عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

لا ينهض البلد بغير الاستثمارات الخارجية بقلم: علي صابر محمد

المقالات 10 أغسطس 2015 0 178
لا ينهض البلد بغير الاستثمارات الخارجية  بقلم: علي صابر محمد
+ = -
لا ينهض البلد بغير الاستثمارات الخارجية

 

بقلم: علي صابر محمد
 مئات المليارات من الدولارات دخلت الى البلاد منذ التغيير الحاصل عام 2003 ولحد الآن من مبيعات النفط في السوق العالمية وهذا موثق في موازنات الدولة للسنوات ذاتها اذ ليس للبلاد مصادر دخل مهمة غير مبيعات النفط وذهبت جميعها الى الاستهلاك سواء على شكل رواتب للموظفين والقوات المسلحة والمتقاعدين وشبكات الحماية والرعاية الاجتماعية او نفقات تشغيلية لجهاز الدولة او الى مشاريع معظمها بائسة وأكثرها يشوبها الفساد ولم يتلمس المواطن وجود أي مشروع استثماري حيوي يسهم بتغيير وجه البلاد ويحرك عجلة الاقتصاد ، فالصناعة معطلة ومعامل الدولة ومعظم معامل القطاع الخاص يأكلها الصدأ وعمال المعامل الحكومية يتقاضون اجورهم ومن دون انتاج والزراعة متعثرة والسياحة مشوهة والضرائب المجباة من النشاط الأقتصادي المحلي والموارد المتفرقة لا تتعدى 5% من الموازنة ، فمن المعلوم ان أكثر من 60% من موازنة الدولة عبارة عن رواتب ومخصصات والرقم في تزايد مستمر طالما ان القوى المتنفذة تضخ المزيد من الموظفين الى جهاز الدولة المترهل ولأغراض الكسب السياسي وتوزيع المغانم على الفرقاء وليس لحاجة البلد ، فالعراق هو الاول في المنطقة وبأمتياز بعدد الموظفين في الجهاز الحكومي قياسا بحجم السكان وبلا انتاج يذكر ، فاذا كانت موازنة الدولة لعام 2015 تتضمن نفقات باكثر من 119 ترليون دينار وتتضمن عجزا قدره اكثر من 25 ترليون دينار مع توقف شبه تام لنفقات المشاريع الاستثمارية فكيف سيعمر البلد ؟ ومن أين سيتم الصرف على المشاريع لتطوير القطاعات الصناعية والزراعية وقطاع الخدمات ؟ فاذا أردنا الاعتماد على مواردنا الذاتية وبهذه المعطيات الهزيلة فاننا سنحتاج الى أكثر من قرن حتى يتعافى اقتصادنا ولن يتعافى .أشارت المادة 16 من قانون الموازنة لسنة 2015 الى التوسع في فتح باب الاستثمار الخاص والمشاركة مع القطاع الخاص من قبل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات بحدود اختصاصها ، ولاحظنا توجه العديد من الأجهزة الحكومية الى الرغبة باشراك القطاع الخاص كشريك في العديد من مفاصل الانتاج ولكننا لم نلمس تطورا ملحوظا في نوعية الانتاج او القدرة على منافسة السلع المستوردة لا من حيث الجودة ولا من حيث السعرلأن الفساد الذي ينخر جسد المؤسسات الحكومية يجعل العملية عبارة عن التفاف واضح على القوانين وتسخيرها لصالح الجهات المستفيدة سواء المسؤولين واصحاب القرار في الشركات الحكومية او أصحاب رؤوس الاموال من المستثمرين المحليين الذين لا هم لهم سوى خطف الربح وبأي طريقة كانت ، وهذا الانفتاح غير المدروس نحو القطاع الخاص لم يستقطب ذوي الاختصاصات في مجالات الانتاج ليكون المنتج الوطني بالمستوى الذي يليق بنوعية الصناعة وله القدرة على المنافسة او الخدمة وانما تهافت المنتفعون من المحاصصة السياسية والحزبية وليتقاسموا الغنائم والموارد طالما ان الوزارات توزع على الكتل حسب ثقلها وحجم الفائدة يجب ان يتناسب وثمن الوزارة كما أشيع في وسائل الاعلام . ان التخبط في هذا المستنقع مع بقاء الحال كما هو عليه من الاعتماد على موازنات الدولة المرهونة بالنفط وتقلبات سوقه سوف لن ينقل البلد الى بر الامان وسنبقى ننزف وندور في حلقة مفرغة ولن نمتع عيوننا بأبنية شاخصة او مرافق كبيرة ولن نحلم بان اولادنا سيرون حياة مزدهرة ، ولن تجد طوابير اليد العاملة فرصتها بالحصول على عمل لتوفر لقمة عيشها وتبني مستقبلها ، فان التفتنا الى تجارب شعوب الدول النامية كماليزيا واندونيسيا وتركيا وكوريا الجنوبية فانها كانت غنية بالممارسات الخلاقة والمعالجات الناجحة وكفيلة بتنوير طريقنا للوقوف على كيفية جذب رؤوس الاموال الخارجية لأقامة مشاريع مثمرة ومنتجة وستكون الاسلوب الصحيح في امتصاص اليد العاملة العاطلة وبعث الحياة في الاقتصاد الوطني ، فبعض هذه الدول منح للمستثمر الاجنبي حق التملك والتجنس واعفائه من الضرائب وتقديم كل التسهيلات له مع ضمانات باخراج ارباحه متى ما شاء وعدم فرض اية شروط تعجيزية على مشروعه ومنحه حرية التنقل واستيراد مستلزمات عمله وكثير من الامتيازات ، فهل ان قانون الاستثمار وفر مثل هذه الامتيازات ؟ ام اننا ما زلنا أسرى العقلية البيروقراطية التي تقود أجهزتنا الحكومية ، ان ما نسمعه من وسائل الاعلام بان مجرد دخول المستثمر الى البلاد سيتعرض الى ضغوطات متعددة بدءا من الحصول على الاقامة ومروراً بسيل المراسلات والمراجعات المكوكية لاستحصال الموافقات الاصولية وانتهاءا بالأبتزاز الذي سيواجهه من القائمين على منحه الصفة القانونية وحق العمل ، ولكي لا نذهب بعيداً فهذه تجربة كردستان العراق واضحة للعيان فلننظر كيف تمكنوا من النهوض بسرعة عندما فتحوا الباب امام رؤوس الاموال الخارجية لكي تشيد المجمعات السكنية وتنشيء المصانع وتبني الفنادق والمتاجر الكبيرة وترسم خارطة وصورة جديدة وجميلة لمدنهم وتمنح كردستان رونقاً تتباهى به امام العالملدى اطلاعنا على احد العقود التي يراد ابرامها مع مستثمر محلي في احدى دوائر الدولة وجدنا بأن العقد يمنح الجهاز الحكومي السلطة والقوة في اتخاذ القرار وليس للمستثمر حق فرض الرأي وتنفيذ برنامجه على وفق رؤية وعقلية القطاع الخاص ودوره يقتصر على تقديم الاموال والطاعة والامتثال للأوامر الصادرة من ادارات فشلت في تمشية أمور مؤسساتها فكيف لها ان تقود هذه الشراكة وتنجح بالمهمة ؟ فما زالت النظرة تجاه القطاع لدى جهاز الدولة انه العدو يجب النيل منه وعدم فسح المجال له ليستأسد على موظف الدولة المحصن قانونا ، ان انتعاش الاستثمارات في البلد بات أكثر من ضروري خاصة بعد انتهاء الحرب على داعش لكي تسهم بتشغيل جيش البطالة الذي سيولد بعد القضاء على الارهابيين وتسريح عشرات الالاف من مقاتلي الحشد الشعبي ، وهذا لن يتم الا باعادة النظر بقانون الاستثمار واطلاق العنان للرأسمال الاجنبي ليأخذ دوره في عملية البناء والاعمار وتشذيب القانون ورفع القيود والمعوقات منه وبما لا يضع الشروط القسرية على المستثمر وانما بتسهيل وتعبيد الطريق امامهم خدمة لمصلحة العراق.

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار