لم تكن باريس أمينة ليلة الجمعة 13 تشرين الثاني2015،لعل هذا التاريخ سيظل يتردد في ذاكرة فرنسا الشعبية والسياسية،خاصة وإن أحداث هذه الليلة قاسية على شعب مترف كان يمني النفس بإجازة نهاية الأسبوع فإذا به يحجز في البيت وتعلن باريس حالة الطوارئ.
باريس هي الآخرى تدخل دوامة الإرهاب بقوة عبر أكثر من129 قتيلا حتى الآن،ناهيك عن تدهور الأمن وهي التي يضرب بها المثل في لياليها التي لا تنتهي إلا في الصباح، باريس كما هي أوروبا تدفع ثمن التراخي السياسي العالمي إزاء الإرهاب الذي لا ردع له طالما إنه يجري في الشرق الأوسط،وباتت أوروبا اليوم تشهد هزات إرهابية ارتدادية قاسية عليها أكثر من قساوتها على شعوبنا التي اعتادت التفجيرات والدماء في الشوارع.
لكن باريس هل تتحمل كما تحملت بغداد؟ الجواب لا يمكن لنا أن نضعه الآن،بل نبحث عن أسباب الجريمة التي حصلت مساء الجمعة في عاصمة العالم الأنيقة،بكل تأكيد فرنسا تدفع ثمن مواقف سياسية كثيرة فهي ليست ضد الإرهاب وهي ايضا ليست معه،والرئيس الفرنسي كان أول الداعمين لتسليح (المعارضة السورية) رغم يقينه إن الأسلحة ستصل لمجاميع إرهابية في سوريا والعراق ولكنه في سره يقول(لا بأس طالما إنها بعيدة عنا)فرنسا كما غيرها من العواصم كانت وما زالت تدير الإرهاب في منطقتنا وتحاول تحقيق مكاسب هنا وهناك عبر صفقات أسلحة مع هذه الدولة أو تلك ولا يهم أين تذهب هذه الأسلحة ومن تقتل؟ربما تكون الأسلحة والمتفجرات التي هزت باريس ليلة مباراتها الودية مع ألمانيا صناعة فرنسية ،ربما كانت متجهة (للمعارضة السورية) وربما ظلت طريقها في شوارع باريس، وهذا يجعلنا نقول بصراحة إن فرنسا والدول الكبرى هي من صنعت الإرهاب وجعلته يشكل كابوسا على دولنا وهي اليوم تجد نفسها هدفا له، فتنظيم»داعش»وهو الوريث الأول والأخير لتنظيم القاعدة التي كانت وما زالت مدعومة من دول إقليمية كانت تمارس (لاعب ثانوي) في الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن في القرن الماضي،اليوم (الكومبارس) تحول إلى (لاعب رئيسي) يحاول أن يجند (الإرهاب) بأي طريقة كانت من أجل تنفيذ ما يريده.
ومشكلة أوروبا والعالم الآن إن التنظيمات الإرهابية التي كانت بمثابة (جيوش بالنيابة) تقاتل وفق ما تريده الدول الكبرى،أصبحت اليوم خارج سيطرة هذه الدول وتقوم بعمليات (لحسابها الخاص) أو ربما لحساب (مخابرات دول صغيرة) والسبب يقع على الدول الكبرى ومنها باريس التي تنظر للإرهاب في منطقتنا على انه (ثورة شعبية) وتمده بالعون المادي والمعنوي وتتحدث نيابة عنه في اللقاءات والاجتماعات سواء في جنيف أو فيينا كما يحدث في الشأن السوري الآن.
قد تكون هزات ملعب فرنسا الوطني الذي كان مسرحا لأحدى التفجيرات علها تكون لحظة تفكير جدي بإنهاء ملف الإرهاب في كل العالم.