عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

ما بعد الاستفتاء.. سياسات أم صراع إرادات؟

المقالات 29 سبتمبر 2017 0 231
ما بعد الاستفتاء.. سياسات أم صراع إرادات؟
+ = -

 

 
ما بعد الاستفتاء.. سياسات أم صراع إرادات؟
عــلــي حــســن الفــواز

صراع الارادات وصراع المواقف قد يكون عنوانا مثيرا لما نعيشه من وقائع سياسية واقتصادية وحتى ثقافية، فبقطع النظر عن وجود المشكلات القديمة في المنطقة، إلّا أن اخضاعها لمنطق هذا الصراع، ولمهيمنات القوة، ولسياسة فرض الأمر الواقع  هو ما يجعلها أكثر جدلا،  وأكثر تورطا مع تداعيات الأقلمة والتدويل.

لا يمكن قراءة (الاستفتاء الكردي) خارج هذا المُعطى، وفي سياق ماتحاول الولايات المتحدة الأميركية التعاطي مع نتائجه، ومع ما يمكن أن يفرضه على الأرض، فلا أحسب أنّ سياسيي كردستان قد أقدموا وبقوة على إجراء هذا الاستفتاء دون وجود ضوء اميركي خفي، رغم الاعتراض العلني لوزارة الخارجية، أي أنَّ الوجه الدبلوماسي الأميركي الناعم هو الذي كان يُبدي الاعتراض مقابل صمت الجهات الأمنية، وغموض حساباتها واجراءاتها. من الصعب تحديد مايمكن أنْ يحدث بعد الاستفتاء، فموضوع (الإنفصال) و(تقرير المصير) كما يسمى في الادبيات الكردية، قد يكون غير واقعي، وسيدخل المنطقة برمتها في صراعات لا تنتهي، لكنه سيضمن لزعماء اقليم كردستان هامشا رمزيا وشعبويا، وحتى سياسيا لفرض مزيدٍ من الشروط والمطالب، وصولا الى مطلب الاستقلال واعلان الدولة، وهذا ما يحتاج الى جملة من الاجراءات والتوافقات الدولية والاقليمية، لكن الأخطر ما في الموضوع هو انعكاسات نتائج الاستفتاء على الداخل العراقي،  إذ  ستكون هناك كثير من الاجراءات التي قد تمسّ جوهر العملية السياسية الفيدرالية، ومراجعة طبيعة مشاركة السياسيين الذين تنصلوا عن التزامهم بالدستور الضامن لوحدة العراق، وهو مايعني خروجهم عن الارادة الوطنية وانحيازهم لنزعاتهم القومية والمناطقية، فضلا عما يمكن أنْ يحدث من اجراءات اقتصادية وعسكرية، والتي ستكون لها آثار كبيرة على الناس في محافظات اقليم كردستان.

العسكرة والعزلة والمواقف الدولية قد يكون الخيار العسكري مُستبعدا، لكن الأوضاع الأمنية في المناطق المتنازع عليها في كركوك وفي بعض مناطق ديالى وصلاح الدين ونينوى قد تكون عرضة لخروقات وتجاذبات بين مكوناتها الاثنية، أو من خلال اجراءات قد تتخذها الحكومة الاتحادية، بوصف هذه المناطق مازالت تابعة لهذه الحكومة، وأنّ مؤسساتها والعاملين فيها خاضعة لاجراءات عملها على مستوى الادارة والرواتب وسياقات العمل، وهو مايعني وقوعها في مشكلات العزلة الخطيرة، التي ستهدد سلمها الأهلي ونمط معيشتها، فضلا عن تورطها  في تجاذبات سياسية وصراعات داخلية من الصعب السيطرة عليها. من أخطر تداعيات هذا الصراع هو أقلمتها، الذي سيدفع  باتجاه تضخيم نزعات قومية وطائفية، وهو ما بات واضحا في خطب زعماء اقليم كردستان، والذي سيدفع الفضاء الاقليمي الطائفي أصلا نحو ممارسات اعلامية وفقهية تشتغل على توتير وتأزيم الواقع السياسي، وكأنّ هناك قوى(مخابراتية) لها أجندات محددة، وتعمد الى صناعة المزيد من الأزمات للعراق الجديد، ليس لتعويق تنميته فقط، بل لإغراقه في صراعات طائفية واثنية معقدة، وحتى تعطيل عمليته السياسية وتحت يافطات غريبة، والذي سيدفع لتدخلات خارجية اقليمية ودولية، وهو مانراه واضحا في  التصريحات الرسمية للحكومات التركية والايرانية، وسط برود أميركي مثير للجدل، حتى يبدو وكأنّ اليد الاميركية واضحة التدخل في كل ما يجري من صراعات، ومن اندفاع غير مسبوق لزعماء اقليم كردستان لاتهام الحكومة العراقية الاتحادية بالطائفية وبخرق الدستور، وغيرها من النعوت غير الواقعية، فضلا عن التهديد بالانفصال وسط رفض دولي باستثناء التأييد العلني لاسرائيل، الذي يكشف عن معطيات عن مستقبل(الدولة الكردية) المُستفتى عليها، وماهو دورها في المنطقة؟ وهل ستقود الهيمنة القومية فيها الى ديمقراطية مفترضة، أو الى أمن اقليمي حقيقي وواقعي؟ وكيف لها القدرة على معالجة المشكلات المفتوحة والآخذة بالتضخم؟ هذه الأسئلة ستكون أمام الجميع، وعند حافة كل الصراعات التي مازالت تشتعل في المنطقة، والتي ستدفع نحو تدخلات دولية كبرى  عسكرية أو سياسية أو اقتصادية، وهو مايعني  المزيد من الحروب والضحايا.

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار