
شكلت مشاركة رئيس الوزراء، حيدر العبادي، في منتدى «دافوس» الاقتصادي بسويسرا، نقلة مهمة، باتجاه تحشيد مزيد من الدعم الدولي للعراق في مجالات الامن والاقتصاد، لاسيما عقب استعراضه حجم الانتصارات المتحققة على «داعش» وما تشكله تلك المواجهة من اعباء مالية يتحملها البلد في ظل تراجع اسعار البترول عالميا.
وبينما توقع العبادي اندحار عصابات «داعش» وتحرير مدينة الموصل هذا العام، اكد ان التراجع الكبير بأسعار النفط يجعل من مهمة محاربة تلك العصابات أصعب، عازياً السبب الى التكاليف المرتفعة التي تدفعها الدولة في سبيل التجهيز والتسليح وتمويل العمليات.
وكان العبادي، قد وصل امس السبت الى بغداد بعد مشاركته في الدورة الـ46 لفعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة دافوس، ولقائه وزيري الخارجية والدفاع الاميركيين، ونائب رئيس الولايات المتحدة، والامين العام لحلف الشمال الأطلسي «الناتو» ورئيس البنك الدولي، فضلا عن عدد اخر من المسؤولين والخبراء الاقتصاديين.
دور كويتي
وقبيل اختتام حضوره في المنتدى العالمي، شارك رئيس الوزراء، في ندوة حوارية بشأن مستقبل الشرق الاوسط، أشاد خلالها بحجم المساعدات التي قدمتها الشقيقة الكويت، حينما خصصت 200 مليون دولار لتخفيف المعاناة الانسانية ببلاده، مبينا ان الكويت هي الدولة العربية الوحيدة التي مدت يد العون للعراق في هذا الظرف الحساس.
وأشار العبادي، إلى أن «الطائفية هي التي تغذي التوتر وتؤجج الاوضاع في المنطقة من خلال اطراف في المنطقة» مبينا ان هذا الدور «يسهم في تعزيز حضور داعش الذي لا يضم عراقيين بل جميعهم ارهابيون اجانب».
وتوقع رئيس الوزراء اندحار عصابات «داعش» من العراق هذا العام، من خلال خطة جيدة ستتضافر فيها جهود الاطراف العراقية المختلفة لاستعادة مدينة الموصل.
واشار الى ان العراق يقوم بدور مهم لمنع انتشار تلك العصابات المتطرفة في المنطقة، منتقدا «السماح لهذا التنظيم بالظهور في سوريا والسماح له بأن يكون قويا ليقتحم العراق ويسيطر على بعض المناطق فيه بأفكار متطرفة».
تراجع واردات العراق
كما عد رئيس الوزراء، خلال مقابلة صحافية، التراجع الكبير بأسعار النفط يجعل من مهمة محاربة «داعش» أصعب، عازياً السبب الى التكاليف المرتفعة التي تدفعها الدولة في سبيل التجهيز والتسليح وتمويل العمليات، لاسيما ان ما يتبقى للعراق هو 13 دولارا عن كل برميل نفط يتم بيعه، بعد استقطاع تكاليف الاستخراج.
واشار العبادي، الى ان «التراجع الكبير في أسعار النفط العام الماضي وهذا العام أثر كثيرا في اقتصاد البلاد» ولفت رئيس الوزراء، الى صعوبة «الوضع الاقتصادي هذا العام، كما كان صعباً العام الماضي، الذي تم خلاله احتساب سعر برميل النفط بـ 57 دولاراً، لكننا لم نحصل في نهاية المطاف إلا على 45 دولاراً للبرميل» مبينا ان موازنة هذا العام بنيت على اساس سعر برميل يبلغ 45 دولارا، لكننا نبيعه حالياً مقابل 23 أو 24 دولاراً للبرميل، مستقطعة منها اجور الشركات العالمية التي تقوم باستخراجه».
تحقيق انتصارات
ورغم الواقع الاقتصادي الذي يمر به العراق، بيد ان العبادي استعرض خلال المقابلة الصحافية، حجم الانتصارات الكبيرة التي يحققها ابطال القوات المسلحة في مختلف قواطع العمليات على عصابات «داعش».
وقال رئيس الوزراء: « نحرز حاليا النصر على داعش، وقد تمكّنا من تحرير أجزاء كبيرة من سيطرة تلك العصابات، وعناصره باتوا هاربين حالياً وقد هُزموا في مناطق عديدة».
وبين العبادي «من الواضح أنّ داعش بات يفقد زخمه، وخلال الأسبوع أو الأسبوعين الماضيين لاحظنا أنه خفض الرواتب التي يدفعها للإرهابيين، وهذا يعني أننا ننتصر عليه ونوقف تمويله».
وقال: «للأسف داعش كان يحصل على الأموال من مكان ما، وليس جميع الناس موحدين في وقف عمليات التهريب من قبل داعش والتمويل الذي يحصل عليه، لكننا نحقق النتائج المرجوة، غير أنّ التراجع الكبير في أسعار النفط العام الماضي وهذا العام أثر بنا كثيراً، ورغم ضرورة ادامة زخم المعركة في حربنا ضد داعش، يجب ان نحافظ على استدامة اقتصادنا.
إنجازات حكومية
وأوضح رئيس الوزراء في المقابلة الصحافية، الحجم الكلي الذي كان يعتمده العراق على الايرادات النفطية في دعم ميزانياته السنوية، لافتا في الوقت ذاته الى ان الحكومة انجزت مجموعة من الإصلاحات التي سجلت نجاحا واضحا، مشيرا الى ان تلك الاصلاحات تضمنت خفض الإنفاق الحكومي بقدر كبير، مؤكدا ان ذلك الخفض في الانفاق سيسهم بشكل فعلي في تراجع حالات الفساد.
والمح رئيس الحكومة، الى ان «الكثير من الفاسدين باتوا يسعون الى عرقلة جهود الحكومة الاصلاحية» مؤكدا ان هؤلاء لم ينجحوا حتى الآن، ومتمنيا في الا يتمكنوا من النجاح.
وقال العبادي: ان العراق يخوض اليوم ثلاث حروب، الاولى مع داعش، والثانية مع الفاسدين، والثالثة على الجبهة الاقتصادية، ونبذل جهوداً كبيرة في خوضها».
وعن الدعم الدولي المطلوب للعراق قال العبادي: كنا في الماضي نحتاج إلى ثلاثة أشياء «التدريب والأسلحة والدعم الجوي» وحالياً لدينا مطلب رابع هو الدعم الاقتصادي، مشيرا الى ان العراق ليس بحاجة إلى أموال نقدية، وإنما يحتاج إلى تسهيلات إضافية، فالبلد يتمتّع بإمكانيات هائلة «ولن يفلس» لاسيما انه يحتوي فضلا عن الانتاج النفطي، على الكثير من الفرص، مؤكدا ان العراق سيكون بوضع أفضل بكثير في المستقبل مقارنة مع الآن، وهذا ما نتطلع إليه حالياً، ونحن نحصل على بعض الدعم لكننا نتوقع المزيد من الدعم، وآمل من خلال اتصالاتنا هنا وفي أماكن أخرى أن نحصل على هذا الدعم.