لا أدري كيف يمكن لقادة قمة العشرين أن يخصصوا اجتماع أنطاليا لبحث الارهاب ، دون أن يكون للعراق حضور في هذا الاجتماع ، خصوصا ان أغلب أعضاء المجموعة مشاركون في التحالف الدولي الذي تجوب طائراته سماء العراق لمحاربة داعش ، في قعقعة قليلة العجين.
في مصر غطت اهرامات الجيزة لوحات ضوئية تحمل عبارات التضامن مع لبنان وفرنسا وروسيا كضحايا لاجرام داعش ، دون أن يتذكروا ان هناك عشرات الآلاف من الضحايا على يد داعش في العراق .
كثير ممن علقوا على تفجيرات باريس من الفرنسيين قالوا : الآن بدأنا نشعر بمعاناة السوريين . لم يأت أحد على ذكر العراقيين وما يعانونه من الارهاب منذ اثني عشر
عاما.
أغلب المتحدثين في الاعلام الاوروبي والاميركي ، يرون ضرورة القضاء على داعش في سوريا ، وكأن العراق لا يرزح ثلث أراضيه تحت احتلال داعش صاحب القوة المثيرة للشكوك والتساؤلات المستندة الى شواهد.
صحيح أن ما يجري يتعدى حدود العراق وحجمه ليصل الى الساحة الاوروبية فضلا عن منطقة الشرق الاوسط. لكن ما يجري في العراق يشكل جزءاً مما يراه البعض مشروعا لاعادة ترسيم المنطقة إضافة الى خلق واقع جديد في الساحة الاوروبية ، وبالتالي يفترض أن يكون مؤثرا في شكل المنطقة الجديد ، على الاقل لتقليل حجم الضرر الذي يلحق به ، كما هي باقي دول المنطقة ،أي أن يكون متأثرا ومؤثرا ، ولو اختل توازن طرفي هذه المعادلة .
أما أن يتعرض لتجاهل الى هذا الحد وهو الذي يتحمل نصف عبء وتبعات الصياغة الجديدة للمنطقة ، فهذا يحرك أكثر من سؤال حول كيفية نظر العشرين المؤثرين في العالم الى هذا البلد وما اذا كانوا يحملون أدنى قدر من الاحترام لوجوده بعدما باتوا يتعاملون معه كأجزاء متقطعة وليس بلدا واحدا(رسميا على الاقل).وإذا كان هذا يعني الدول الغربية ، فان الدول الاقليمية ما زالت -في غالبيتها- تتعامل مع العراق من منطلقات طائفية بحتة في اطار عملية صراع النفوذ مع ايران مما يجدوه مبررا ، ليس لعدم التعاطف مع ضحاياه من الارهاب ، بل ودعم هذا الارهاب بشكل أو
بآخر.
أما العشرون “الكبار” فكان كل منهم يعزف على وتره الخاص. جمعهم الحديث عن مكافحة الارهاب لكنهم يتباينون في الثمن الذي يريده كل منهم للقيام بذلك .
الغريب ان من بين المشاركين من هم متهمون بدعم الارهاب الداعشي مباشرة ، الرئيس الروسي كان الاشجع عندما أعلن ان أربعين دولة تدعم الارهاب بعضها مشارك في مجموعة العشرين، الرئيس التركي لا يرى أمامه الاّ الرئيس السوري عدواً وليس داعش ، فيما الفرنسي المفجوع بتفجيرات باريس أعاد صياغة أولوياته في سوريا فتقدمت محاربة داعش على ازاحة الاسد، وتحرك لتضميد جراح الفرنسيين ،بضربات لاهداف حصل عليها من الحليف الاميركي ليتبين انها مقرات مهجورة .أما الرئيس الاميركي باراك أوباما فما زال يرى أن المطلوب هو “احتواء” داعش وليس القضاء عليها وان هذا الامر يتطلب ستراتيجية طويلة الامد تعتمد على خلق قوى محلية تحرر
مناطقها .
هل برأيكم ستتحرر الموصل والرمادي؟.