عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

تبدأ الحرية حين ينتهي الجهل

المقالات 20 نوفمبر 2017 0 196
تبدأ الحرية حين ينتهي الجهل
+ = -

 

10 views مشاهدةآخر تحديث : الإثنين 20 نوفمبر 2017 – 9:23 صباحًا
 
د . قيس العزاوي
في اللحظات الحرجة من تاريخ الامم وللرد على التحدي والتعسف يعبر عموم الشعب بكل تنوعاته الثقافية وتوجهاته السياسية عن الهدف المشترك وهو خلاص الوطن ووحدة اراضيه، وبالفطرة فإن الانسان ينحاز للعدالة حتى وان كانت مغيبة، فنراه يوحد صفوفه لعبور المحن، وخاصة حين ترغب بعض اوساط الدولة بلعب دور الحياد، على صعوبته، في حلبة صراع الهويات الدينية او الطائفية او القومية، فهدف الدولة بنحو عام تأمين حقوق الشعب وحريته، ومن المؤسف ان تعدد مراكز القوى قد يفقد الدولة

حياديتها .. إن الشعور الوطني ينأى بنفسه عن التمييز بين المواطنين ويتجاوز الهويات الفرعية فينزع للحيادية ويتبنى الهوية الجامعة الهادفة الى إقرار حقوق الجميع والحفاظ على أمن الجميع وضمان السلم الاهلي وتأمين الحريات والاحتكام لمقتضيات العقد الاجتماعي وهو الدستور الذي يعتبر قانون القوانين. لا شيء يمكن أن يهدد أي وطن أياً كانت الظروف المحيطة به، وفي شتى العصور عندما تتوفر لدى الشعب نعمة المواطنة التي يشترك في التمتع بمكاسبها المواطنين كافة، ويساهم من خلالها الجميع في إدارة مؤسسات المجتمع المدني والدولة واتخاذ القرارات، فمن الملاحظ أن عراقنا الجديد الذي حاول إرساء فكرة المواطنة نظرياً من خلال الدستور ما زال يتعثر، إذ لم نقل عاجزاً، عن إقرارها ميدانياً. وما عاد سراً على أحد تشخيص العوائق الحقيقية التي تقف حائلاً دون تبني المواطنة ميدانياً، فهي متجلية في اسوأ اشكالها في المظاهر التالية: – عدم الاخذ بالكفاءة قبل الانتماء وتكافؤ الفرص لجميع العراقيين. – سخرية ما يسمى بـ “ديمقراطية” التوافق، التي تلغي ديمقراطية صناديق الاقتراع. – تقسيم الشعب الواحد إلى مكونات عدة، وكأننا نقر بدويلات للمكونات داخل الوطن الواحد . – النص الدستوري قائم على شرط التوازن بين المكونات في المؤسسات الامنية والعسكرية وفي ادارة البلاد، مما يعزز شرعية تفتيت هذه المؤسسات الى كيانات تمزق الدولة. – عدم اعتماد الدائرة الانتخابية الواحدة لعموم العراق لكي يفوز النائب بأصوات العراقيين كافة اياً كانت انتماءاته الدينية او القومية أو الجغرافية، هذه الدائرة التي تسهل اندماج كل فئات الشعب في الهوية الوطنية الواحدة. ولو نظرنا بعين الحرص على عراقنا اليوم لوجدنا بكل بساطة أن كل تلك العوائق منافية لابسط اشكال الديمقراطية وتعيق، بنحو حاسم، اقرار مبدأ المواطنة ميدانياً ومع ذلك يجري الاصرار عليها من الاحزاب كافة، وذلك لأن تلك الاحزاب تعتاش وتفوز بالسلطة والثروة بفضل تفرقة الشعب الواحد. ويبقى الجميع بانتظار الزعيم او الحدث الجلل الذي يحول العراقيين من رعايا لاحزاب تفتيتية الى مواطنين لوطن واحد غير قابل للتجزئة. و ربما يكون عدم وعي السواد الاعظم من العراقيين بهذه الحقائق البسيطة سالفة الذكر هو العائق الرئيس لتجاوزها، وقد علمتنا التجربة الانسانية أن هذا الوعي مرتبط بنجاح برامج التربية والتعليم في العراق وبمدى جديتها وإلزاميتها على الجميع، ولكن ومن المؤسف أن التعليم لم يعد من الاولويات لذلك فإن تفشي الأمية وأد كل سبل التمتع بالحرية وهي ما زالت في مهدها. هذا ما أدركه الروائي الفرنسي المعروف فكتور هيجو حين لاحظ تفاهة الاحتدامات السياسية لنخب بلاده والاختيارات الساذجة لعموم الشعب في اختيار النواب الذين يمثلونه في البرلمان (حينها كان هو نفسه عضواً في مجلس الشيوخ).. أدرك بكل ببساطة أن سبب ما يجري من تردي أحوال البلاد إنما هو تفشي الامية في صفوف الشعب، وبالتالي تفشي الجهل على الرغم من ضمانات الحرية التي وفرتها الثورة الفرنسية حينها قال: تبدأ الحرية حين ينتهي الجهل.

 

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار