موسم الهجرة الى المحافظات
بقلم: محمد شريف أبو ميسم
لو تحدثنا عن فضائل نقل الصلاحيات من ثماني وزارات مركزية الى الحكومات المحلية في المحافظات، فاننا لن ننتهي الى ما يقال بشأن تجاوز المركزية “المقيتة” واطلاق يد الحكومات المحلية في الادارة والبناء، بل سنتعدى الى أبعد من ذلك، اذ سيقطع المدد عن جيوب الفاسدين في مؤسسات المركز بشكل سيؤدي وبالضرورة الى جفاف العنب في سلة الحرام التي تضخمت على مكارمها الكروش ومن المحتمل ان تمارس هذه الكروش ادوارا رقابية صارمة وبخبرة متراكمة على فروع مؤسسات الوزارات في المحافظات وسيرفعون شعارات النزاهة بشدة بالغة ما لم يشملهم الغيث الذي غيرته الريح باتجاه تلك المحافظات. والمطلّع على حجم الفساد في مؤسسات المركز، لن يرى في قولنا هذا مغالات او تجنيا على احد، فحجم هذا الفساد وكيفيته تجاوز حالات الاستهتار الى مرحلة الممارسات المألوفة دون رادع ..ومن الطبيعي القول ان نقل صلاحيات ثماني وزارات الى الحكومات المحلية في المحافظات ، سيحد من حجم الفساد في مقرات هذه الوزارات والمؤسسات التابعة لها وسيختزل حلقات الترهل الاداري الطويلة فيما يتعلق بالموافقات والاجراءات الخاصة باقامة المشاريع التي كانت تقدمها هذه الوزارات في سلسلة زمنية طويلة يشوبها الكثير من الروتين والبيروقراطية، وسيسهم في اطلاق يد الحكومات المحلية بشان ادارة المشاريع وفتح باب الاستثمار وتفعيل عمليات الاعمار بشكل لا يعطي ذريعة لتلك الحكومات في حالات التلكؤ، خاصة وان قانون التعديل الثاني لسنة 2013 لقانون مجالس المحافظات رقم 21 لسنة 2008 المعدل ، منح الحكومات المحلية ايرادات أخرى بجانب ما تخصصه الموازنة الاتحادية للمحافظة بما يكفي للقيام بأعبائها..
وتشمل هذه الايرادات أُجور الخدمات التي تقدمها المحافظة لمواطنيها والمشاريع الاستثمارية التي تقوم بها ، والضرائب والرسوم والغرامات المفروضة وفق القوانين الاتحادية والمحلية النافذة ضمن المحافظات وبدلات بيع وإيجار أموال الدولة المنقولة وغير المنقولة ، وبدلات إيجار الأراضي المستغلة من قبل الشركات والضرائب التي يفرضها المجلس على الشركات العاملة فيها تعويضاً عن تلوث البيئة وتضرر البنى التحتية والتبرعات والهبات التي تقدم للمحافظة وفق الدستور والقوانين الإتحادية ، ونصف إيرادات المنافذ الحدودية. بجانب ما تحصل عليه المحافظات النفطية وهو 5 دولارات لكل برميل نفط منتج أو مكرر و5 دولارات عن كل 150 مترا مكعبا من الغاز المنتج ، علاوة على حق ادارة وتخصيص أراضي الدولة للمشاريع ، ووضع المحافظ موضع الوزير في كل قطاع من القطاعات التي تديرها الوزارات الثمانية ، ما يعني اننا ازاء مرحلة تحول مهمة في ادارة شؤون البلاد ، ستسهم في تخفيف الكثير من الاحتقان السياسي والاداري بين الحكومات المحلية والحكومة المركزية وبين مطالب الناس ومستوى الاداء في المؤسسات الحكومية . بجانب ما سيوفره هذا القرار من اختزال في عنصر الوقت، وهو عامل اساس من العوامل الفاصلة بين مجتمعات تقدمت ومجتمعات لا تزال ترسف في أغلال التخلف.كل هذه النظرة المتفائلة التي بشر بها قرار مجلس الوزراء وبعض القائمين على العديد من المؤسسات التنفيذية ، لم يهضموا بعد فكرة منح صلاحياتهم لفروعهم في المحافظات ، لا بل ان البعض منهم ، لم يسمعوا بعد بمثل هكذا قرار ، وبعضهم الآخر يعد نقل الصلاحيات اشبه بالخرافة غير الممكنة التحقيق .. ما يضعنا امام تساؤل مهم ” كيف يمكن لمن عشعش في البيروقراطية على مدار سني خدمته الوظيفية ان يضع آليات سلسلة وسهلة التنفيذ لنقل الصلاحيات لمن يراهم موظفين تابعين له ؟”..
من ناحية أخرى يتشكل تساؤل آخر مفاده ” كيف ستتعامل مؤسسات المحافظات وبشكل مفاجئ مع صلاحيات لم تكن قد تعاملت معها من قبل ، ولم تكن لديها أدنا فكرة عن تفاصيل ادائها بفعل التعمية والبيروقراطية التي كانت تمارسها الادارات العامة لتلك المؤسسات في المركز، خصوصا ان ادارة الحكومة المحلية ستمارس دور ثماني وزارات في آن واحد ، وعليها أن تؤسس مجالس قطاعية لوظائف كل الوزارات الثمانية من فروع مؤسساتها وفروع الجهات الساندة لها، ما يعني ان عملية التحول تحتاج الى جهود كبيرة ومضنية يقوم عليها رجال ونساء مخلصون لمحافظاتهم، لاسيما ان عملية نقل الصلاحيات حددت بثلاثة أشهر باستثناء وزارة المالية التي طلبت التاجيل لستة أشهر اخرى .. وهنا وكما متوقع ستنبري محافظات لتحقق نجاحات في عملية نقل الصلاحيات دون غيرها بفعل اندفاع وحرص أبنائها على النجاح وتحقيق النمو والازدهار لجماهير المحافظة ولمدينتهم قبل كل شيء، وقد يكون هذا الاندفاع في هذه المحافظة او تلك دافعا للادارات الاخرى في بقية المحافظات وسببا مباشرا أو غير مباشر لخلق حالة التنافس بينها ..
بيد ان الأهم من ذلك هو ما اشرنا اليه في متن هذا المقال، اذ ان الصلاحيات التي ستنقل ستعني وبالضرورة انحسار الفساد في مقرات الوزارات وفي مقرات الادارات العامة في مؤسسات حكومة المركز ، ونقلها الى المحافظات من وجهة نظر المفسدين هو في الحقيقة نقل لفرص الحصول على الهبات والهدايا والعطايا والامتيازات ومزيد من فرص الابتزاز وجني المال الحرام وما يتبعهما، ما سيعني فرصا جديدة للذين لا يخافون الله ولا يؤمنون بالوطن في تلك المحافظات ما لم توضع المحددات الاستباقية لمنع هؤلاء من القفز على القوانين والتعليمات التي ستكون في أسوأ حالاتها في ظل تشابك هذه التعليمات وتقاطعها في هذه المرحلة الانتقالية من المركز للمحافظات،خصوصا وان فروع المؤسسات في تلك المحافظات لا تزال تعمل وستبقى تعمل لفترة قد تطول بهذه التعليمات وبالقوانين المركزية الى حين اكمال التشريعات المحلية التي يتم بموجبها الاستغناء عن تلك التعليمات بناء على قانون مجالس المحافظات رقم 21 لسنة 2008 .. وربما ستلجأ الادارات المحلية في المحافظات الى الاستعانة بكروش المركز لوضع المحددات الاستباقية خشية انضاج مثيلات لها في تلك المحافظات على اعتبار أن أهل الكــروش ادرى بشعابها.
لو تحدثنا عن فضائل نقل الصلاحيات من ثماني وزارات مركزية الى الحكومات المحلية في المحافظات، فاننا لن ننتهي الى ما يقال بشأن تجاوز المركزية “المقيتة” واطلاق يد الحكومات المحلية في الادارة والبناء، بل سنتعدى الى أبعد من ذلك، اذ سيقطع المدد عن جيوب الفاسدين في مؤسسات المركز بشكل سيؤدي وبالضرورة الى جفاف العنب في سلة الحرام التي تضخمت على مكارمها الكروش ومن المحتمل ان تمارس هذه الكروش ادوارا رقابية صارمة وبخبرة متراكمة على فروع مؤسسات الوزارات في المحافظات وسيرفعون شعارات النزاهة بشدة بالغة ما لم يشملهم الغيث الذي غيرته الريح باتجاه تلك المحافظات. والمطلّع على حجم الفساد في مؤسسات المركز، لن يرى في قولنا هذا مغالات او تجنيا على احد، فحجم هذا الفساد وكيفيته تجاوز حالات الاستهتار الى مرحلة الممارسات المألوفة دون رادع ..ومن الطبيعي القول ان نقل صلاحيات ثماني وزارات الى الحكومات المحلية في المحافظات ، سيحد من حجم الفساد في مقرات هذه الوزارات والمؤسسات التابعة لها وسيختزل حلقات الترهل الاداري الطويلة فيما يتعلق بالموافقات والاجراءات الخاصة باقامة المشاريع التي كانت تقدمها هذه الوزارات في سلسلة زمنية طويلة يشوبها الكثير من الروتين والبيروقراطية، وسيسهم في اطلاق يد الحكومات المحلية بشان ادارة المشاريع وفتح باب الاستثمار وتفعيل عمليات الاعمار بشكل لا يعطي ذريعة لتلك الحكومات في حالات التلكؤ، خاصة وان قانون التعديل الثاني لسنة 2013 لقانون مجالس المحافظات رقم 21 لسنة 2008 المعدل ، منح الحكومات المحلية ايرادات أخرى بجانب ما تخصصه الموازنة الاتحادية للمحافظة بما يكفي للقيام بأعبائها..
وتشمل هذه الايرادات أُجور الخدمات التي تقدمها المحافظة لمواطنيها والمشاريع الاستثمارية التي تقوم بها ، والضرائب والرسوم والغرامات المفروضة وفق القوانين الاتحادية والمحلية النافذة ضمن المحافظات وبدلات بيع وإيجار أموال الدولة المنقولة وغير المنقولة ، وبدلات إيجار الأراضي المستغلة من قبل الشركات والضرائب التي يفرضها المجلس على الشركات العاملة فيها تعويضاً عن تلوث البيئة وتضرر البنى التحتية والتبرعات والهبات التي تقدم للمحافظة وفق الدستور والقوانين الإتحادية ، ونصف إيرادات المنافذ الحدودية. بجانب ما تحصل عليه المحافظات النفطية وهو 5 دولارات لكل برميل نفط منتج أو مكرر و5 دولارات عن كل 150 مترا مكعبا من الغاز المنتج ، علاوة على حق ادارة وتخصيص أراضي الدولة للمشاريع ، ووضع المحافظ موضع الوزير في كل قطاع من القطاعات التي تديرها الوزارات الثمانية ، ما يعني اننا ازاء مرحلة تحول مهمة في ادارة شؤون البلاد ، ستسهم في تخفيف الكثير من الاحتقان السياسي والاداري بين الحكومات المحلية والحكومة المركزية وبين مطالب الناس ومستوى الاداء في المؤسسات الحكومية . بجانب ما سيوفره هذا القرار من اختزال في عنصر الوقت، وهو عامل اساس من العوامل الفاصلة بين مجتمعات تقدمت ومجتمعات لا تزال ترسف في أغلال التخلف.كل هذه النظرة المتفائلة التي بشر بها قرار مجلس الوزراء وبعض القائمين على العديد من المؤسسات التنفيذية ، لم يهضموا بعد فكرة منح صلاحياتهم لفروعهم في المحافظات ، لا بل ان البعض منهم ، لم يسمعوا بعد بمثل هكذا قرار ، وبعضهم الآخر يعد نقل الصلاحيات اشبه بالخرافة غير الممكنة التحقيق .. ما يضعنا امام تساؤل مهم ” كيف يمكن لمن عشعش في البيروقراطية على مدار سني خدمته الوظيفية ان يضع آليات سلسلة وسهلة التنفيذ لنقل الصلاحيات لمن يراهم موظفين تابعين له ؟”..
