عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

الابتهاج بالنصر.. لحظات تفكر وتأمل في مستقبل العراق

الاخبار 16 يوليو 2017 0 208
الابتهاج بالنصر.. لحظات تفكر وتأمل في مستقبل العراق
+ = -

 

19 views مشاهدةآخر تحديث : الأحد 16 يوليو 2017 – 8:51 صباحًا
 

تيم آرانغو/عن صحيفة نيويورك تايمز انتهت المعارك في الموصل، واللافتات العريضة في الشوارع تحمل منذ الآن دعوات الحكومة لأهالي المدينة بـ “طي صفحة الماضي” ونسيان ارهاب “داعش” وارهابييها، وعندما زار رئيس الوزراء حيدر العبادي المدينة لكي يعلن النصر ويدعو الى التوحد نزل اهالي الجانب الشرقي، الذي نعم بالأمن والسلام منذ مدة، الى الشوارع وهم يرقصون ويلوحون بالعلم العراقي، بعضهم دعا الى التآخي بين السنة والشيعة وهتف آخرون: “بالروح .. بالدم .. نفديك يا عراق”. كانت لحظة حق للعراق فيها ان يبتهج بعد معارك دموية قاسية استمرت لما يقارب التسعة اشهر ضد إرهابيي “داعش”، ولكن رغم تأجج جذوة الامل بوحدة وطنية جديدة بدا النصر الذي حققته الحكومة العراقية في الموصل والاسئلة المعلقة بشأن ما سيليه، مثل فصل آخر من قصة العراق الطويلة التي تتكشف فصولها تباعاً.

عودة النازحين اشد الامور الحاحاً الآن يتمثل في عودة مئات ألوف النازحين المدنيين الى مناطقهم، ولكن الجهات المختصة تشير إلى أن استمرار التوترات التي تعرقل مساعي توحيد البلد؛ حالت دون إعادة النازحين في بعض المناطق في نينوى إلى مناطقهم المحررة. تقارير الماضي، التي اكثرت من الحديث عن احتقان الاوضاع بين الحكومة والاهالي في هذه المناطق، سمحت للانقسامات بالاستمرار والتجدد، ومع غياب جهود المصالحة الفعلية سوف يبقى اي تعثر في عملية إعادة الاهالي الى مناطقهم سبباً لاحياء قائمة الشكاوى والمظالم. آثار «الدواعش} بالنسبة لأهالي الموصل هناك ايضاً الآثار المتخلفة عن العيش تحت ظل “داعش”، وثمة شكوك ومخاوف عميقة لديهم بخصوص ما يمكن ان يصيبهم في المرحلة المقبلة. تقول انتصار الجبوري، وهي عضو في البرلمان عن مدينة الموصل: “اهالي الموصل يحتاجون الى برامج طويلة الأمد في العلاج النفسي واعادة التأهيل، لقد فقدوا افراداً من ذويهم وتعرضوا للتعذيب والضرب على يد “داعش” لأتفه الاسباب”. تعكر الاجواء مخاوف ايضاً من نشوب نزاعات بين الجماعات المختلفة التي شاركت في قتال “داعش” تنافساً على السلطة، في حين يضع كثيرون من ابناء المجتمع الموصلي نصب اعينهم مسألة الانتقام من جيران لهم كانوا يقدمون المساعدة والدعم لـ “داعش”.

وحدة العراق من جهة اخرى يتحرك الكرد، الذين يديرون منذ التسعينيات شؤون منطقتهم من خلال الحكم الذاتي، تحركاً سريعاً لاجراء الاستفتاء على الاستقلال في شهر ايلول المقبل رغم دعوات الدبلوماسيين الاميركيين لهم بالتريث. هكذا يعود الى السطح مع انتهاء معركة الموصل، ورغم استمرار سيطرة “داعش” على مناطق اخرى في البلد، سؤال جوهري مهم بقي يتكرر منذ قيام دولة العراق الحديثة المتعددة الطوائف والاعراق من رماد الحرب العالمية الاولى: هل بمقدور هذا البلد ان يبقى موحداً متماسكاً؟ لقد اثبت العراقيون من خلال الثمن الكبير الذي دفعوه بأرواحهم وممتلكاتهم انهم قادرون على دحر “داعش” عسكرياً، ولكن هل يمتلكون القدرة على التصدي للتحديات السياسية والحفاظ على تماسك بلدهم او تسليط الضوء على قضية الموصل او اعادة النازحين الى مناطقهم؟ تلك مسألة اخرى مختلفة تماماً. يقول جبار ياور امين عام البيشمركة، الذي شارك رجاله في المراحل الاولى من معركة الموصل في الخريف الماضي: ان البيشمركة تقاتل “داعش” عسكرياً فقط في الوقت الحاضر، اما بالنسبة للسياسات وادارة المنطقة “فليست هناك خطة بعد”، كما يقول. الجبهة السورية المشتعلة بعد ذلك لدينا سوريا. فالحرب الاهلية التي اشتعلت على الجانب الاخر من الحدود كانت من بين العوامل الاساسية في نشوء “داعش” بعد القضاء على سلفها “تنظيم القاعدة في العراق”، هذه الجماعة تمكنت من التمدد داخل سوريا قبل ان تعبر الحدود في 2014 وتستولي على الموصل، يقول المسؤولون: ان آمال تحقيق السلام والاستقرار في العراق تبقى ضعيفة ما لم يحل السلام في سوريا. يقول رئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي في مقابلة اجريت معه خلال هذه السنة: “سوريا والعراق مرتبطان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً، وإذا ما بقيت الاوضاع قلقة في سوريا ستبقى الاوضاع في العراق ايضاً قلقة”. بوجود كل هذه الاسئلة الكبيرة المعلقة يصبح تحقيق الاستقرار سريعاً في الموصل تحدياً جباراً، لاسيما جانبها الغربي، فالقتال الذي دار في الموصل احالها الى مدينتين يفصل بينهما نهر دجلة، الجانب الغربي أرض مهجورة يسود فيها اللون الرمادي ومبان دكت الى الارض وسيارات مقلوبة محترقة، ولكن ما أن تعبر الجسر الى الجانب الآخر حتى تجد فجأة عالماً آخر يزهو بالاضواء والالوان، حيث المحال والمطاعم مفتوحة واصوات الزحام في الشارع تسمع عالية.

خطاب النصر طيلة يوم الاثنين الماضي؛ كان تلفزيون “العراقية” يبث الاغاني الوطنية التي تشيد بالقوات الامنية، وفي وقت لاحق من المساء ظهر تنبيه عاجل مفاده ان العبادي سوف يلقي خطاباً “تاريخياً” بين جنوده، مرة اخرى ظهر رئيس الوزراء ليعلن تحقيق النصر في الموصل قائلاً: “العراق اليوم اكثر توحداً من اي وقت مضى”، ثم اعلن ان يوم الثلاثاء سيكون عطلة وطنية للاحتفال بالنصر، وفي سماء الموصل ظهرت الطائرات العراقية والقت ثلاثة ملايين منشور على مدينة لا يزال كثير من اهلها خارجها، يظهر المنشور خارطة الموصل ملونة بألوان العلم العراقي، الاحمر والابيض والاسود، مع رسالة تقول: “لقد اعيدت الموصل الى حضن العراق”. * ترجمة / انيس الصفار

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار