في متابعة لا تحتاج الى النظر الفاحص من قريب ولا تحتاج كذلك الى اختصاص نادر في قراءة الطالع لما جرى ويجري على ساحة القتال في مناطق نينوى، وما بعدها تلعفر والعياضية، بين أبناء القوات المسلحة الوطنية من جهة والدواعش الأعداء من جهة أخرى، إذ يرى الناظر أو المتابع بسهولة ويسر أن الوضع في الوقت الراهن وبعد انتصارات متلاحقة حققتها تلك القوات على العدو أن المبادءة قد انتقلت في ساحة المعركة الى صالح القوات الحكومية وبجدارة، وأصبحت القيادة العسكرية تتحكم بالوقت ومكان الضربة القادمة التي ستكون أقسى من سابقاتها بكثير، ويرى الناظر في الوقت نفسه أن العدو ينكسر معنوياً إذ سجلت حالات هروب تعد بالجملة وحالات تسليم أيضاً بالجملة، وهذه تحصل لأول مرة على وجه التقريب، بعدما عرف عن العدو سابقاً شدة عناده في القتال واصراره على البقاء في المكان حتى النفس الأخير. ان الوضع في معركة تلعفر وما بعدها على وجه التحديد قد تغير، وبما ينبئ الى احتمالات أن تكون المعركتان الرئيستان القادمتان في قاطع الساحل الأيسر للشرقاط ثم الحويجة ومحور راوة وعنة والقائم ثم عكاشات معركتين سهلتين من الناحية العسكرية، كذلك ستكونان سريعتين، ينهزم فيهما العدو بوقت سيكون قياسياً وسيكون وقع الضربات النفسية على جهازه العصبي شديداً جداً.. وقعٌ يمكن أن يمهد الى نهايته في عموم العراق، الا من جيوب هنا وهناك ستعمل تحت الأرض منتظرة سنوح الفرصة التي تحسبها قد تأتي مستقبلاً. لكن عمل العدو تحت الأرض ومدى سنوح الفرصة وشدة التأثير في الأمن والاستقرار سيكون مرهوناً بسلوك المجتمع العراقي. فالمجتمع على سبيل المثال بحاجة لأن يعاود النظر في تصرفات، يمكن أن ينتج عن بعضها الاحتقان والعدوانية التي تصب في ديمومة الفعل الارهابي، ومواقف الحكومة وقراراتها وسرعة ردود فعلها وطبيعة ادارتها للمجتمع وسبلها في التعامل مع التجاوز والخطأ والسير حثيثاً في طريق العدل والمساواة كفيل في تحجيم مشاعر العداء بالضد منها والمجتمع التي حسبت مشاعر يستفيد منها العدو في نشاطاته الارهابية تجنيداً وتنفيذاً. ان العراق اليوم وهو في آخر خطوة للقضاء على الارهاب بحاجة الى اعادة النظر في كثير من الأمور، وبحاجة لان يعيد انسانه التقييم لذاته وآرائه وافكاره ليقترب من الوسط الذي تلتقي عنده كل الأطراف وبما يسمح بسير مركبة اعادة البناء والاستقرار الى الأمام دونما عقبات.






