نعم.. هناك من يعد العدة لاغتيال المستقبل العراقي والسوري – على حد سواء – بدليل نشر الخارطة الصهيونية والمدعومة من الكونغرس الاميركي – كما تناقلت ذلك وكالات الانباء العالمية – والتي ترسم حدود العراق وسوريا ضمن خارطة جديدة تتوزع بين (الشيعة والسنة والكرد والعلويين) وهو ما كان مشروع بايدن قد طرحه مراراً، واستجاب له عدد من سياسيي هذا الزمن العراقي المشؤوم، حفاظاً على مصالحهم ومناصبهم.. وتحت غطاء يبدو زاهياً للناظر فيما يكمن السم القاتل في داخله، ويقوم هذا الفهم على انه لا حل للمشكلات والازمات والحروب الداخلية في كل من العراق وسوريا الا من خلال تقسيمهما الى طوائف وأعراق.
هذا هو المؤشر الاول للمستقبل المنظور الذي نواجهه اليوم، والذي نتبين من خلاله اضمحلال خارطة حدود كل من العراق وسوريا!!.
ومن جهة اخرى تستعد السياسة العراقية في معالجتها للأزمة المالية لاعتماد القروض الدولية.. ومثل هذا الاتجاه يرهن مستقبل العراق لسنوات طويلة، بحيث يظل مديناً للدول الاخرى التي تفرض فوائد مالية قاسية مثلما تفرض شروطاً من شأنها التدخل في السياسة الداخلية للبلاد وهو المشروع السابق نفسه الذي دعت اليه الحكومة السابقة والمتعلق بالقروض المالية لبناء البنى التحتية.
هذان المؤشران لمستقبلنا، لم تتم مناقشتهما من قبل السياسيين المستقلين ولا من قبل الاحزاب والكيانات والتيارات السياسية المختلفة.. وكأن مستقبل العراق والشقيقة سوريا لا يعنيهما، وكل ما يخصهم يتعلق بالماضي والانتقام له والاستفادة من مظلوميته في الحاضر.. فيما يتجه هذا الحاضر المتردي الى تدمير البلاد والعباد.
ومع ان العراق قد اعلن عن ميزانية عام 2016 التي تواجه عجزاً مالياً يقدر بـ 23 مليار دولار، الا انه لا يزال يعالج الشأن المالي والاقتصادي بشكل عام، بقليل من الخبرة والدراية بتفاصيل المصدر الاساس للاقتصاد العراقي (النفط) وكيفية تصديره وانفاق مردوده المالي، فضلاً عن غياب الرقابة الدقيقة على استخراجه وتصديره!!.
وفي هذا الوقت العصيب الذي يواجه فيه العراق مشاكل عديدة في مقدمتها وجود تنظيم (داعش) الذي يحتل أجزاء من اراضي العراق، وتشرد اكثر من اربعة ملايين ما بين نازح ومهجر، الى جانب الانقسامات الحادة بين القوى السياسية والسلطات (التشريعية والتنفيدية والقضائية) وانتشار ظواهر عديدة تتعلق بغياب الخدمات الاساسية (الماء والكهرباء والنظافة) وانتشار الامية والبطالة وتدني المستوى الصحي والمعيشي للعراقيين وهو ما يطالب به المتظاهرون في بغداد والمحافظات
ان ثقل السلبيات المحيطة بالعراق، هي التي تعده طعماً سائغاً للعناصر الاستعمارية والتخريبية لكي تتولى اغتيال مستقبله عن طريق التقسيم وتحويله الى مجرد كيانات صغيرة يسهل السيطرة عليها وتحويلها الى (دويلات هامشية) لا شأن لها بالحياة الآمنة والمستقلة والمرفهة.. ذلك ان مصادر النفط ستكون جاهزة مستقبلاً لابتزاز البلدان الخارجية التي سيكون بوسعها ان تنهب هذه الثروة، وتكبيل العراق بديون مالية، يصعب عليه تسديدها.. وبالتالي سيصبح بالنتيجة مجرد دولة خاوية يمزقها الفقر والبطالة والمرض والامية والحاجة الماسة الى الطعام.. ذلك ان المستقبل المنظور لعراق الرافدين لا يلوح بالخير.. وما لم يلتفت السياسيون العراقيون القائمون على ادارة البلاد والعملية السياسية ووضع حلول عاجلة للتفاهم والانسجام وبناء عراق جديد خالٍ من الفساد الاداري والمالي، فإن النهاية المشؤومة ستكون هي النتيجة المنظورة!.