
يهتم أغلب المختصين بالشأن النفطي هذه الأيام بقراءة متأنية و شاملة لمختلف التحليلات لواقع سوق النفط وتداعيات هبوط أسعاره.
مع تداول الافكار بشأن تلافي هذه التحديات بالنسبة للدول الريعية النفطية وحجم التهديد الذي يضغط على اقتصاداتها، تجمع أغلب التوقعات على استمرار تدني أسعار النفط الخام على المدى المنظور.
فقد أصدرت مؤسسة غولدمان ساكس توقعات بأن سعر النفط سوف يشهد مزيداً من الانخفاض خلال الفترة المقبلة، حيث أشارت إلى أنها تتوقع أن لا يحقق النفط أي استقرار قبل الوصول إلى مستوى الـ 20 دولاراً للبرميل الواحد، واستندت «ساكس» بشأن هذه التوقعات بعد أن أعلنت منظّمة أوبك مؤخراً بأنها ستبقي سقف الإنتاج على ما هو عليه حول مستوى 30 مليون برميل يومياً.
بينما يختلف بون بيكينز المدير التنفيذي لشركة BP» كابيتال» مع «ساكس» حيث يتوقع وصول السعر إلى 70 دولاراً خلال الأشهر المقبلة.
وأكدت ساكس بأن سعر النفط سوف يكتفي في مستويات حول الـ 20 دولاراً، حيث أن انخفاض أسعار النفط لمستويات ما دون ذلك سوف يحمل شركات التنقيب في العالم خسائر فادحة لا تستطيع احتمالها، حيث أنها سوف تبدأ في مواجهة الخسائر أيضاً حتى دون احتساب تكاليف النقل والتوزيع.
كذلك تتوقع غولدمان ساكس بأن منظمة أوبك ستزيد ضخها للخام ليصل إلى 32 مليون برميل يومياً، وهذا فوق الحد المتفق عليه، لكن ضمن توقعات أن تعود إيران للإنتاج من جديد إلى حصتها بعد انتهاء العقوبات الأميركية على إيران خلال الأشهر القليلة المقبلة.
كذلك، الارتفاع الكبير في المخزون النفطي للكثير من دول العالم وفي الولايات المتحدة سوف يكون دافعاً مؤثراً لزيادة الضغط على سعر النفط.
ويرى خبير بالموارد الطبيعية ان التقارير الصادرة عن المؤسسات التي تتعامل بشكل مباشر أو غير مباشر في سوق النفط ومنها «أوبك» و وكالة الطاقة الدولية (IEA ) قد رجحت زيادة العرض للنفط.
وقد أورد فؤاد قاسم الأمير في دراسة له نشرت في شهر تشرين الثاني الفائت, مثلاً ماجاء في تقرير وكالة الطاقة الدولية «إن موازنتنا الأخيرة ترينا أن هناك عرضاً زائداً (تخمة) للنفط موجود في الأسواق العالمية, وبكمية عالية جداً تبلغ ثلاثة ملايين برميل
يومياً».وأضاف الأمير: حسب تقديراتنا فإن حسابات (IEA ) هذه بشأن «التخمة» الحالية، على الرغم من أنها عالية جداً، ولكنها تفاؤلية، وفي الواقع قد تكون غير دقيقة لنقص المعلومات ولافتراضات «غير واقعية» وللأسباب أدناه:
لقد احتسب تقرير IEA الفائض (التخمة) في الأسواق العالمية بمقدار (3) ملايين برميل يومياً في آب 2015 اعتماداً على معدلات ضخ أوبك للأشهر الثلاثة الأخيرة السابقة لكتابة التقرير، أي لمعدلات أيار وحزيران وتموز 2015. كما افترض أن يستمر معدل ضخ أوبك على هذا النحو (أي 31,7 مليون برميل يومياً) حتى نهاية 2016. ولكن «الوضع الحقيقي» هو غير ذلك.
ويبين الأمير وجهة نظره قائلاً: حسب توقعنا فإن ضخ حكومة إقليم كردستان العراق لم يؤخذ بالحسبان في تقديرات IEA.
وإن المعلومات التي يرسلها ويعلنها العراق بشأن تصديره سواء إلى أوبك أو إلى المنظمات العالمية، هو ما يصدر من شركة تسويق النفط العراقية «سومو» وهي الجهة الاتحادية المسؤولة عن التصدير، وهذه الأرقام لا تشمل ما يصدره الإقليم خارج المسلم منه إلى الحكومة الاتحادية (سومو).
إضافة إلى ذلك، فإن تصدير الحكومة الاتحادية من الجنوب في زيادة مستمرة في كل شهر.
ويضيف الأمير: إن هذه الزيادة من تصدير الحقول الجنوبية والوسطى ستستمر بالازدياد في سنة 2016 وما بعدها إلى سنة 2020, كذلك إن ما أخذ بالحسبان بالنسبة لنفط الشمال (سواء نفط حقول كركوك أو حقول الإقليم)، هو النفط المسلم فقط من قبل الإقليم إلى الحكومة الاتحادية، والبالغ (415) ألف برميل يومياً في شهر أيار، و(165) ألف برميل يومياً في حزيران، بينما صادرات الإقليم «الرسمية»، أي ما يسمى بالنفط المستقل قد تجاوزت هذه الأرقام كثيراً ووصلت إلى أكثر من (550) ألف برميل يومياً في حزيران وتموز 2015، كما وصلت إلى (650) ألف برميل يومياً في آب وأيلول، بالإضافة إلى ذلك هنالك ما يقرب من (50) ألف برميل أخرى يومياً، تسمى «البيع الداخلي» تهرب معظمها إلى الخارج ولا تدخل ضمن توقعات IEA، إذ إن ما تصدره حكومة الإقليم غير معلن وغير شفاف، ولا تجده في الإحصائيات العالمية عن العرض والطلب.