عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

لمياء باعشن

المقالات 09 مارس 2017 0 159
لمياء باعشن
+ = -
 15 مشاهدةآخر تحديث : الخميس 9 مارس 2017 – 8:58 صباحًا
طالب عبد العزيز 

على خلاف ما نعتقده في ثقافة الجزيرة العربية، ولعلها من أعمال الجرأة النادرة ما قامت به الناقدة والباحثة السعودية د. لمياء باعشن، فهي التي جمعت النفيس من تراث وفولكلور منطقة الحجاز، ثم قدمته على شكل لوحات غنائية، على غاية من الجمال والأهمية، وتمكنت من الوصول إلى أقرب منطقة في الذوق والحس الإنساني الرفيع ولا أدل على ذلك ما دأبت على سماعه في شريط الـ C.D (دوها) الذي أكرمني ودلني عليه الصديق الناقد السينمائي خالد الربيعة، ومازلت أحتفظ به، كواحد من مقتنياتي التي أعتز بها، أو ثمرة من ثمار زيارتي إلى هناك. د. باعشن أستاذة النقد والأدب بقسم اللغات الأوروبية وآدابها بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، وصاحبة أوراق علمية في النقد الأدبي باللغة الإنجليزية، ومشاركة ببحوث نقدية في عدد من الملتقيات الأدبية في المملكة وخارجها، وظفت دراستها الأكاديمية في أميركا لصالح ثقافة بلدها السعودية بشكل منقطع النظير، بعد عودتها من هناك، فهي حفظت أهازيج الذاهبين للحج من جدة لمكة والمدينة وترنيمات الطفل وهدهدة الأم لطفلها ساعة رضاعته وقد سمّت له النجوم، وهي تنام على سطوح البيوت وأدت بصوتها أغاني الحب والشوق والفراق وسوى ذلك الكثير والكثير، في لوحات موسيقية جددت توزيعها بين آلات شرقية وغربية، وقامت بما لم يقم به أحدُ هناك. وأنا اسمع الـ C.D(دوها) الذي جمعت فيها الأناشيد والأهازيج مثل (أم عْميرة، شدّت القافلة، الصرافة، سيدي حمزة، تهنينات، دوها، الرحماني، دريهوا.) كنت أتوقف عند جرأة المرأة العظيمة، التي تركت القليل من شعرها خارج القماشة التقليدية، وهي تتحدث عن مشروعها الباهر، لكنني دخلت أعماق نفسي العراقية، ورحت أبحث عن باعشن عراقية، بل عن باعشن عراقي، ممن تتقدم أسماءهم العبارات الكبيرة والدرجات العلمية الرفيعة في كليات التربية والآداب وأكاديمية الفنون لأقول لهم: أين أنتم من لمياء باعشن؟ لمياء التي تعيش وتعمل في السعودية والتي تحاصرها جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أقول ذلك كيما لا يُجيبني أحدهم، الإجابة التقليدية: كيف نعمل في ظل ظروف كالتي في العراق؟ ذات يوم سأل أحدُ الأصدقاء في صفحته الخاصة السؤال هذا:” تُعلمنا المراكز البحثية ومنظمات أخرى مثل اليونسكو بتدني مستوى التعليم في العراق، لكننا، نفاجأ بزيادة مضطردة في عدد الأساتذة الحاصلين على الشهادات العليا؟ أليس في الأمر مفارقة ما؟ نعم، مفارقة أكيدة، هذا واقع حال التعليم والثقافة الآن. لو أحصينا عدد أساتذة اللغات والنقد الأدبي والسينما والمسرح والفنون الأخرى في عموم الجامعات العراقية لعثرنا على أرقام فلكية، لكننا لو تأملنا المنجز لهؤلاء لأصابتنا الخيبة، بكل تأكيد ! أنا لا أعتقد بأن الفسحة المتاحة في بلاد مثل السعودية أوسع من مثيلتها في العراق، مثلما لا أعتقد بصحة مقارنة تاريخ وعمق الثقافة العراقية بعمق وتاريخ الثقافة هناك.

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار