عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

لتزهو بغداد بالغرافيتي بقلم: جواد غلوم

المقالات 16 أغسطس 2015 0 137
لتزهو بغداد بالغرافيتي بقلم: جواد غلوم
+ = -
لتزهو بغداد بالغرافيتي

بقلم: جواد غلوم
 كم نشعر بالكدَر حين تصدمُ انظارَنا هذه الكتل الهائلة من الصبّات الكونكريتية في عاصمتنا الحبيبة بغداد والتي يسميها البعض تندّرا واستهجانا وسخريةً بالمسلات البابلية فأقول في نفسي ؛ ما الضير لو قام شبابنا فنانو الرسم الغرافيتي بتزيين تلك الجدران بالرسومات وتجميلها باللوحات الملونة طالما هي باقية مابقيت الظروف الامنية المربكة على حالها دون ايّ تحسن ملموس طالما كان بقاؤها منتصبة في الشوارع والأحياء شيئا لابدّ منه للحفاظ على ارواح الناس وممتلكاتهم ومنع الخروقات الامنية كما يدّعي المسؤولون الأمنيون في وزارتي الدفاع والداخلية، ولعل الكثير من البغداديين يتذكر رسومات الجدران التي قام بها فنانونا الطلبة في اكاديمية الفنون الجميلة خلال سنوات التسعينيات من القرن المنصرم اذ استوحوا ابداعاتهم من البيئة التراثية العراقية حين قاموا بتجميل جدران الاكاديمية وكانت رسوماتهم ملفتة للنظر حقا وتدهش المارة والعابرين لجماليتها وحسن صنعتها لكونها كانت تحاكي الموروث العراقي في رسومات الابواب وتصاميم الدور العريقة وإرثها الزاخر بالجمال والزينة، فالرسم الغرافيتي فن قريب جدا من هموم الانسان ، يعيش معه في الشارع ويعبّر عن تطلعاته ويستلهم رؤاه من اوضاع المجتمع وما يلاقيه الانسان من ظواهر غير سليمة فيرصدها الفنان ويُظهرها للعيان دون ان تقبع رسوماته في صالة عرض او غاليري مغلق الاّ على النخبة من المثقفين والفنانين ؛ فكل واجهةٍ امامه هي مبتغاه ليقول ويعبّر عما يريد وكل حائط يبرز هي لوحته وصديق فرشاته وألوانه وطالما كان هذا الفن احد وسائل الاحتجاج ، ليس في الوطن العربي فحسب بل في العالم كله وقد برز عندنا اكثر خاصةً بعد عصفت رياح الربيع العربي، اذ ظهرت مجموعة من الشباب الهواة تعبر عما يجول في خواطرهم رسوما على الواجهات البارزة مستلهمين افكارهم من الازمات السياسية والاجتماعية والاخلاقية التي تزخر بها شعوبنا ؛ لكن المؤسف ان بعض صغار الفنانين غير مكتملي النموّ الفني أخذوا يرسمون خربشات على الجدران تجاورها ألفاظ نابية وعملوا على تشويه معالم المدن مثلما حدث في مصر وخاصة في القاهرة والاسكندرية بعد اندلاع ثورة 25/ يناير مما ازعج المسؤولين من الكادر البلدي مع ماترافق من احتجاجات وتجمعات جماهيرية مما اضطرت السلطات المصرية الى الشروع بإصدار قوانين لتجريم كل من يمارس الرسم الغرافيتي وحبسه أربع سنوات بذرائع الاساءة الى العمران وتخريب معالم المدن مما يحرم الشباب المصري من التعبير عن همومهم وحاجاتهم . لكننا رأينا العكس في بيروت حيث انتشرت الرسومات الغرافيتية بتنسيق رائع، وغطت على الأسطح الكالحة الصماء والجدران التي تتطلب إضافة لمسات فنية وألبستها حللا من الجمال مزينة بألوان ساحرة حتى ليشعر السائح والجائل بأنه وسط متحف من اللوحات الجدارية التي تُشعر الانسان بالهناء والراحة لأنها رسمت بعناية ولامست ارواح فناني الغرافيت المتمرسين وكلها مستوحاة من البيئة وتحاكي الإرث اللبناني المتعدد الالوان وبالاخصّ الفينيقي. فلنجعل من بغداد حاضنة للفن الغرافيتي أسوة لما موجود في بيروت ومدن مصر الكبيرة طالما بقيت الأعمدة والجدران الكونكريتية الكريهة تصدم أنظارنا وتحجب أحياءنا عن بعضها البعض وتضيق بشوارعنا مما يبعث الاختناق في صدورنا ويا حبذا لو شمّرت أمانة بغداد عن سواعدها وعملت بالتنسيق مع بعض الفنانين الضليعين بالفن الغرافيتي على اكساء العوارض الكونكريتية الصمّاء برسومات زيتية وألوان تبعث البهجة والسعادة للناظرين وتضفي شيئا من الجمالية والراحة النفسية، لنبعد ولو قليلا عن اجواء الكدَر والحزن اذا كان من غير الممكن ازالتها للضرورات الامنية، فلا مانع من استغلالها والعمل على تزيينها بدلا من أن تقف كالأصنام الكريهة وسط عاصمتنا التي كانت يوما ما قبلة الجمال ومقصد الباحثين عن الرقيّ الحضاري .
شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار