بقلم: سالم مشكور
هل التظاهرات علمانية ؟ وهل الاحزاب الحالية إسلامية؟ ما حقيقة ما قيل ان المظاهرات علمانية تستهدف الاسلاميين في السلطة ؟ ما معنى الاسلاميين هنا ؟ . كثيرون استغرقوا في هذا الجدل في وقت تعيش فيه هذه المصطلحات حالة من الضبابية وسوء الفهم . أحد الناشطين قال لي : لا حل لنا الا بحكومة علمانية ؟ سألته : وماذا تعني بالعلمانية؟ أجاب : حكومة تكنوقراط بعيدة عن الاحزاب الدينية !!!. سألته : وهل حكومتنا الآن دينية ؟ هل الدستور يعرف نظامنا السياسي بانه ديني كما هو الحال في ايران ؟ أجاب: لا ثم استدرك : ولكن ما الحل للخروج من وضعنا السيئ ؟. هذا هو السؤال الجوهري الذي يحتاج الى خبراء سياسيين مخلصين بعيدين عن المصالح الذاتية والحزبية . آخر متدين قال لي:إياك وتأييد التظاهرات ،فوراءها علمانيون يستهدفون الدين . سألته:ما معنى العلمانية ؟ أجاب : هي محاربة الدين !!!!. ربما لا ينطق صاحبي هذا جهلا انما قياسا على سلوك الكثير ممن يدعون العلمانية، فالعلمانية العربية عموما ، ومنها العلمانية الحقيقية تصنف في خانة العلمانية السلبية التي تأخذ موقف الضد من موضوع الدين. حتى بعض “الاسلاميين” الذين نزعوا ثوب التدين ، باتوا يجاهرون في ارتكاب ما يرفضه الدين للقول انهم علمانيون أحدهم كان يلتحف التديّن أيام المعارضة ، وبعد التغيير سأل أحد رجال الدين في مجلس عام : “مولاي كيف سنتمكن نحن الاسلاميين من التعايش مع هؤلاء العلمانيين في الحكم ؟” . دارت الايام وخسر صاحبنا منصبه فاذا به ينزع ثوب الدين ليرتدي محله ثوب العلمانية المزيفة وليبدأ بالجهر بارتكاب أمور مرفوضة دينيا وعندما يسأل عما جرى له يقول: أنا علماني. العلمانية الايجابية هي العلمانية الحقيقية ، كتلك المطبقة في الولايات المتحدة . الاديان والعقائد كلها محترمة، وقوانين الدولة تحمي حرية الفرد في ممارسة عقيدته، بل تساعده في ذلك، ومن يزدري ـ مجرد ازدراء- عقيدة ما تنتظره عقوبة صارمة . دستورنا الحالي، رغم ثغراته ونواقصه وقنابله الموقوتة، الا انه ينص على دولة مدنية ، تحترم العقائد والاديان ، ولا تشرع ما يتناقض معها مبادئها الاساسية التي هي مبادئ مدنية . بالتالي فهو دستور مدني علماني بالمعني الايجابي للمصطلح . وعندنا تكون الاحزاب الاسلامية رضيت به وصوتت له، فهذا يعني انها أقرت بالعلمانية المدنية .أي انها تخلت عن هدف إقامة النظام الاسلامي، وهذا ما ينزع عنها صفة “الاسلامية” . لا يعني هذا ان أفرادها باتوا خارج الدين ، فالالتزام الديني شأن شخصي ، أما أيديولوجيا الحزب ، فهي منهج يريد تطبيقه في حال وصوله الى السلطة. وفي حال تبني الاسلامي للمنهج المدني يكون قد تخلّى عن اقامة النظام الاسلامي ليبقى الالتزام الديني محصورا في سلوك أفراده الشخصي .
التظاهرات والمطاليب الشعبية لا علاقة لها بالايديولوجيا، وإن كانت علمانية فهي علمانية حظيت بتأييد المرجعية الدينية ، أما الاحزاب “الاسلامية” الحالية فباتت أحزابا مدنية علمانية، وفق الدستور