رئاسة الجمهورية تنفي نقل شروط من بغداد للقيادة الكردية
نفت رئاسة الجمهورية أمس السبت، تقارير صحفية تحدثت عن نقل الرئيس فؤاد معصوم رسالة أو شروطا من الحكومة العراقية إلى القيادة الكردية في إقليم كردستان العراق، خلال زيارته الحالية إلى محافظة السليمانية. وبينما أعلن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الوزراء حزمة “ثوابت وطنية” يجب أن تلتزم بها إدارة الإقليم من أجل بدء الحوار، كشف القيادي الكردي المخضرم برهم صالح عن موافقة سلطات الإقليم على “تجميد نتائج الاستفتاء” اللاشرعي، الا ان مصدرا حكوميا اكد ضرورة الالغاء لبدء الحوار. يأتي هذا في وقت دعا فيه نائب رئيس الجمهورية اياد علاوي الى لقاء “وطني عاجل” لنزع فتيل التوتر بين أربيل وبغداد، والدخول في أجواء الحوار والمفاوضات لحل الخلافات والقضايا العالقة بين الجانبين من بينها قضية المناطق المتنازع عليها.
لا رسائل أو طلبات وقال المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية في بيان تلقته “الصباح”: إنه ينفي “نفيا قاطعا أنباء صحفية زعمت أن رئيس الجمهورية فؤاد معصوم يحمل رسالة أو طلبات أو شروطا من الحكومة العراقية أو أي جهة رسمية أو شبه رسمية إلى قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني أو حكومة إقليم كردستان العراق خلال زيارته الطارئة إلى السليمانية”. وأضاف البيان الرئاسي، أن “الزيارة المذكورة تهدف إلى بحث تطورات الأزمة الراهنة لبلورة الحلول العاجلة، التي تضمن تجنيب بلادنا وشعبنا المخاطر وضمان البحث عن حلول سلمية عبر العودة إلى التفاهم والحوار بين أبناء الشعب الواحد”، مشيرا إلى أن “رئيس الجمهورية يمتلك أفكارا وتصورات بناءة خاصة في هذا الشأن”. وكانت وكالات محلية ودولية ذكرت أمس الأول الجمعة، أن رئيس الجمهورية فؤاد معصوم سلم القادة الأكراد مطالب رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بشأن محافظة كركوك، ونشرت تلك الوكالات 6 مطالب زعمت أن معصوم نقلها عن العبادي بشأن المحافظة. إلى ذلك، أعلن القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي، عقد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم اجتماعا مهما مع قيادات الاتحاد عصر أمس السبت لمناقشة تطورات أزمة الاستفتاء والاوضاع الأمنية في كركوك، وأكد السورجي، “استقرار الاوضاع الأمنية في المناطق المتنازع عليها”، لافتا إلى أنه “لا توجد اي أزمة حاليا بين الحشد الشعبي والبيشمركة”. من جانبه، نفى المتحدث باسم الاتحاد الوطني الكردستاني، سعدي أحمد بيره، إرسال وفد إلى بغداد، بهدف إجراء المفاوضات بخصوص أزمة الاقليم، وقال بيره حسب تصريحات صحفية تابعتها “الصباح” أمس السبت: “نواصل جهودنا لتهدئة الأوضاع عبر كافة السبل، لكن ليس هنالك أي قرار لإرسال وفد إلى بغداد لإجراء المفاوضات”.
ثوابت وطنية بدوره، اشترط المتحدث باسم المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، حزمة “ثوابت وطنية” لبدء حوار مع إقليم كردستان وحل الأزمة. وقال المتحدث الحكومي سعد الحديثي في تصريح صحفي: إن “الحوار مفتوح مع إقليم كردستان، منذ أن أعلن الأخير نيته إجراء الاستفتاء اللاشرعي، وحينها ذكرت الحكومة الاتحادية بصورة شبه يومية الدعوة إلى التحاور”. وأضاف الحديثي “لكنهم (أي مسؤولي حكومة الإقليم) صموا أذانهم بطريقة كاملة، ولم يعيروا دعواتنا المسؤولة والوطنية هذه أي اهتمام، وبعدما أجروا الاستفتاء يريدون أن يعودوا إلى الحوار”. وتابع ان “أبواب الحوار لم تغلق، لكن الحوار يجب أن يكون مبنيا على أسس واضحة وراسخة، حتى لا ننجر إلى متاهات حوار غير مجد، وغير بناء يسعى ربما إلى ترحيل الأزمة وتأجيلها، أو ربما للخروج من المأزق بالنسبة للحكومة في الإقليم بعد الأزمة التي وضعت نفسها فيها بإجراء الاستفتاء خلافا للدستور”، وأضاف، “نحن نقول إذا ما أرادت حكومة الإقليم بالفعل أن تتجه إلى خوض حوار بناء صحيح، عليها أن تقدم جملة ثوابت وطنية لا يمكن لأي حوار أن يجري إلا بالاستناد اليها وهذه المتبنيات هي: الإقرار بوحدة العراق، وبالسيادة، واحترام الدستور العراقي والسيادة الوطنية العراقية على كل أراضي البلاد ومن ضمنها الواقعة في الإقليم، وأيضا عد الدستور سقفا للحوار”. وزاد المتحدث الحكومي بالقول: “كما