصاد المعرفة وهو الوصي العلمي على الاقتصاد القائم على المعرفة ، بمعنى أن من يحتكر تكنولوجيا المعلومات وعناصرها هو الذي يسوق أدوات هذه التكنولوجيا الى البلدان المستهلكة، وهو القائم على ادارتها وتوظيفها بما يخدم اهدافه وغاياته في المرحلة تحديدا ، وبالتالي فان هذا الكم الهائل من الجيوش الالكترونية التي تتمثل بآلاف المواقع والصفحات التي تحمل أسماء متنوعة وتستقطب الملايين من الجمهور هي في الغالب أدوات ترويج وتسويق لقوى فاعلة في أحداث العالم والشرق الأوسط الكبير تحديدا بوصفه مشروعا واعدا لمستقبل هذه القوى التي توظف ما يسمى بالقوة الناعمة لتحريك الرأي العام في بلدان هذا الشرق وفق ما تريد وخصوصا في بلدنا العزيز . ومن هنا فان القوى الفاعلة في البلاد وهي تحتكر ادوات العالم الافتراضي وتدير لعبة التحكم بالرأي العام عن بعد أو عن قرب من مواقع مختلفة في الشرق الاوسط او من داخل البلاد هي التي ساهمت وتساهم في تاجيج الصراعات بما يخدم أهدافها ، تتبعها العديد من القوى الداخلية التي وضعت نفسها موضع الذيل لجسد تلك الارادات وراحت تتفنن في ادارة الفتن والتنقيب عنها من بطون الاحداث التاريخية اعتمادا على جهل الجهلاء واجترار الببغاوات . حكاية مردخاي الذي ينهي نهاره بمنشور عن حدث تاريخي اسلامي على صفحته الوهمية التي تحمل اسما طائفيا يحاكي اهتمامات العديد من العوام الذي يصنع لهم مردخاي مساحة من ردود الافعال المتشنجة ويذهب الى النوم تاركا لهم ولاصدقاء الصفحة والمشتركين أجواء من الانفعالات التي تفضي الى التصادم ومزيد من الفرقة والشتائم، لم تكن الاولى ولا الأخيرة ، وقد حذر منها ومن مثيلاتها الكثير من المدونين والناشطين على مواقع التواصل الألكتروني ولفتوا أنظار الآخرين الى عدم الانجرار وراء هذه الفتن وحذروا من خطورة هذه الجيوش الالكترونية التي تتلاعب بالعقل العربي عن بعد او عن قرب منذ تكريس الهيمنة الثقافية عبر شبكة المعلومات العالمية وعولمة الاتصالات. الا ان الطارئين على السياسة والمنتفعين منها واصلوا تجييش مثل هذه الصفحات للنيل من الآخر أو لتلميع وجوهم ، اذ تتعدد الحكايات التي تشير الى قدرة الجيوش الألكترونية على صناعة الأزمات وبث الفرقة والانشقاق في أجساد الشعوب العربية وفي مقدمتها الشعب العراقي، اذ يكفي الاشارة أو التطاول على رمز من رموز التاريخ أو صناعة خبر مفبرك أو المبالغة في عرض قضية لتجد ردود أفعال تستدعي ردودا أخرى ويسهم كلاهما في تكريس ما يريده مردخاي ومن يقف وراءه.والأمر بات مشابها في تجنيد الجيوش الالكترونية لصالح بعض المنتفعين من السياسة والفتن، اذ يلجأ العديد منهم الى تكليف مجموعة من المدونين لانشاء عدد من الصفحات المقترحة للنيل من هذا وتلميع صورة ذاك وبالتالي المساهمة في صناعة الكراهية وتكريسها بين ابناء البلد الواحد. ومن هنا فان البحث عن مخرج لهذا الانفلات المعلوماتي عبر توظيف الطاقات الوطنية المخلصة من الشباب الذين تعلموا تعليما جامعيا وما زالوا يبحثون عن عمل شريف يخدمون به وطنهم وعوائلهم بات أمرا ملحا لتحصين مواقع التواصل الاجتماعي وتشذيب طقوسها واشاعة الوعي لئلا يزداد الأمر سوءا خصوصا وان الجيوش الألكترونية للمنتفعين من السياسة والمال السياسي لا تظهر الحد الأدنى من الروح الوطنية والحرص ازاء قضايا البلاد المصيرية ، وفي مقدمتها وحدة الوطن والدفاع عن أراضيه ويكتفون بتوظيف هذه الجيوش للاطاحة بفلان وتلميع صورهم، وهذا ما أثبتته سنوات الحرب على الارهاب وأزمة ما يسمى بالاستفتاء في أقليم كردستان، اذ تواصل هذه الصفحات اشاعة الفتن أو أخذ موقف الصمت وكأن أمر هذا الوطن لا يعنيها .