عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

ما بين الدولة المدنية و تعديل قانون الأحوال الشخصية

المقالات 29 نوفمبر 2017 0 190
ما بين الدولة المدنية و تعديل قانون الأحوال الشخصية
+ = -

 

 

15 views مشاهدةآخر تحديث : الثلاثاء 28 نوفمبر 2017 – 10:04 صباحًا
 
ناصر عمران الموسوي
المنافسة السياسية هي صورة ديمقراطية ضمن مناخات التفاعل والتأثير السياسي للأحزاب السياسية المشكلة لمجلس النواب وهي حالة صحية في العمل البرلماني لاختلاف مشارب وتوجهات الاعضاء ورؤاهم التي يجب ان تكون مقيدة بالبرامج الانتخابية ،التي على اساسها تم انتخابهم لتمثيل ناخبيهم

وبالتأكيد ان المواطن يتفق على مسلمات مشتركة اهمها المطالبة بتحسين الواقع الخدمي ومستوى دخل الفرد وتحقيق الاستقرار والامن والعيش تحت ظل دولة المؤسسات المحكومة بالدستور والمستنيرة بهدي القوانين ،والمهمة الكبيرة للبرلماني هي سن التشريعات والرقابة على اداء السلطة التنفيذية الخارجة من رحم البرلمان ،وفي الوقت الذي استعادت فيه الحكومة عافيتها بعد تحرير المحافظات المغتصبة من قبل عصابات داعش الارهابية وحثها الخطى باتجاه ارساء معالم الدولة عبر اعادة انتشارها وسيطرتها على اغلب المدن بعد استفتاء اقليم كردستان وتصميمها الشديد على ان تكون كلمة الدولة حاضرة في كل بقعة من الاراضي العراقية ،نرى مجلس النواب يتجه لتشريع تعديل لقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل والمطالع لنصوص التعديل يجده صورة جديدة لمشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري ومحاولة جديدة لإلغاء القانون الذي منح تنظيم الاحوال الشخصية والتطبيق القضائي خطوة متقدمة باتجاه التشريع الوطني الموحد فقد الغى المحاكم الشرعية ومنح القضاء وحدته التطبيقية والذي يعد من افضل القوانين في المنطقة العربية والاسلامية ولعل اللجنة المعدة للقانون كانت من الموفقية بمكان بحيث انها تماهت مع ثنائيات متعددة فقد راعت الاحكام الشرعية بالاتساق مع النص القانوني دون ان تتخلى عن مناخ التغيير والتطور والمصلحة الهادفة الى تطبيق العدالة الاجتماعية والمساواة كما كان العرف الملزم والمهيمن ذا حضور في النص بعد ان تم تشذيبه ليتلاءم مع روح النص القانوني ، فوجدت الاحكام الشرعية ضمن مقاييس الخبراء القانونيين حضورها ، فخرج القانون بهيكليته التطبيقية محفوفا بالنجاح والدفع باتجاه هيمنة المؤسسة القانونية على جوانب التنظيم في الاحوال الشخصية ومنذ ذلك التاريخ وبالرغم من التعديلات التي عالجت الكثير من الامور برؤية التطبيق المنسجم فقد احدثت بعض التعديلات اساءات واضحة للرؤية الام لقانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة  1959 فكان لرؤى السياسي الحاكم حضورها من خلال التعديل للقانون هنا وهناك بحسب المرحلة والحاجة فاعتبر مثلا ً الهروب من الخدمة العسكرية سببا يبيح للزوجة طلب التفريق من زوجها وبالرغم من ذلك فالقانون اعطى صورة ايجابية في تعامله التنظيمي لقضايا الاحوال الشخصية واليوم يأتي مشروع التعديل للقانون الذي يثير الكثير من الاشكاليات القانونية والاجتماعية اضافة الى شرعنته لحالات قطعت الدولة شوطا كبيرا فيها باتجاه تحقيق هويتها المدنية ،ان محاولة جر تنظيم الاحوال الشخصية الى الافراد والمؤسسات الدينية بدواعي الحرية الشخصية في الاختيار هو امر فيه الكثير من المخالفات الدستورية اهمها تجاوزه على مبدأ المساواة بين المواطنين بتشريعه لقانون ذكوري بامتياز لا يمنح المرأة اي ضمانة في تنظيم عقد مهم في حياتها وهو عقد الزواج والذي يشكل القانون النافذ مظلة وحماية للمرأة من تغول العقد العرفي الذي لم تنجح سنوات من العقوبة الجزائية من تحقيق تنظيمه امام المحكمة فالمادة 10 فقرة 5 من القانون وبغية الحث والالزام بتنظيم عقد الزواج امام المحكمة وضعت عقوبة جزائية تصل الى ثلاث سنوات وغرامات مالية لتحقيق الردع القانوني فوجود مسوغ جديد ومنح الصيغة والطريقة العرفية لعقد الزواج يفتح ابواباً كبيرة لامتهان المرأة والتجاوز على البنية الاجتماعية اضافة الى الارباك التطبيقي في العمل القضائي الذي انصب التعديل على مخالفة واضحة لاستقلالية السلطة القضائية التي تتراجع في هذا المقترح لمصلحة السلطة التنفيذية وخضوعها لآراء الوقفين السني والشيعي ان الهدف الاساس هو الارتقاء بقانون الاحوال الشخصية النافذ عبر تعديل مواده التي لا تتلاءم مع ثوابت واسس الدولة المدنية وروح الحياة الحاضرة وتأسيس قانون وطني موحد يكون منظومة تنظيمية لجميع المواطنين بغض النظر عن معتقداتهم وقومياتهم ومذاهبهم على ان تكون الخصوصية الايجابية حاضرة في التشريع .

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار