في برنامج تغطية خاصة على قناة “العراقية” كنت الجمعة الماضية ضيفا على مدى ساعة مع كل من النائب السابق الدكتور طلال حسين الزوبعي والدكتور واثق الهاشمي رئيس المجموعة العراقية للدراسات السياسية. كان محور التغطية عن قرار رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي البدء بالحرب ضد الفساد. ولكوني إعلاميا فقد توليت مهمة توضيح ما يمكن للإعلام أن يقوم به من دور بل قل أدوار في الحرب ضد الفساد التي هي من وجهة نظر كثيرين لست أنا من بينهم إنها لاتختلف عن الحرب ضد داعش. صحيح أن هناك ربطا بين الفساد والإرهاب مثلما يرى كثيرون إنهما وجهان لعملة واحدة وهذا هو الآخر حكم قيمة لايستند الإ على معايير عامة قوامها أن الإثنين يؤديان في النهاية الى الخراب والدمار. هذا صحيح لكن جوهر القصة يختلف وأسبابها وعواملها مختلفة وطريقة الكشف عن الفاسدين تختلف هي الأخرى. ومثلما قال مقدم البرنامج الزميل نصير لازم أن الإرهاب عدو واضح بينما الفساد عدو مستتر فإنه عندما وصلنا الى طرق مكافحته إختلف معي الدكتور طلال حسين الزوبعي. ففي معرض الرد على سؤال بشأن دور الإعلام فقد وضحت العديد من النقاط الملتبسة خصوصا أن الفاسدين باتت لهم منصاتهم الإعلامية الخطيرة والمؤثرة. وبالتالي فإن تصدي أي إعلامي الى ملفات فساد خطيرة يمكن أن يكلفه حياته. وهنا إختلف معي الدكتور طلال مشيرا الى إننا مثلما ضحينا بعدد كبير من الصحفيين والإعلاميين في حربنا ضد الإرهاب فإنه يتعين علينا أن نقدم قرابين إعلاميين جدد على هذا الطريق والإ فإن الفساد لن يحارب بالطريقة التي نتوقعها له. من جانبي لخصت الموقف بأن الإعلامي في هذه الحالة يكون هو الضحية بينما السياسي سيكون هو البطل. المشكلة أن السياسي وأقصد هنا الفاسد تحديدا محمي مرتين بينما الإعلامي مكشوف عنه كل الأغطية ويعمل تحت شعار “ربي كما خلقتني”. السياسي الفاسد محمي بالمنطقة الخضراء إذا كان من سكانها وهو على الأرجح كذلك. أو تحميه الكتل والصبات الكونكريتية إذا كان يسكن خارجها وهم النسبة الأقل. كما تحميه كتلة أو حزب أو منظومة سياسية متكاملة. ولديه فوق كل هذه المصائب منصات إعلامية “تطلعك” إذا “سبيت العنب الأسود” أكبر كذا وأكبر كيت. أما الإعلامي أقصد “ابو السماء والطارق” فهو يعمل في الغالب في وسيلة إعلام سرعان “ماتلبسه الباب” عند أول حرشة له بالسياسي الفلاني أو الحزب العلاني. الزميل نصير لازم قال لي هل يمكن عقد ميثاق إعلامي. كان جوابي مع من يمكن أن نعمل هذا الميثاق؟ هل مع وكالات الأنباء الوهمية أو منصات التسقيط الإعلامية أم الجيوش الألكترونية؟ خلاصة ما طالبت به بـ “العراقية” وأطالب به بـ “الصباح” أن تكون الحرب ضد الفساد قوية ومباشرة وبدون أن تكون لدى رئيس الوزراء “لحية مسرحة” مثلما يقولون. عندها يحشد بالضرورة الشعب خلفه وهو مايعني تشكل رأي عام ضاغط تصعب مقاومته. عند ذاك تتساقط رؤوس الفساد .. حيتانا وزرازير.

حــمــزة مــصــطــفــى





