
ان العلاقة بين الانسان والدولة علاقة متشابكة، فالإنسان في الأصل هو من يؤسس الدولة، والدولة في الأساس هي التي تنظم عيشه فيها وإدامة وجوده ضمن مجتمعها الواسع، وبضوء هذا ولتأطير العلاقة بين طرفين أساسيين أصبحت للإنسان أي انسان وفي أي دولة ومجتمع حقوق لازمة يريدها من الدولة، وعليه واجبات كذلك لازمة يؤديها الى الدولة. والدولة هي الأخرى وعلى نفس المفهوم لها حقوق لازمة على الانسان تريد منه تأديتها ولديها واجبات تؤديها لمن يعيش وسطها، لكي تستمر الحياة في معادلة علاقات افضل للإنسان، وقدرة أعلى للدولة. من هذا نعودٌ الى شكل العلاقة بين العراق ودولته العراقية، منذ تأسيسها حديثاً في العام 1921 وحتى وقتنا الراهن لم يجد المتابع أن طبيعة العلاقة بين الطرفين كانت سليمة أو قد أقيمت على أسس صحيحة، إذ شعر قسم من أهل العراق ومنذ ذاك الحين على سبيل المثال أن الدولة ليست دولتهم، وشعر القسم الآخر بعد العام 2003 كذلك أن الدولة ليست لهم. وشعروا معاً في أوقات متفاوتة أن الدولة لم تمنحهم حقوقهم وهي ممثلة بالحكومات المتعاقبة وأجهزتها ومؤسساتها السياسية والأمنية والخدمية لم تعطهم الاستحقاقات الواجب اعطاؤها ليعيشوا رضاً مقبولاً وأمانا، فقد ميزت بين الأبناء، وقاتلت البعض من الأبناء واهانت واعتقلت وأغنت وأفقرت وتعاملت مع البعض على انهم بعيدون عنها غير مخلصين لها وأحياناً موالون لغيرها، قست عليهم وقسوا عليها، وبقيت من ذاك الحين الى هذا ضعيفة واهنة. أما الانسان مؤسس الدولة، فلم يفكر في كيفية تقويمها أو اعادة تأسيسها، وبدلا من التفكير بات يسرقها في السر والعلن، يتعمد التجاوز على أملاكها ومشاريع لها بالتراضي أو الغصب، يرمي الانقاض في أنهر كان يشرب منها ويسقي الزرع منها،ينشر زبالته في شوارعها، يستغل ارصفتها، لا يدفع الضرائب، الغى خدمة الوطن لها، اسهم في تفتيتها الى أجزاء، وما زال البعض يسعى الى وأدها. إنها علاقة شاذة بين الدولة والانسان، الخسارة في نتيجة التفاعل لمعادلتها تشمل كلا الطرفين الانسان العراقي الذي لم يعش بسببها فترة أمان واستقرار ولا رفاه على الرغم من غنى الدولة، وكذلك الحال بالنسبة الى الدولة التي أضعف فتور أبنائها وابتعادهم عنها قدراتهاوقلل من هيبتها وبالمحصلة فتح الباب أم الدول الأخرى للتدخل في شؤونها والنفاذ الى جسدها. نتيجة لا بد من تعديلها في هذا الزمن الذي اتاحت فيه الديمقراطية المجال أمام الانسان لأن ينتخب من يستطيع تعديلها وأن ينتقد من يفشل في التعديل أو حتى يطيح به، وإذا لم تعدل ستبقى الدولة عليلة ويبقى انسانها مضطربا غير راضٍ عنها الى أبد الآبدين.