
في ظل النهضة التي يشهدها القطاع الزراعي في جميع محافظات البلاد والتي سارت بخطى واسعة نحو التكامل مع بقية القطاعات المنتجة لدعم الناتج الوطني العراقي خلال الاعوام التي اعقبت العام 2003، حرصت وزارة الزراعة وفق هذا المسار التصاعدي على تذليل جميع الصعوبات التي قد يواجهها الفلاح في حصوله على المستلزمات والقروض الزراعية.
ونجحت الوزارة في جهودها الحثيثة لمكافحة التصحر ووقف زحف الكثبان الرملية على مراكز المدن، فضلا عن اعدادها لبرامج طموحة للنهوض بواقع المرأة الريفية، اضافة الى نجاح مساعيها لتوسيع تجربة الزراعة المحمية من اجل توفير انواع الخضروات في غير موسمها وهو ما أدى الى الوصول الى الاكتفاء منها بنسبة 90 بالمئة ضمن محافظات عدة، وكذلك تبني خطط علمية لحصاد مياه الامطار بهدف الافادة منها لتنمية القطاع.
مكافحة التصحر
الوكيل الفني في وزارة الزراعة الدكتور مهدي القيسي اوضح في لقاء خاص اجرته معه «الصباح»: ان وزارته تسعى الى معالجة التصحر الذي أصيبت به مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية، من خلال اقامة غطاء نباتي دائم في المناطق الصحراوية.
واردف ان الوزارة اقترحت على امانة بغداد احالة مشروع الحزام الاخضر للعاصمة المركون لديها منذ اعوام الى الاستثمار ليقوم المستثمر بحل مشكلة استملاك الاراضي التي يمر فيها بعد تعويض اصحابها والافادة من المشروع، لما له من مردود مادي يسهم في خلق بيئة صحية، فضلاً عن اسهامه بالحد من زحف الكثبان الرملية نحو مركز بغداد التي ابتليت ومنذ اعوام عدة بالعواصف الترابية التي كانت الاحزمة الخضراء التي تحيط بالمدن سابقا تمنعها او تقلل اثارها بشكل كبير.
وكانت الوزارة قد استحدثت الهيئة العامة لمكافحة التصحر العام 2004 التي شرعت بعملها العام 2005، بهدف وقف زحف التصحر الى الاراضي الزراعية ونحو مراكز المدن، بعد ان تضررت منه مساحات شاسعة ضمن محافظات عدة في البلاد، لاسيما مع ازالة الاحزمة الخضراء خلال تسعينيات القرن الماضي لأغراض التدفئة وصناعة الفحم والاثاث غير المتقن.
تغطية الكثبان الرملية
القيسي اشار الى ان ملاكات الوزارة المختصة، نجحت خلال الاعوام الماضية بمعالجة التصحر من خلال تغطية الكثبان الرملية بطبقة من التربة الطينية باستعمال (البلدوزرات) وعن طريق ازاحة التربة من حول تلك الكثبان وبما يعمل على تكوين طبقة متماسكة عند سقوط الامطار وتعمل على ايقاف حركة الرمال بشكل كبير، كاشفا عن أنه تجري حاليا معالجة ما يقرب من 500 ألف دونم من الكثبان الرملية ضمن محافظات ذي قار والديوانية وواسط، والتي أعادت بمقتضاها 200 ألف دونم منها الى الرقعة الزراعية من جديد خلال الفترة الماضية.
واردف ان الاجراءات تضمنت ايضا قيام الفرق الهندسية للوزارة بعد تشكيل الهيئة بزراعة اشجار تتحمل البيئة القاسية في الصحراء الغربية ومحافظات المثنى وذي قار وصلاح الدين اسوة بالنخيل والفستق الحلبي والزيتون بعد تغطية الكثبان الرملية المتحركة وجعلها واحات خضراء يستفاد منها
ارتفاع المردود المائي
وفي ما يتعلق بالافادة من كميات المياه التي هطلت مؤخرا كامطار او كثلوج ضمن مناطق عدة في البلاد او حتى كسيول قادمة من جمهورية ايران الاسلامية، في تنمية القطاع الزراعي، اوضح القيسي ان وزارته نسقت مع وزارة الموارد المائية بهذا الصدد لاقامة مشروع حصاد المياه لحجز كميات المياه المتولدة من السيول ومياه الامطار ضمن خزانات وسدود، والتي اوضح ان تسرب ونظوب المياه منها يكون بشكل بطيء جدا ما يعمل على خزنها لمدة طويلة وبالتالي امكانية الاستفادة منها خلالها.
ونوه الوكيل الفني للوزارة بان اهم انعكاسات زيادة المردود المائي على القطاع الزراعي، تجلى واضحا في محافظة ميسان التي شهدت زراعة 50 الف دونم من محصول الحنطة بعد اطلاق البرنامج الوطني لتنمية زراعة الحنطة وبرنامج أكثار بذور الرتب العليا العريضة منها والرفيعة الذي بدأ فعليا خلال الموسم الزراعي الحالي حيث ادخل انواعاً متعددة لمحصول الحنطة مقاومة للجفاف والامراض. وزارة الموارد المائية كانت قد افصحت قبل مدة، عن ان معدل الامطار الهاطلة حاليا جاء بموعده تماما لتعويض كميات المياه التي استنفدت خلال الاعوام الماضية من خزينها الستراتيجي الحي في خزانات السدود والبحيرات المنتشرة في البلاد.
البيوت البلاستيكية
وذكر القيسي ان وزارته اعدت خطة منذ العام 2003 لتقليل عملية استيراد الخضراوات التي تستنفذ العملات الصعبة للبلاد، من خلال الاتجاه الى توسيع تجربة البيوت البلاستيكية لزراعة اصناف متعددة من الخضر في اغلب المحافظات لم تكن في مواسمها الحصادية، مؤكدا ان وزارته حققت نتائج ناجحة في تغيير اسلوب تفكير الفلاحين نحو تبني الزراعة المحمية لما تسهم به من زيادة العوائد المتحققة بأقل الاسعار ومن خلال الدعم المقدم لهم من توفير (النايلون) بسعر مدعوم، علاوة على البذور عالية الانتاجية لجميع انواع الخضراوات ومن افضل المناشئ وبسعر مدعوم أيضا.
الاكتفاء الذاتي
القيسي اوضح ان خطط الوزارة بهذا الشأن تتضمن ايضا اقامة (الحقول الارشادية) و(أيام الحقل) التي تقيمها الملاكات المختصة في الوزارة بشكل دوري مستندة الى احدث التجارب والدراسات العلمية المطبقة في العالم والتي بانت نتائجها بشكل لافت في المحافظات الجنوبية من خلال قدرتها على سد حاجة السوق المحلية من الخضراوات بنسبة قاربت الـ 90 بالمئة عقب قرار الوزارة بمنع استيرادها والذي جاء لحماية المنتج المحلي في وقت الذروة. وكان قرار منع استيراد الخضراوات، قد لاقى استحسانا كبيرا من الخبراء الزراعيين والاقتصاديين والمزارعين على حد سواء، عادين أياه «خطوة مهمة» على طريق تقويم اداء القطاع الزراعي تزامنا مع خطط حكومية جاري تطبيقها منذ العام 2003 من خلال وزارة الزراعة ومديرياتها في المحافظات، لاسيما أنه جاء لينتشل القطاع، خاصة مزارعي الخضراوات بأنواعها، من واقعهم الذي تردى بشكل كبير خلال السنوات التي سبقت 2003 التي حولت العراق الى مستورد بنسبة 100 بالمئة لجميع أنواع الخضراوات والفواكه من دون استثناء.
المبادرة الزراعية
واشار الوكيل الفني للوزارة الى ان موازنة العام الماضي لم يتم اقرارها ما اثر سلبا في المبالغ المخصصة لصناديق اقراض المبادرة الزراعية وبالتالي تأثرت بموازنة العام الحالي بعد التقشف الذي شهدته البلاد في اغلب مؤسسات الدولة، مبينا ان وزارته ستعمل على دمج المبادرة للعام المقبل 2016 مع المشاريع الزراعية الاستثمارية بسبب قلة التخصيصات المالية التي انخفضت الى80 مليار دينار فقط وبالتالي انعكس سلبا بانخفاض عدد المستفيدين من الفلاحين من المبادرة. يذكر ان صناديق المبادرة الزراعية التي انشئت في شهر آب من العام 2008، نجحت خلال الاعوام التي تلت ذلك باقراض ما يزيد عن الـ 100 ألف فلاح بمبالغ تجاوزت 2,5 ترليون دينار ضمن 21 نشاطا زراعيا مختلفا، وهو ما اسهم في رفع مساهمة القطاع بالناتج الوطني للبلاد الى مستويات مشجعة.
المرأة الريفية
وافصح القيسي عن اعداد وزارة الزراعة خطة للنهوض بواقع المرأة الريفية، والتي تتضمن اقامة دورات تدريبية على حلب الابقار والجاموس ضمن المحالب الميكانيكية وآلية الاستفادة من الحليب الذي تقوم بحلبه بصنع انواع متعددة من مشتقات الحليب، لاسيما بعد تخصيص باحثات ومهندسات زراعيات واللاتي تولين مسؤولية ذلك لكسر الحاجز بالعادات والتقاليد الاجتماعية التي قد تمنع المرأة الريفية من ذلك لتخصيص مهندسين او باحثين من الجنس الاخر. واكد القيسي ان المرأة الريفية تمكنت من تجاوز جميع العقبات التي تعترض تعلمها للمهن والحرف اليديوية من خلال الدورات التي اقامتها الوزارة في المشاريع الصغيرة في الثروة الحيوانية و النباتية، مشيرا الى قيام وزارته بتوفير مشاريع لها باسعار تشجيعية مدعومة، ما مكنها من الحصول على مشاريع صغيرة خاصة بها لحلب الابقار او الاستفادة من المنتجات النباتية وتحويلها الى صناعات بسيطة ، فضلا عن اقامة مزارع صغيرة لزراعة نبات الفطر في مختلف القرى والارياف في البلاد.