يجب تكون مخرجات وأسس هذا الحوار ضمن أحكام الدستور ولا تتعارض معه، وأيضا أن تقر الحكومة المحلية في كردستان بالصلاحيات السيادية المعطاة دستورا للحكومة الاتحادية في ما يتعلق بملف التجارة الخارجية منها تصدير وبيع النفط من الحقول الواقعة في الإقليم أو كركوك، وبإدارة المنافذ الحدودية البرية والجوية من قبل السلطات الاتحادية”. ونوه الحديثي بان “هذه الأسس والثوابت، إذا ما أراد الإقليم بالفعل خوض حوار بناء وإيجابي ومثمر ومنتج فعليهم أن يستندوا اليها وعندها بالتأكيد ستكون أبواب الحوار مفتوحة، وبخلافها لا أعتقد هناك إمكانية للحوار”، وختم الحديثي مؤكداً: “لا حوار على الإطلاق بشأن استفتاء انفصال إقليم كردستان، ولا بحث في نتائجه لأنه مرفوض جملة وتفصيلا بالنسبة لنا”. تجميد الاستفتاء وفي موقف هو الأول من نوعه؛ أكد القيادي الكردي المخضرم برهم صالح رئيس تحالف العدالة والديمقراطية، ان السلطات في اقليم كردستان وافقت على تجميد نتائج الاستفتاء. وقال صالح في تصريح صحفي أمس السبت: ان “السلطات في اقليم كردستان وافقت على تجميد نتائج الاستفتاء الشعبي، لكن بغداد غير راضية وتطالب بإلغاء نتائج الاستفتاء”، وأضاف، ان “اقامة دولة كردية تحتاج الى حوارات مع الحكومة العراقية مرورا بالحكومات الاقليمية، والا فسيكون لدينا دولة مشابهة للدول غير الناجحة”. وتابع ان “المرجع الديني الاعلى السيد علي السيستاني كان قد اعلن مبادرة للالتزام بالدستور ووحدة العراق وكانت موضع ترحاب من قبل اقليم كردستان، لكن معظم الاطراف العراقية والاقليمية والدولية باتت الآن ترفض تعليق نتائج الاستفتاء لسنتين وانما تطالب بإلغاء نتائج الاستفتاء برمتها”. الا ان مصدرا حكوميا، قال امس: ان “اي حوار لا بد ان يجري تحت سقف ومرجعية الدستور، لاسيما بعد أن أصدرت المحكمة الاتحادية حكما ولائيا بعدم اجراء الاستفتاء”، مبينا ان “ذلك جعل اجراءه غير دستوري وبالتالي فان نتائجه ملغاة”. وأضاف المصدر ان “قيادات الاقليم رفضت سابقا اجراء الحوارات مع الحكومة الاتحادية تحت سقف الدستور وان موافقتها الان ان تجرى على اساس الدستور يعني بالضرورة والتلازم اعتبار نتائج الاستفتاء لاغية”، لافتا الى أن “اي حوارات مستقبلية لن تتناول اي شيء يتعلق بنتائج الاستفتاء”.
دعوات علاوي من جانب آخر، قال المكتب الإعلامي لنائب رئيس الجمهورية اياد علاوي: ان “دعوات الحوار التي اطلقها رئيس الإقليم والقيادات في الاتحاد الوطني الكردستاني والاخوة في “التغيير” والأخ برهم صالح، وكذلك تصريحات رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي التي رفض فيها الاحتكام للقوة لحل الأزمة الراهنة، تستدعي بدء الحوارات الثنائية وبحث المناطق المختلف عليها تحت سقف الدستور لنزع فتيل التوتر والوصول الى حلول عاجلة”. وأضاف بيان علاوي، “اننا ننتهز الفرصة اليوم لنؤكد ضرورة موازاة الحوارات الثنائية بين بغداد واربيل بلقاء وطني عاجل لوضع خارطة طريق واضحة لمستقبل العملية السياسية”، وتابع البيان: ان “المسؤولية التاريخية تتطلب من جميع الأطراف تحركاً عاجلاً لتهدئة الأوضاع ونزع فتيل التأزم والتوتر في ظل التحديات التي يعيشها ابناء شعبنا اليوم، وهو ما لن يتحقق الا وفق حوار حقيقي وشفاف ضمن اطار بناء عراق اتحادي ديمقراطي موحد وهو ما دعونا اليه بادئ الامر ونكرر دعوتنا له الآن”. وكان رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، دعا في بيان ليل أمس الأول الجمعة؛ الأطراف العراقية والمجتمع الدولي إلى التدخل لمنع نشوب حرب جديدة في المنطقة، وقال بارزاني في بيان: “نحن كحكومة إقليم كردستان ندعو سماحة السيد علي السيستاني وكافة الأطراف العراقية وكافة منظمات المجتمع المدني وداعمي السلم، الأمم المتحدة، الولايات المتحدة الأميركية، الاتحاد الأوروبي، الدول الأعضاء في التحالف الدولي ضد داعش، الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، والدول الإقليمية للعب دورهم بصورة عاجلة والتدخل من أجل إبعاد المنطقة عن حرب جديدة”، وعبّر بارزاني عن استعداد حكومته لـ”حوار بناء” من أجل حل حقيقي للمشاكل كافة بين الحكومة المركزية والإقليم، مجددا القول: “إننا على استعداد للحوار والتفاوض ولسنا مع اللجوء إلى الأسلحة لوضع الحلول”، بحسب تعبيره.






