عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

تحولات في الطريق الخطأ

المقالات 02 نوفمبر 2017 0 210
تحولات في الطريق الخطأ
+ = -

 

6 views مشاهدةآخر تحديث : الخميس 2 نوفمبر 2017 – 10:15 صباحًا
 
يــاســيــن طــه حــافــظ
 يبدو لي ان واحداً من اسباب اشتباك متاعبنا علينا وشراستها احياناً، وسبب صداماتنا ثم افتقاد الامن والسلامة، هو اننا ناس لا نحترم مفردات الحياة. وحين اقول مفردات الحياة لا اعني عناصرها الفيزيائية حسب ولكن كل اشياء الحياة، الإنسان وحريته والماء والزرع والحيوان والفضاء والبيئة كلها. عدم احترام الإنسان وحريته في التعبير عن نفسه كلاماً ، كتابةً، عملاً وتفكيراً …، أوجد تضادات لا عد لها. أوجد من بعد منازعات وحروباً. افادت من عدم احترام مفردات الحياة ، التكتلات النفعية وتكتلات القوى التي اصطنعها التطور ومذ غادر الإنسان فجر العالم. وهذا افسد علاقاته الاجتماعية، علاقات الالفة البشرية الاولى في مواجهة التهديد ، تهديد الحيوان او الطبيعة. كما اتلف استقلالية الفرد في طريقة عيشه وحتى تراجعت الالفة الإنسانية لتجد أخيراً انصاراً في التنظيمات. هذه اكثر تطوراً ولكنها اكثر انحيازاً أيضاً مما أدى الى عزل وازاحات ما عادت تقع ضمن مسؤولياتنا افراداً كما من قبل. التمدن ما استطاع ان يهذب هذا الاحساس التملكي والذي تجسد من بعد في اشكال من شبه “الرأسمالية” وقواها وايضاً الى تطور “اصناف” من الغربة بين الجماعات ، بل بين المدن والولايات والدول ان لم تكن عداوات. وما نشهده مما يشغل المشهد من اخبار هو بعض من ذلك. كما ان البيئة هي ايضاً كانت ضحية هذه الانتفاعات الخاطئة او الشريرة. الماء صار ملكية خاصة. استحوذت بعض القرى، بعض المدن، بعض الدول على الماء، على مصادره. هذا كان سبب نزاعات وهي تزداد كل يوم كما ان اهانة الإنسان للماء بهدره او تلويثه بعد ان كان يقدسه، افقدنا مصدر حياة ومصدر رضا. لذلك الحقنا ضرراً بالارض وبارواحنا. المدن تشكو من المياه الجوفية، تشكو من الماء الذي اهناه بالهدر فهرب منا الى جوف الارض. ما شكونا يوما من الماء المختزن في الصحارى فهو ينجدنا بين حين وحين، بقيةٌ من رحمة الله للإنسان. وحين اصل الى عدم احترام الزرع، شجراً وعشباً وادغالاً وحيوانات، حتى احتجنا الى محميات طبيعية، يتضح لنا كم اسأنا الى الطبيعة. وأنا في كييف يوماً وبضيافة صديق، كانت ساحة وقوف السيارات للمجمع السكني مكتظة بسيارات سكنة البنايات هناك. قلت لصاحبي لو اقتُلِعت هذه الشجرة لتوافر مكان لسيارتين او ثلاث فهي وسط فراغ من الجهتين. اجابني، ونحن نعرف الغابات الاوكرانية وكثافة الاشجار في المدن : “ماذا تقول؟ ممنوع قطع شجرة!” نعم ممنوع والمدينة اصلاً مبنية بين الاشجار وما تزال واضحةً بقايا الغابات. والغريب اني كنتُ ارى في الأمكنة المكتظة بالاشجار وعلى الارض الرطبة، النادر العجيب من الاعشاب والاحراش، بعضها مما ينبت في قرانا! نعم ، هو مثله لكن افضل نمواً ومعافى. مترفٌ هو ايضا وغير معتدى عليه. ومن جملة مربكات حياة الإنسان والحياة على الارض من بعد، اعتداءاتنا، او خبلنا الانحيازي، على تفكير الاخر، على معتقداته، التي ترسخت في قومه وورثها منهم. الصِدامات المذهبية و احترابات العقائد لطخت التاريخ البشري بدماء كثيرة. ولم تكن دمويات البلدان التابعة للرأسمالية او الشيوعية الا بعضاً من تلك الصِدامات. وهي التي ادت بهذا الطرف الدولي او ذلك، لتسخير دكتاتوريين يؤدون مهماتهم في المحق. هم أربكوا أنظمة الحياة وما ابقوا توازناً من أي نوع كان. هم لم يؤسسوا انظمة تمدن وعيش مهذب فيه احترام للافراد المختلفين ولكن اقاموا تنظيمات عداء تنتج اضطهادات ومجازر ثم افتقاد أمن وضياع فرص التقدم للجميع. هم بهذا الانحياز او هذه الكراهات او الاختلافات العقدية شلوا الحياة وبدلاً من ان تتقدم بعافية، نراها كلما تقدمت انهارت. وحين تقوم ثانيةً تُعاق مرةً ثانية. لو سلمت الحياة من منغصاتها لأتسع التقدم البشري وتضاعف وتنوع. ولأمن الناس جميعاً وعادوا لفجر الله الهادئ وغابت الدبابات وناقلات الصواريخ. وإذ عرضنا هذه القائمة من متاعب الإنسان وما يواجهه في الطريق الخطأ الذي يسير فيه، علينا ان نؤكد قبل ان ننتهي، ان علينا على الإنسانية، ان توقف، ان تتخلص من الخديعة البشرية التي تقوم على ان قسماً من البشر افضل جنساً او فكراً او اسوء من غيره. فهذه الخديعة اصابت التاريخ البشري بانواع من الجذام والحقارة تتحمل عقابيلها الاجيال. الثقافة مدعوة لفعل اصلاحي جديد فليس غير الثقافة حلاً.
شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار