في احتفالية بالذكرى السنوية لتأسيس المجلس الأعلى الإسلامي
دعا رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم، إلى الشروع بوضع حلول «عاجلة ومقنعة» لتجاوز الأزمة الراهنة في المناطق المتنازع عليها، مؤكدا ضرورة اللجوء لحوار يحقق «تفاهما عميقا» ويضمن وحدة وسيادة العراق. وفي حين حذر رئيس مجلس النواب الدكتور سليم الجبوري، من أن العراق يمر بـ»مفصل حرج» يتطلب من السياسيين جهدا للحوار والتفاهم، شدد رئيس المجلس الاعلى الإسلامي الشيخ همام حمودي، على ضرورة الالتزام بالمواعيد الانتخابية المحلية والبرلمانية. وقال معصوم، في كلمة ألقاها خلال حفل أقيم بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس المجلس الأعلى الإسلامي، أمس السبت: «لا بد أن اشدد بهذه المناسبة على الأهمية المطلقة للحوار لدرء مخاطر التفرقة والتشظي والاحتراب لاسيما في هذه الفترة الاستثنائية الخطورة، والمقترنة باندلاع خلافات عميقة أبرزها الأزمة الناتجة عن استفتاء الشهر الماضي في إقليم كردستان». وأضاف معصوم «لقد حرص الرئيس الراحل مام جلال دائما على استذكار مقولة شهيد المحراب الشهيرة (نعم للاختلاف وكلا للخلاف)»، عاداً أنها «تقتضي من جميع الأطراف التصارح كأساس للتصالح، والاتفاق الثابت على الالتزام بالدستور كمرجعية جامعة وحامية للتفاهمات والاتفاقات والمبادرات، كما أنها ضامنة للقدرة على بناء وطن للجميع بدون تمييز، وعلى تفعيل مكاسب التعددية في إطار الوحدة العراقية، بما تتضمنه من تجسيد للمعاني الديمقراطية، وبما تتيحه من تنوع في الأفكار والطموحات والرؤى دون الحض على التشاحن والتلاسن والفرقة». وأوضح رئيس الجمهورية أن «هذه المبادئ تحتفظ بأهميتها الحيوية وبقوة مضاعفة اليوم، بينما نحن نمر بمرحلة شديدة الحساسية والتعقيد، فالاستمرار في الحوار بين الأطراف المختلفة وتكثيفَه والحرص على الوصول إلى تفاهمات حقيقية على اساس الالتزام التام بالدستور تهدف الى حماية حقوق الجميع دون استثناء واحترامهم كشركاء متساوين في الوطن وفي بناء المستقبل لا الى تحجيمهم أو تركيعهم بأي شكل كان، هو الضمان الفعلي الوحيد للتوصل الى حلول ملموسة وعاجلة تكفُل تجاوز هذه الازمة، والتوجه للعمل معا على تحقيق الاهداف المشتركة، ومعالجة النواقص والاخطاء، مهما كانت شدة الاختلاف في وجهات النظر والمواقف». وأشار معصوم إلى أن «هذا التوجه يستوجب الشروع فورا بوضع حلول عاجلة وعادلة ومقنعة للجميع تهدف الى تجاوز الازمة الراهنة في المناطق المتنازع عليها لاسيما وقف التهديدات العسكرية وحفظ حياة المدنيين وإيقاف التجاوزات والاعتداءات وطمأنة المواطنين بالحرص على حمايتهم ورعايتهم على وجه المساواة مع كافة العراقيين دون أدنى انتقاص من حقوقهم الدستورية وكرامتهم». وحث معصوم على «منح الحوار كل فرصة وطاقة من أجل تفاهم عميق يؤدي إلى ضمن ازدهار وانتصار العراق ووحدته وسيادته، واننا على ثقة تامة بقدرة شعبنا على تجاوز هذه الازمة والخروج منها اقوى شكيمة واعمق وحدة واشد عزما على المضي قدما لمعالجة مشاكله الحالية وتطوير نظامه السياسي الديمقراطي وحماية دستوره وبناء مستقبله المشرق، وهو ما ندعو كافة ابناء شعبنا الى العمل من اجله». بدوره، شدد نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي، على «ضرورة احترام الدستور والالتزام بالسياقات القانونية التي خرج عنها البعض»، رافضا «التمرد على القانون والدولة». وأكد المالكي ان «العراق بلد المكونات والمذاهب والقوميات، ويجب ان يكون الجميع تحت خيمة الوطن مع احترامنا لكل الانتماءات»، مطالبا القوى السياسية بـ»التمسك بالأطر القانونية والاحتكام الى الدستور في حل الإشكاليات والخلافات». في حين ذكر رئيس البرلمان الدكتور سليم الجبوري، بكلمة في المناسبة، أن «العراق يمر بظرف تاريخي ومفصل حرج يتطلب من النخبة السياسية جهدا من الحوار والتفاهم»، لافتا إلى أن «العراقيين استطاعوا اليوم أن يؤسسوا لثقافة الوحدة من خلال شجاعتهم في الحسم وتفكيك الملفات المفخخة». وأضاف أن «ما أنجزته قدرة العراق الفائقة من نصر عظيم يمثل فرصة للقائنا ومواجهة الإرهاب أكسبته مكانة بين دول العالم»، مبينا أن «الجمود لم يكن يوما ما وسيلة للحل أو طريقا للتعايش أو مسلكا لأهل الحكمة والرأي وقادة الفكر والفهم». وأشار الجبوري إلى أن «العراق ورغم كل التحديات الخارجية والداخلية التي واجهته فقد بقي السقف الفكري والإطار الجامع هو الحاكم». على صعيد ذي صلة، قال رئيس المجلس الاعلى الإسلامي، همام حمودي، في كلمته بالاحتفالية، «اننا نحتاج الهمة نفسها التي حققنا بها الانتصارات في جهادنا الأصغر بل وأكثر الى الشجاعة والحكمة والحضور والتعاون لنقف وقفة مسؤولة للتصحيح والإصلاح سواء لتصحيح نظامنا السياسي واصلاح العملية السياسية، أو لتصحيح واصلاح أوضاعنا الخاصة كأحزاب وقوى ومؤسسات سواء في الاهداف او السياسات أو الخطاب». وأضاف حمودي أن «المجلس يحرص على التذكير والتأكيد على امور نعتقد أنها مهمة وفي هذه المرحلة بينها ضرورة الالتزام بالمواعيد الانتخابية المحلية والبرلمانية المقررة في مواقيتها، والإسراع بتأمين كل ما يتطلبه هذا الاستحقاق الدستوري من أسباب قانونية وفنية ولوجستية كفيلة بتحقيق إرادة الناخب العراقي ومن يمثله وبشفافية ونزاهة ودون مصادرة لحقه في الاختيار»، مشددا على ضرورة «العمل سوية وبجد على تحقيق المصالح المجتمعية وتوفير سبل رجوع النازحين الى أماكنهم وتوفير وسائل للعيش الكريم لهم من خلال تحقيق الدعم الدولي لاعمار المناطق المتضررة بسبب الإرهاب والإسراع في عملية إعادة البناء». ولفت حمودي إلى أن «وحدة العراق جزء من سيادته وهي غير قابلة للمس او التشكيك»، داعيا الحكومة الى «الالتزام بخريطة الطريق التي أشارت لها المرجعية العليا، وحل الخلافات عبر الحوار بين الحكومة الاتحادية والإقليم، وأن تكون المحكمة الاتحادية هي الفصل في المنازعات، فضلا عن الالتزام بقرارات مجلس النواب بهذا الصدد، بالاضافة الى أن الدولة تتحمل مسؤولية خاصة لاستيعاب الشباب وفتح فرص ثقافية وتعليمية ورياضية متناسبة مع اوضاعهم، وإيجاد فرص لاستثمار طاقاتهم بما يخدم المجتمع، ويأخذ بايديه». وتابع رئيس المجلس الأعلى ان «أي انفتاح خارجي على دول الجوار والاقليم قائم على أسس احترام السيادة العراقية والشعب العراقي بكل طوائفه وانتماءاته، وتبادل المصالح المشتركة معها، وتنسيق المواقف السياسية والتعاون الأمني والاقتصادي والثقافي، في نفس الوقت الذي يرفض وضع يده بكل يد تلطخت بدماء العراقيين، وتتآمر على أمن وسيادة العراق».





