تواصل تذبذب سوق النفط
شهدت أسعار النفط تقلبا حادا منذ بداية العام، لاسيما هذا الأسبوع.حيث تخضع سوق النفط عالمياً في وقتنا الحاضر لتحديات عدة دفعت بأسعارها لعدم الاستقرار حتى على مستوى اليوم نفسه. فقد يكون تداولها على حال معين في سوق ما ويكون على عكس ذاك الحال في سوق أخرى، فمثلاً استقرت أسعار التعاقدات الآجلة في تعاملات فاترة يوم أمس الجمعة في الأسواق الآسيوية، بينما شهدت تذبذباً كبيراً في باقي أسواق المعمورة. علل مختصون استقرارها في آسيا لكون السيولة منخفضة بسبب عطلة السنة القمرية الجديدة التي تستمر معظم الأسبوع المقبل، بينما أرجع محللون تذبذبها في باقي الأسواق إلى الانخفاض الحاد في مستويات الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسة. وقد تصادمت سلسلة من المؤشرات المتفائلة مثل هبوط الدولار واحتمال إجراء محادثات لخفض الانتاج مع تقارير تميل للتشاؤم عن مخزونات أميركية قياسية من النفط الخام وارتفاع الانتاج وتباطؤ الاقتصاد العالمي. انخفاض مستويات الدولار مقابل العملات الرئيسة ساعد على ارتفاع أسعار السلع في الأسواق المالية وعمل على ارتفاع أسعار النفط بسبب العلاقة العكسية التي تربط بينهما كون الخام سلعة تسعر بالدولار. من جهة أخرى نجد أن التخوفات لا تزال متواجدة في الأسواق المالية من كون تخمة المعروض مستمرة في التأثير السلبي على مستويات الأسعار، خاصة مع تباطؤ في الاقتصاد العالمي بقيادة الصين، الأمر الذي ساعد على دفع أسعار النفط إلى التذبذب خلال تداولات أمس الجمعة في انتظار ما سيصدر عن الاقتصاد الأميركي بخصوص تقرير الوظائف عن شهر كانون الثاني. ومن الحقائق التي باتت معلومة عن حال سوق النفط عالمياً الدور السلبي لمنظمة “أوبك” وعدم فاعلية تأثير سياستها لادارة سوق الخام، فعلى الرغم من اجماع المختصين على كون التخمة هي أحد الأسباب الرئيسة في تدني أسعار النفط لم تتخذ أي اجراء يمكن ان تعيد التوازن للسوق، كذلك لم تتعاون في تحقيق اجتماع مع المنتجين من خارجها للخروج بتدابير مناسبة لمشكلات السوق. وفي مقال نشر في “شبكة الاقتصاديين العراقيين” قال الكاتب رشيد السراي : خلال السنوات الماضية كان لدور السعودية الأثر السلبي في عدم التنسيق بين دول المنظمة وهبوط مستوى تأثير المنظمة في القرار النفطي إلى أدنى مستوى، حالياً وبسبب زج أسعار النفط في المعادلة السياسية في حرب المحاور بما لا يخدم مصالح المنتجين، ودخول الولايات المتحدة الأميركية كلاعب رئيس في ذلك عبر التأثير في السعودية ومنتجين آخرين في أوبك وخارجها لإغراق السوق وعبر تغيير سياساتها النفطية، وبروز منافسين جدد للنفط كالنفط الصخري والرملي بعد انخفاض اسعار الاستخراج وبسبب دعم الحكومات كالولايات المتحدة للمنتجين، وتباطؤ الاقتصاد الصيني، وغير ذلك من الأسباب، كلها قادت إلى هبوط كبير لأسعار النفط دون أي جهد يُذكر من أوبك وحققت الولايات المتحدة من ذلك مكاسب بمئات المليارات وكذلك الدول التي تدير الصناعة النفطية للمشتقات النفطية وما ينتج عنها. وولد ذلك ضغطاً كبيراً على روسيا وإيران والعراق، وبالذات العراق لاعتماده الأساسي على النفط، بل إن ذلك أثر في السعودية نفسها لتسجل عجزاً في موازنتها لعام 2016 هو الأكبر في تاريخها. ويضيف السراي: كل ذلك ولتغير آليات العلاقة بين المنتجين والمستهلكين عمّا كان عليه الحال إبان تأسيس المنظمة وكذلك دخول المضاربين على خط تحديد الأسعار وكذلك تغير المعادلات الدولية السياسية فإن إعادة مراجعة عمل منظمة أوبك ضروري جداً. ومع وجود السعودية وبهذا التأثير فإن عملية المراجعة هذه قد تكون غير ممكنة عملياً لذا فإن إعلان موت المنظمة وتأسيس منظمة جديدة يصبح أمراً وارداً، تضم الأعضاء السابقين ما عدا السعودية وبعض دول الخليج وإضافة أعضاء جدد يعالجون نقاط الضعف التي كانت تعاني منها المنظمة ومنها تحكم كبار المستهلكين بها، وعدم وجود فاعل سياسي واقتصادي دولي قوي ضمن أعضائها. ويرى الكاتب ان ذلك يكون بإقصاء السعودية من المنظمة الجديدة أو تحييدها أو تنحيتها من زعامة المنظمة عملياً عبر إدخال لاعبين جدد، وإضافة كل من: روسيا ، النرويج والبرازيل، وغيرها من الدول بما يحفظ حقوق المنتجين، ولضمان تحكم أكبر بالسوق لأنه مع وجود هذه الدول ستكون نسبة المنظمة من الانتاج العالمي أكبر من النسبة الحالية حتى مع خروج السعودية. علماً أن كلاً من أذربيجان وعُمان أبدتا رغبتهما منذ فترة في دخول المنظمة، كما أن روسيا تلمح منذ فترة على أن من أخطاء أوبك عدم إدخال روسيا فيها وأن بإمكانها أن تلعب دوراً كبيراً في أسعار النفط. ويواصل السراي: بوجود كل من روسيا وإيران وقطر، كأكبر منتجين للغاز الطبيعي، يمكن أن تكون المنظمة خاصة بمنتجي النفط والغاز وليس النفط فقط. ويدعو أيضاً لتأسيس سوق خاصة بالمنظمة وإصدار عملة خاصة لضمان عدم تحكم المضاربين بأسعار النفط.