عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

سيناء.. مجزرة الضمير لصالح المال

المقالات 27 نوفمبر 2017 0 180
سيناء.. مجزرة الضمير لصالح المال
+ = -

 

8 views مشاهدةآخر تحديث : الإثنين 27 نوفمبر 2017 – 11:48 صباحًا
 
مــحــمــد شــريــف أبــو مــيــســم

ثمة قول للفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكى، مفاده، ان” أسياد البشر هم أباطرة المال يزيفون وعي البشر ويعتبرونهم سلعة لابد أن تتوافق مع قوانين السوق”. والمطلع على حقيقة التشكيلة الاقتصادية السياسية التي تقود هذا العالم يدرك احالات هذا القول، في عالم يتحرك وفق الغرائز الرأسمالية، لا حدود فيه لنزعات الهيمنة والاستئثار على حساب النفس البشرية ، على الرغم من الطابع التسويقي الذي يلّمّع السلوك الراسمالي بأدوات الاعلام وبما يسمى منظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان. ولنا في أيامنا هذه أمثلة كثيرة، ليس ابعدها المأساة الانسانية التي لا مثيل لها في اليمن، والتي نسفت تاريخ الوجدان الانساني جوعا وأوبئة وتقطيعا ودمارا دون أن يتحرك ضمير سلطة المال وطغيانها. ولا أقربها الكارثة الانسانية التي حلت في سوريا ، فيما عاش شعبنا تفاصيل الوجع اليومي لمأساة سطوة رأس المال العالمي ومخرجاته الارهابية عن قرب ليتوافق مع قوانين السوق ويترك ادارة شؤون الحياة لسلطة المال . اليوم تلتهب منطقة أخرى من مناطق الشرق الأوسط استعدادا لتوافقها مع “قوانين السوق” كما يقول تشومسكي فبعد نحو شهر من الاعلان عن مشروع “نيوم” العالمي للاستثمار والذي سيمتد من تبوك الى سيناء مرورا بالعقبة تحت ادارة المخضرم في شؤون الادارة “كلاوس كلينفيلد” الذي عرف بعلاقاته الواسعة برجال المال الاسرائيليين جاءت مجزرة “بئر العبد” في سيناء والتي راح ضحيتها نحو 400 انسان برئ بين قتيل وجريح لتعلن عن بداية مرحلة جديدة في هذه الجزيرة ، مرحلة ستتخللها أعمال عنف ترقى لمستوى جرائم الحرب ،لتكون مدعاة للتواجد العسكري الكثيف بما يمهد لعزل هذه الجزيرة واعدادها لمشروع نيوم الذي بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي متحمسا له منذ لقائه مع الرئيس الاميركي ترامب في أيلول الماضي والذي أشار فيه الى استعداده ليكون شريكا مخلصا في مشروع “صفقة القرن”. وبحسب مسؤول اسرائيلي رفيع في تغريدة له على تويتر قال” وافقنا على مشروع مدينة نيوم في اجتماعنا مع ولي العهد السعودي شرط نزع أي التزامات أمنية سياسية سيادية لمصر والاردن على المنطقة المستهدفة بالمشروع “ ما يعني ان حقيقة نزع السيادة عن المناطق التي سيمتد بها المشروع وجعلها مناطق متعولمة يقتضي خلق الاشتباك بين فوبيا الارهاب والحلول الجاهزة ذات المردودات الاقتصادية على حساب انتزاع مفهوم السيادة من الوعي الجمعي تمهيدا لتسليمها ، فبعد جزيرتي تيران وصنافير المنزوعتي السيادة أصلا ، ستنتزع سيادة مصر والاردن عن سيناء والعقبة لتكون “نيوم” حلما افتراضيا للرخاء وفرص العمل لدى الحكومة المصرية، وواقعا عمليا يعزز الفرص الاستثمارية لاسرائيل مع جيرانها العرب في مجالات الطاقة والتكنلوجيا والسياحة ، ويمهد لها الشراكة الحقيقية مع حليفتها الولايات المتحدة الأميركية في ادارة مشروع الشرق الأوسط الكبير بأدوات اقتصاد المعرفة وباموال عربية، الأمر الذي يعني بداية مرحلة جديدة ،تكون فيها اسرائيل العظمى أقرب الى الواقع وهي تعيش بمأمن مع جيرانها العرب ، وهذا التصور للسيناريو الذي باتت ملامحه واضحة لدى القاصي والداني من المشتغلين في حقل السياسة والاقتصاد، يستحق أن يقوم لأجله الموساد الاسرائيلي بتجنيد ثلة من المتخلفين هنا وثلة هناك في داخل سيناء والمناطق المحاددة لها لارتكاب جرائم ارهابية تستهدف الأبرياء دون سبب منطقي وتستدعي اجراء تغيرات ديموغرافية في المنطقة بدعوى الخلاص من الارهاب أمام الرأي العام المصري الذي غالبا ما يتأثر بردود الأفعال العاطفية التي تجيد توظيفها وسائل الاعلام المجندة للعمل بهذا الاتجاه . وكل هذا الذي أشرنا اليه لم يأخذ حيزا من اهتمامات الضمير العربي في وسائل الاتصال الاجتماعي، فيما كانت زلة لسان الرئيس المصري خلال كلمته المتلفزة الذي قال فيها “سنستخدم القوة الغاشمة للرد على الارهابيين” محط اهتمام العقل العربي الذي غالبا ما ينشغل بظواهر الأمور ويترك بواطنها للذي غيبه عن الوعي الانساني.

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار