
بغداد ـ جنان الاسدي
كان «حسين محمود 15 عاما» جالسا وهو يتكئ على حائط احد المنازل هربا من اشعة الشمس اللاهبة بانتظار الركاب في منطقة الاولى بمدينة الصدر ليقلهم بـ(التوك توك).
ويقول حسين، وهو يشير بفخر الى دراجته التي ركنها جنبه: «العمل على هذه الدراجه مكنني من توفير لقمة العيش لعائلتي، لاسيما بعد عناء في ايجاد فرصة عمل دون جدوى».
توفير لقمة العيش
واضاف ان «العمل ليس كثيرا، لكنه جيد الى حد ما، وبمعدل 25 ألف دينار يوميا، يذهب 15 ألفا منها الى صاحب (التوك توك)، والباقي اعيل به عائلتي المكونة من تسعة افراد».
واتجه بعض الشباب مؤخرا، الى العمل كسائقين لـ(التوك توك)، وهي دراجة هندية الاصل لها ثلاث عجلات مع مقعد يتسع لثلاثة اشخاص تعمل كسيارة اجرة صغيرة، وسرعان ما انتشرت خلال الآونة الاخيرة لرخص ثمنها مقارنة باسعار سيارات الاجرة، فضلا عن قدرتها على المناورة وسط الشوارع التي تكون في العاده مزدحمة بالسيارات.
ظروف معيشية صعبة
ويؤكد حسين، وهو يزفر حسرة طويلة، «لم اتمكن من اكمال دراستي بسبب ظروفي المعيشية القاسية، ما دفعني الى التوجه الى العمل كسائق (توك توك)، الذي لم يكن بالتأكيد حلمي في الحياة، فقد كنت من الأوائل في الدراسة».
ويبتسم بأمل «حلم اكمال الدراسة والذهاب الى الجامعة لم يفارقني ابدا لاتوجه بعدها للبحث عن فتاة احلامي».
واكمل حسين، حديثه بنبرات جدية، «العمل على هذه الدراجة، يتطلب تركيزا عاليا في القيادة خوفاً من التصادم بسيارة او مواطن، وفي حال حدوث ذلك فيتوجب دفع مبالغ مالية لاصلاح الاضرار التي عادة ما تكون كبيرة بقيمة قد تعادل ما جمعته لأسابيع او اشهر».
توفير الوقت
وبين ان «الاجرة مقابل التوصيلة الواحدة بـ(التوك توك) داخل المدينة، تتراوح بين 1000 الى 2000 دينار، وتزيد الاجرة مع زيادة المسافة وهي تقل بكثيرعن سيارات التاكسي، فضلا عن تمكن الدراجة من السير في الازقة الضيقة التي يصعب دخول المركبات اليها، فضلا عن توفيرها الوقت فهي لاتستغرق سوى دقائق للوصول الى المكان المطلوب، ما جعلها وسيلة نقل مرغوبة».
العمل كسائقين
اما (كرار رسيل 22 عاماً) ويعمل سائقا بمنطقة الداخل في مدينة الصدر، فعد العمل كسائق لـ(التوك توك) انقاذاً بالنسبة اليه، مضيفا بالقول: «كنت عامل بناء وهي مهنة شاقة تبدأ منذ السادسة صباحاً الى الرابعة عصراً، مقابل 25 ألف دينار، وهو ذات المبلغ الذي يدره عملي كسائق لـ(التوك توك)، لافتا الى ان «غالبية الذين يعملون على (التوك توك) ليسوا مالكيها بسبب سعرها المرتفع بالنسبة للغالبية العظى من الشباب الذين لا يمكلون عادة ربع ثمنها، ما يضطرهم للعمل
كسائقين لها».
واردف، بقسمات تشي بالحسرة «اعمل جاهداً من اجل توفير لقمة العيش واستمرار اخي (حسوني) في دارسته وتحقيق حلمه في الحصول على شهادة دراسية تمكنه من ايجاد فرصة عمل لائقة، وانا اعتبر (التوك توك) منقذا لي ولعائلات كثيرة تعتاش على واردها يوماً بيوم».
وسيلة نقل سهلة
(قاسم غنتاب) وهو احد اصحاب محل لبيع (التوك توك)، اشار الى ان «سعرها يتراوح بين 2500 الى 2800 دولار، وتتميز بصغر الحجم وقلة استهلاك الوقود، كما انها غير ملوثة للبيئة، فضلا عن قلة حوادثها وشكلها الحضارى الذي يميزها عن سائر المركبات بالاضافة الى انها افضل وسيلة للمسافات المقطوعة الطويلة».
اختلاف الاراء
اما المواطن (زاهر عبد دهش) فقد اكد بالقول: «(التوك توك) وسيلة مريحة وسهلة الحركة تصل الى الاماكن التي يصعب الانتقال اليها بالمواصلات الاخرى كبيرة الحجم كما انها توفر الوقت والمال»، مطالبا بان «تتواجد فى شوارع العاصمة كافة وعدم تحديدها بمناطق معينة، كمدينة الصدر، كونها تسهم في حل ازمة التزاحم التي تشهدها شوارع بغداد، فهي وسيلة مواصلات سهلة الحركة وسط شوارع المدينة المزدحمة».
اما المواطن (جاسم فدعم) فقد ابدى استياءه من (التوك توك)، موضحا «بصراحة انا اعتبرها وسيلة مواصلات غير حضارية، كما انها مصدر ملوث للبيئة الى جانب الملوثات الاخرى، فضلا عن انها مصدر ازعاج نظرا للارتفاع الشديد فى صوت المحرك»، داعيا الجهات الرسمية الى استبدالها بوسائل نقل حديثة وغير مضرة بالبيئة، لاسيما في المحافظات السياحية كمحافظتي كربلاء المقدسة والنجف الاشرف.