من ناحية أخرى يتشكل تساؤل آخر مفاده ” كيف ستتعامل مؤسسات المحافظات وبشكل مفاجئ مع صلاحيات لم تكن قد تعاملت معها من قبل ، ولم تكن لديها أدنا فكرة عن تفاصيل ادائها بفعل التعمية والبيروقراطية التي كانت تمارسها الادارات العامة لتلك المؤسسات في المركز، خصوصا ان ادارة الحكومة المحلية ستمارس دور ثماني وزارات في آن واحد ، وعليها أن تؤسس مجالس قطاعية لوظائف كل الوزارات الثمانية من فروع مؤسساتها وفروع الجهات الساندة لها، ما يعني ان عملية التحول تحتاج الى جهود كبيرة ومضنية يقوم عليها رجال ونساء مخلصون لمحافظاتهم، لاسيما ان عملية نقل الصلاحيات حددت بثلاثة أشهر باستثناء وزارة المالية التي طلبت التاجيل لستة أشهر اخرى .. وهنا وكما متوقع ستنبري محافظات لتحقق نجاحات في عملية نقل الصلاحيات دون غيرها بفعل اندفاع وحرص أبنائها على النجاح وتحقيق النمو والازدهار لجماهير المحافظة ولمدينتهم قبل كل شيء، وقد يكون هذا الاندفاع في هذه المحافظة او تلك دافعا للادارات الاخرى في بقية المحافظات وسببا مباشرا أو غير مباشر لخلق حالة التنافس بينها ..
بيد ان الأهم من ذلك هو ما اشرنا اليه في متن هذا المقال، اذ ان الصلاحيات التي ستنقل ستعني وبالضرورة انحسار الفساد في مقرات الوزارات وفي مقرات الادارات العامة في مؤسسات حكومة المركز ، ونقلها الى المحافظات من وجهة نظر المفسدين هو في الحقيقة نقل لفرص الحصول على الهبات والهدايا والعطايا والامتيازات ومزيد من فرص الابتزاز وجني المال الحرام وما يتبعهما، ما سيعني فرصا جديدة للذين لا يخافون الله ولا يؤمنون بالوطن في تلك المحافظات ما لم توضع المحددات الاستباقية لمنع هؤلاء من القفز على القوانين والتعليمات التي ستكون في أسوأ حالاتها في ظل تشابك هذه التعليمات وتقاطعها في هذه المرحلة الانتقالية من المركز للمحافظات،خصوصا وان فروع المؤسسات في تلك المحافظات لا تزال تعمل وستبقى تعمل لفترة قد تطول بهذه التعليمات وبالقوانين المركزية الى حين اكمال التشريعات المحلية التي يتم بموجبها الاستغناء عن تلك التعليمات بناء على قانون مجالس المحافظات رقم 21 لسنة 2008 .. وربما ستلجأ الادارات المحلية في المحافظات الى الاستعانة بكروش المركز لوضع المحددات الاستباقية خشية انضاج مثيلات لها في تلك المحافظات على اعتبار أن أهل الكــروش ادرى بشعابها.