
الإنتاج مصطلح يستخدم في العديد من المجالات، إلا أنه في علم الاقتصاد تدل على تحقيق المنفعة أو الإضافة الجديدة على ما هو موجود، وهناك من يربط الإنتاج بالربح، فيرى انه تفاعل بين عناصر الإنتاج ينجم عنه ربح مادي، وفي هذا السياق توجد العديد من المؤشرات الاقتصادية المرتبطة بالإنتاج على المستوى الكلي كالناتج المحلي الاجمالي ، على سبيل المثال لا الحصر، والذي يدلل على حجم السلع والخدمات المنتجة في بلد معين خلال مدة زمنية عادة ما تكون سنة، وهنالك مصطلح آخر هو الإنتاجية الذي يعني تحقيق أكبر نسبة من المخرجات من حجم محدد من المدخلات، وعليه فإن الإنتاجية تعد مؤشرا على قدرة عناصر الإنتاج على تحقيق مستوى معين من المخرجات.
إذا ما عدنا إلى التعريفات الخاصة بالإنتاج والإنتاجية نجد أنهما يرتبطان بعلاقة تتمثل بعناصر الإنتاج التي يحددها الاقتصاديون بالأرض والعمل ورأس المال والإدارة التي تتفاعل فيما بينها لخلق الإنتاج، ومن ثم يزداد الإنتاج كلما زادت عناصر الانتاج (الى حد معين) أي من دون الاعتماد على زيادة الإنتاجية بالضرورة، ولكن في المقابل لا يمكن أن تزداد الإنتاجية من دون أن يزداد الإنتاج، وللتوضيح فإن الدول النفطية يمكن أن تكون خير مثال على ذلك، في حال اكتشافها بئرا جديدة فإن الإنتاج (النفطي) يزداد فيها، إلا أنه لم يكن نتيجة لزيادة الإنتاجية (تغير في دورة العناصر الإنتاجية) وبالتالي سيزداد الناتج المحلي الإجمالي، وهذا الأمر ينسحب على جميع الدول الريعية.
تكاليف العطلة
ما دعاني للكتابة في هذا الموضوع هو سؤال طرحه عليّ أحد الأصدقاء عن تكاليف العطلة التي تعلنها الحكومة كما يحصل أيام الأمطار والتي شهدت البلاد إحداها قبل مدة وكيف ستؤثر في الاقتصاد العراقي؟
وللإجابة أقول إنه سؤال مهم وقد أخذ الكثير من الاهتمام في الدول الصناعية نظرا لأهمية الإنتاجية في هذه البلدان وذلك في إطار سعيها الدائم لاستدامة النمو الاقتصادي فضلا عن استدامة التنافسية الاقتصادية على الصعيد الدولي، وقد أعدت العديد من الدراسات في إطار قياس الإنتاجية وتطويرها من خلال إدراك المصادر الأساسية لنمو الإنتاجية والتي من أبرزها زيادة التراكم الرأسمالي وإعادة تخصيص الموارد وتحسين مهارات العمل والتعليم وتحسين المناخ
الاستثماري.
إن التكاليف التي تتركها العطلة في أي بلد عادة ما تقاس من خلال تقسيم الناتج المحلي الإجمالي في ذلك البلد على عدد أيام السنة للحصول على حجم أو قيمة الناتج لليوم الواحد والذي يعطي صورة مبسطة عن تكاليف العطلة، ولكن هذا الكلام يصدق الى حد كبير على الدول غير الريعية لأن العطلة تعني توقف جميع «أو معظم» خطوط الإنتاج فيها، أما في الدول الريعية فنجد أن الإنتاج يرتبط بالقطاع الريعي بشكل رئيس، وبالتالي فإن نسبة ما تشكله القطاعات الإنتاجية الأخرى تكون ضعيفة الى حد كبير، ومن ثم لا يؤثر تعطيلها بشكل واضح في حجم الإنتاج فيها، إذ إن القطاع الريعي يستمر بالعمل، حيث إنه غالبا ما يرتبط أو يتأثر بعوامل خارجية تحدد مسارات العمل والتوقف فيه والتي عادة ما تكون خارج نطاق قدرة البلد المعني.
حجم القطاع الخاص
بالإضافة الى ذلك كلما تزايد حجم القطاع الخاص في القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد كلما قل تأثير العطل في حجم
الناتج المحلي الإجمالي، إذ إن القطاع الخاص يستمر بالعمل حتى في أيام العطل، لاسيما إذا لم يكن لعمله ارتباط مباشر بالقطاع الحكومي، وعلى أساس ذلك وكما هو معروف فإن الناتج المحلي الإجمالي في العراق يعتمد على القطاع النفطي بشكل رئيس وعلى قطاع الخدمات بالدرجة الثانية، والأخير يقوده جزءاً منه القطاع الخاص، الأمر الذي
يفيد بأن التكاليف التي تتركها العطلة في العراق تكون ضعيفة الى حد كبير، ومع ذلك هذا لا يعد مدعاة الى عدم تقليل
العطل، إذ من المهم تقليلها الى أقل حد ممكن، ولكن الأهم من ذلك هو زيادة الإنتاجية التي انخفضت بشكل كبير لاسيما مع الزيادة الكبيرة في عدد العاملين في القطاع العام وتفشي ظاهرة البطالة المقنعة.