بل الكثير من الشواهد خلال السنوات الماضية كشفت تذبذبا في الاداء السياسي الى درجة العمل وفق رغبة الغير، او محاولة التناغم مع رؤية الاخر، او استجداء دعم الشارع للتوجهات والقرارات طمعا في التاييد والكسب الانتخابي. واثبتت السنوات السابقة اننا بحاجة الى سياسي يمتلك القدر المناسب من شجاعة مصارحة الشعب بالواقع مهما كانت مرارته، او الاقدام على اتخاذ قرارات لاتحظى بقبول وتأييد الشارع رغم انها في النهاية تؤتي ثمارها وتصب في مصلحة الشعب والدولة. العبادي قلب هذه المعادلة، ومنذ بداية المفاوضات في تشكيل الحكومة حتى يومنا هذا، تمكن من صناعة قرارات وفق رؤية وطنية مجردة عن المصالح الآنية الضيقة، بل اساسها الاول والاخير المصلحة العراقية،لاسيما في اهم واخطر الملفات التي هي الملفان الامني والاقتصادي. والامثلة على ذلك كثيرة في مقدمتها ما يتعلق بحرب التحرير ضد عصابات داعش الارهابية التي راهن الجميع وفي مقدمتهم الاميركيون على انها ستكون حربا طويلة ربما تستغرق عشر سنوات او اكثر، لا بل البعض اخذ يفكر باحتواء او استيعاب داعش والتفاوض معها واطلاق صفة تنظيم الدولة عليها. الا ان الرؤية العبادية كانت تختلف بشكل جريء، كونها تنطلق من ثقة كبيرة بالقدرات والامكانات العراقية، التي وفر لها العبادي الارضية كي تنطلق وتعمل، تدفعها الارادة في تنفيذ الرؤية التي قلبت الموازين. وتم تحرير معظم الاراضي المغتصبة، تحررت الارض وسقطت اسطورة داعش التي ارهبت البعض، ويمكننا القول ان داعش كقوة عسكرية قد انتهت، ومازلنا نسعى الى القضاء او تقويض ارهابها وكل الذي تحقق من انتصارات كبيرة صنعه عقل مخلص وارادة رجال اشداء. اما على المستوى الاقتصادي فكانت في مقدمة اولويات العبادي ايقاف الاستنزاف غير المبرر لموارد الدولة، وتقليل الفجوة بين رواتب كبار الموظفين وصغارهم، وتبني مفردات اصلاحية اقتصادية اسهمت في تحقيق التوازن الاقتصادي وتقليل النفقات ووقف الهدر واستنزاف موارد الدولة . تميز العبادي عن سواه بانه رجل عملي يقول ما يفعل ويفعل ما يقول، ويعمل بهدوء.
